إطلاق مشروع لمكافحة الفساد في العراق

بتمويل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي

صورة للناشط المغدور إيهاب الوزني مرسومة على جدار وكتبت تحتها عبارة «أين قاتلي؟» في كربلاء (أ.ف.ب)
صورة للناشط المغدور إيهاب الوزني مرسومة على جدار وكتبت تحتها عبارة «أين قاتلي؟» في كربلاء (أ.ف.ب)
TT

إطلاق مشروع لمكافحة الفساد في العراق

صورة للناشط المغدور إيهاب الوزني مرسومة على جدار وكتبت تحتها عبارة «أين قاتلي؟» في كربلاء (أ.ف.ب)
صورة للناشط المغدور إيهاب الوزني مرسومة على جدار وكتبت تحتها عبارة «أين قاتلي؟» في كربلاء (أ.ف.ب)

أطلقت البعثة الأممية في العراق (يونامي)، أمس، مبادرة بقيمة 15 مليون يورو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بهدف مكافحة الفساد في العراق من خلال دعم الشفافية وتعزيز المساءلة في مؤسسات الدولة. وتأتي المبادرة الأممية – الأوروبية الجديدة بعد يومين من إعلان رئيس الجمهورية برهم صالح عن تقديم مشروع قانون «استرداد عوائد الفساد» إلى مجلس النواب، في خطوة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال العراقية المهرّبة للخارج وتقديم الفاسدين للعدالة، وكشف صالح عن أن «ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى خارج البلاد».
وقال بيان صادر عن البعثة الأممية في العراق وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «أطلقت اليوم (الاثنين) مبادرة بقيمة 15 مليون يورو تهدف إلى الحد من الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة العامة في العراق من خلال الشراكة بين بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسات الدولة الاتحادية وإقليم كردستان العراق».
ويعتمد المشروع طبقاً للبيان على «دعم مبادرات العدالة لمكافحة الفساد وتعزيز تسوية المنازعات التجارية على الجهود الوطنية العراقية لتعزيز الشفافية والمساءلة عبر مؤسسات الدولة ويدعم العراق للوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية فيما يتعلق بمكافحة الفساد». وكذلك «يهدف إلى تحسين الإطار التشريعي والاستراتيجي في البلاد لمكافحة الفساد ودعم قطاع العدالة لمعالجة جرائم الفساد بشكل أكثر فاعلية ودعم جهود تطوير المحاكم التجارية وآليات التحكيم، كما أنه سيمكّن المجتمع المدني العراقي من القيام بدور فاعل».
وتؤكد المنظمة الأممية، أن المشروع يدعم امتثال العراق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تمت المصادقة عليها عام 2008، ويسهم في خلق بيئة أكثر ملاءمة لجذب الاستثمارات الاقتصادية، ويؤدي بشكل أساسي إلى تحسين العلاقة بين المواطن والدولة والشفافية ورفع الوعي العام.
وعن الأنشطة التي سيقوم بها المشروع، ذكر البيان أنه سيركز على «دعم مؤسسات الدولة لمراجعة القوانين الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز مواءمتها مع المعايير الدولية وتوفير فرص التدريب والإرشاد المتخصصة حسب الطلب لمحققي الفساد وقضاة النزاهة».
وأشار البيان إلى اعتماد المشروع إلى التعاون الوثيق مع عدد من مؤسسات الدولة الاتحادية وإقليم كردستان بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى والمجلس القضائي لإقليم كردستان وهيئتا النزاهة الاتحادية والإقليمية ومجلس النواب العراقي ومجلس نواب إقليم كردستان ومكتبا رئيس الوزراء الاتحادي والإقليمي وكذلك منظمات المجتمع المدني العراقية.
ونقل بيان المنظمة الأممية عن سفير الاتحاد الأوروبي في العراق مارتن هوت قوله إن «مكافحة الفساد تتطلب جهداً مشتركاً وموحداً من الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والمجتمع العراقي اليقظ والمترقب على الدوام». ويعتقد هوت، أن «الاتحاد الأوروبي (عبر دعمه للمشروع) يقدم دعماً كبيراً لمؤسسات الدولة العراقية المكلفة في مجال النزاهة، كما يساعد هذا المشروع العراق على الوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية والاستجابة لآمال المواطنين العراقيين الواضحة لتخليص العراق من وباء الفساد».
وفي إشارة إلى المطالبات والاحتجاجات الشعبية العراقية الواسعة المطالبة بمحاربة الفساد، قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق زينة علي أحمد: «لقد خرج الشعب العراقي إلى الساحات للمطالبة باتخاذ إجراءات فعالة ضد الفساد وأصبحت أصوات المواطنين أعلى من أي وقت مضى ولا ينبغي تجاهلها بعد الآن». وذكرت أن هدف المشروع هو «تعزيز سيادة القانون واستعادة الثقة الشعبية في المؤسسات التي تخدمهم، من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة العامة عبر إصلاحات رصينة لمكافحة الفساد».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».