خلافات داخلية تُفشل تمرير «النواب» الليبي للميزانية مجدداً

استمرار تعطيلها يشل قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية

محمد المنفي يبدأ اليوم زيارة إلى نيجيريا للمشاركة في قمة حوض بحيرة تشاد (أ.ف.ب)
محمد المنفي يبدأ اليوم زيارة إلى نيجيريا للمشاركة في قمة حوض بحيرة تشاد (أ.ف.ب)
TT

خلافات داخلية تُفشل تمرير «النواب» الليبي للميزانية مجدداً

محمد المنفي يبدأ اليوم زيارة إلى نيجيريا للمشاركة في قمة حوض بحيرة تشاد (أ.ف.ب)
محمد المنفي يبدأ اليوم زيارة إلى نيجيريا للمشاركة في قمة حوض بحيرة تشاد (أ.ف.ب)

وسط خلافات داخلية وضغوط خارجية، أخفق أمس مجلس النواب الليبي بمقره في مدينة طبرق، مجدداً في تمرير الميزانية العامة للدولة، التي اقترحتها حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد دبيبة، بالإضافة إلى ملف التعيينات الجديدة في المناصب السيادية.
ولم يتمكن أعضاء المجلس مرة أخرى من حسم خلافاتهم المستمرة منذ بضعة أسابيع، وقرروا بشكل مفاجئ تعليق الجلسة إلى اليوم (الثلاثاء)، دون الوصول إلى أي قرار، باستثناء الموافقة بشكل جزئي على أحد بنود الميزانية.
وعوض إقرار الميزانية بشكل كامل، تم رفع الجلسة بالاتفاق على اعتماد الباب الأول للميزانية، الذي يشمل بند «المرتبات» بمبلغ 34.6 مليار دينار، على أن تشمل كل القوانين التي أصدرها مجلس النواب، مثل زيادة مرتبات المعلمين والشرطة، مقابل إلغاء بند الطوارئ، وتجميد بند التنمية في الميزانية.
وبعد وقت قليل من انطلاق الجلسة، تقرر تعليقها بعد اندلاع جدل بين أعضاء المجلس المنقسمين على أنفسهم بشأن تعديل قانون المحكمة العليا، بعدما تصاعدت حدة الخلاف بين عقيلة صالح، رئيس المجلس، ونائبه الأول فوزي النوري، وتبادلا عبارات حادة في الجلسة التي كانت منقولة على الهواء مباشرة.
وتعد جلسة مجلس النواب أمس المحاولة الأحدث من نوعها لتمرير ميزانية حكومة «الوحدة»، التي يقول خبراء إن استمرار تعطيلها يشل قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية.
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من حكومة الدبيبة، التي كانت تترقب موافقة البرلمان على الميزانية العامة للدولة الليبية، منذ تعيينها في شهر مارس (آذار) الماضي، ضمن سلطة انتقالية جديدة اختارها ملتقى الحوار السياسي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة في جنيف، التي ستقود البلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المفترض إجراؤها قبل نهاية العام الحالي.
واستبق عمر تنتوش، رئيس اللجنة المالية بالمجلس، هذه الجلسة بتوقعه أن يقوم المجلس بتمرير مشروع الميزانية في حال طرحه للتصويت مباشرة على أعضاء المجلس، لافتاً إلى أن الحكومة استجابت لكل الملاحظات، قبل إحالة الميزانية في نسختها الثانية والمعدلة.
وبعدما أوضح أن تقييم أعضاء مجلس النواب للميزانية كان إيجابياً، قال إن الحكومة تحتاج إلى كثير من النفقات لحساسية المرحلة الراهنة. مشيراً إلى أن الخلاف بين صالح والنوري يتمحور حول آلية الدعوة إلى جلسة أمس، لكنه أوضح أن ذلك لن يؤثر على اكتمال النصاب القانوني لإقرار الميزانية.
وكان مجلس النواب قد رفض الشهر الماضي مشروع الميزانية، التي تقدر بنحو 100 مليار دينار ليبي، وأعاده للحكومة التي أدخلت عليه تعديلات، قبل أن تعيده بدورها إلى البرلمان.
وكان الدبيبة قد اقترح في أول الأمر ميزانية تقدر بـ96.2 مليار دينار (21.5 مليار دولار)، قبل أن يعلن تخفيضها إلى 93.8 مليار دينار، وتقليص بعض النفقات، تحت وطأة اعتراض البرلمان بسبب ما وصفه بغياب الشفافية عن الحجم الضخم للميزانية، وعدم مراعاة الأوضاع المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
بدوره، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، خلال اجتماعه أمس في مدينة طبرق مع وزير الشباب، فتح الله الزني، وحضور أعضاء اللجنة التأسيسية لبرلمان الشباب الليبي، على أهمية دعم الشباب، ومنحه أولوية في فرص العمل، واستكمال دراسته في الخارج. مشدداً على أهمية دوره في النهوض بالوطن.
إلى ذلك، كان ملف مراقبة الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، محور اجتماع عقدته أمس اللجنة المشتركة بين مفوضي الانتخابات والمجتمع المدني؛ حيث تم وفقاً لبيان أصدرته المفوضية التأكيد على تعزيز مبدأ النزاهة الانتخابية، وتحقيق مستويات مثلى من المهنية في إجراء الانتخابات، ودعم مفوضية المجتمع المدني، وكذا تشجيعها على الانخراط في العملية الانتخابية في مختلف مراحلها التوعوية والرقابية.
وكان المجلس الأعلى للدولة قد أعلن عقب جلسته أمس في طرابلس إقرار قانون الاستفتاء على الدستور، المعد من قبل مجلس النواب والمحال على مفوضية الانتخابات.
من جهة، بدأ أمس محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، زيارة إلى نيجيريا، تلبية لدعوة رئيسها محمد بخاري للمشاركة في قمة حوض بحيرة تشاد، المقرر عقدُها اليوم في أبوجا بنيجيريا.
وقالت نجوى وهيبة، الناطقة باسم المجلس الرئاسي، في بيان مقتضب، إن هذه القمة ستبحث التحديات الأمنية في منطقة حوض تشاد، وكيفية ضمان استقرار دول المنطقة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).