الهادي إدريس: نرفض استقالة عائشة... ونقرّ بفجوة بين المكوّنات الحاكمة

عضو مجلس السيادة السوداني دعا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى دور سعودي في تنمية دارفور

الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
TT

الهادي إدريس: نرفض استقالة عائشة... ونقرّ بفجوة بين المكوّنات الحاكمة

الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)

أقرّ الدكتور الهادي إدريس، عضو مجلس السيادة السوداني رئيس «الجبهة الثورية»، بأنه يتحتم على الحكومة الانتقالية إطلاق إصلاحات استراتيجية وسريعة تعالج الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية حالياً، منوهاً إلى أن الطريق ما زال طويلاً أمام السودان للاستفادة من مخرجات المؤتمرات الدولية التي تستهدف إعفاء الديون أو تجسيرها أو إعادة هيكلتها، بما فيها «مؤتمر باريس» للمانحين الأخير.
وقال إدريس في حوار مع «الشرق الأوسط» من الرياض، أول من أمس: «إن الخلل في أداء الحكومة الانتقالية يعود لعدة أسباب منها اختلاف الرؤى السياسية والآيديولوجيات التي تدير قوى الحرية والتغيير من جانب، في ظل فجوة ما زالت تحتاج لمزيد من الجهد لخلق انسجام تام مع المكوّن العسكري برغم ما اعترى العلاقة بين الطرفين من تطورات كبيرة أسهمت في تحجيم الفجوة بينهما». واعتبر إدريس أن استقالة عضو المجلس السيادي عائشة موسى «شيء مؤسف»، مبيناً أنه جلس معها ضمن لجنة لإثنائها عن الاستقالة إلا أنها رفضت التراجع عن خطوتها، مشيراً إلى أن حيثيات استقالتها تشتمل على بعض الحقيقة مع بعض الغموض في خصوص الاتهامات التي اكتنفت أسباب استقالتها. وأضاف «العلاقة بين «قحت» (قوى إعلان الحريّة والتغيير) والمكوّن العسكري تعتريها تقاطعات، إذ إن قوى الحرية والتغيير لم تعد هي نفس ذلك الجسم القوي المتماسك الذي ظهرت به عند سقوط النظام البائد، فهي تعاني حالياً من تحديات في مواجهة المكوّن العسكري. غير أننا كمكوّن ثالث لدينا مجلس الشركاء ليس لفضّ الشراكة بين (قحت) والمكوّن العسكري، كما يدعي البعض، ولكن دخلنا الشراكة كجبهة ثورية وأصبحنا مكوّناً ثالثاً. وهذا كان سبباً وعنصراً أساسياً في تغيير العلاقة التشاركية الثنائية بين طرفين فقط».
وأكد إدريس أن غياب الرؤية السياسية لوجهة البلد ككيان دولة واحدة وحكومة واحدة وسياسات موحدة، سببه اختلاف وتشعب الآيديولوجيات والرؤى السياسية المختلفة داخل مكوّن قوى إعلان الحريّة والتغيير الأمر الذي أفرز عدم توافق على برنامج سياسي واحد يعزز الاقتصاد والأمن والسياسة في البلاد. وتابع: «لا أريد أن أعطي مبرراً لأي فشل حاصل حالياً، ومن الشجاعة أن نقولها صراحة: نحن فشلنا. ولكن من الصعوبة بمكان قراءة الواقع الحاصل دون قراءة ما يحيط بهذا الواقع من تحديات مختلفة».
وعن هدف زيارته للسعودية، قال إدريس إن الرياض شاركت في مفاوضات جوبا للسلام وصولاً للتوقيع النهائي وهي استضافت قبل ذلك مؤتمر أصدقاء السودان، مشيراً إلى أن زيارته لحشد الدعم السياسي لاتفاقية جوبا استثمار «للعلاقات الثنائية المميزة والتاريخية الأزلية» بين السعودية والسودان. وتابع: «شرحنا للجانب السعودي التطورات في السودان في ظل مناخ سياسي واقتصادي جديد وفرص استثمارية جديدة، خصوصاً بعدما انفتح السودان على العالم، وكذلك آخر التطورات بعد مؤتمر المانحين بباريس، إذ حدثت انفراجة كبيرة لعلاقات السودان مع المؤسسات الدولية وإعفاء جزء كبير من ديون السودان. السعودية لعبت دوراً محورياً في ذلك، ونتطلع لدور أكبر لها في تحقيق آمال السودانيين».
وقال إدريس إن من مشاريعهم إنشاء قرى نموذجية تقدر بما بين 400 إلى 500 قرية في مناطق مختلفة في دارفور تتوافر فيها المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، لاستيعاب ملايين النازحين واللاجئين في دارفور، وخصوصاً في مناطق النزوح واللجوء. وتابع: «لدينا مليون لاجئ في تشاد، ولدينا مشروع أولي للمياه لـحفر 100 بئر في دارفور بتكلفة مليون دولار. وقدّمنا مشروع قرية نموذجية داخلها مشاريع عدة. وهناك أيضاً مشكلة الطرق فإحدى مشاكل دارفور الكبيرة عدم وجود طرق. تخيّل (أنه ليست هناك طرقات) بين الفاشر ونيالا وهما أكبر مدينتين (في دارفور)».
ورأى إدريس أن نظام «الدولة العميقة» أحد الأسباب وراء تردي مؤسسات الخدمة المدنية وإساءة توظيفها واستغلالها، إلا أن ذلك، برأيه، ليس هو السبب الوحيد الذي تعلّق عليه «شماعة الفشل» في أداء الحكومة الانتقالية الحالية. وقال إن أحد عوامل التردي أيضاً يعود لوقوع «التقصير الكبير وقصر النظر لدى مكونات الحكومة الانتقالية، في ظل غياب مركز قوة واحدة تشرع السياسات وتصدر القرارات الضرورية وتنفذها».
وعلى صعيد مثول رموز النظام السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية، قال إدريس: «العدالة الانتقالية في السودان تعاني شيئاً من التأخير والبطء الشديد وليس فقط فيما يتعلق بشهداء الثورة فقط وإنما أيضاً فيما يتعلق بضحايا الحرب والنزاع في دارفور الذي شهد جرائم حرب وإبادة جماعية، فالمتهمون لم يحاكموا حتى الآن بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير. وللأسف من يوم لآخر نسمع أن أحدهم توفي. هذا شيء غير مقبول».
وتابع أن الأيام المقبلة تترقب إصلاحات عدلية وقضائية بتعيين نائب عام جديد، مشيراً إلى أن «يقيننا أنه إذا لم تتعاون المؤسسات الأمنية مع المؤسسات القضائية والعدلية فلن تتم أي محاكمة بشكل قويم. في اتفاق جوبا وقعنا على بروتوكول العدالة في مسار دارفور بمثول المطلوبين للمحكمة الجنائية، والحكومة مطالبة بأن تتعاون بشكل غير محدود مع المحكمة الجنائية». وزاد أن «من المفترض أن يسمح بتسليم أحمد هارون للمحكمة الجنائية الدولية طالما أنه طلب بنفسه تسليمه للمثول أمامها. فمن المفترض أن يفتح له باب السجن ويتم تسليمه، وهذا ما اتفقنا عليه. والآن يمكن تسليمه وغيره من المطلوبين، بحسب الاتفاق، في ظل مذكرة تفاهم بين المحكمة الجنائية وحكومة السودان الانتقالية».
وبالنسبة لمحاكمة مرتكبي الجرائم من الحركات المسلحة، أكد إدريس أنه ليس هناك أي مانع لو ثبت أن هناك من ارتكب جرائم بأن يحاكم «لأن العدالة لا تتجزأ». وتابع: «اتفقنا في اتفاقات جوبا على عدد من مستويات العدالة منها المحكمة الجنائية ولكن لعدد محدود، ولذلك أقمنا محكمة خاصة لجرائم دارفور سيتم إنشاؤها في الأيام المقبلة بواسطة حكومة السودان وستحاكم المطلوبين بمواد المحكمة الجنائية الدولية».
ومع إقراره بأن الحكومة الانتقالية لم تنجز ما يصبو له الشعب حتى الآن، لا يرى إدريس سبباً للتمادي في إطالة الفترة الانتقالية، قائلاً: «نحن ملتزمون بمدة الحكومة الانتقالية وهي 39 شهراً. وبالنسبة لنا كأطراف لاتفاقية جوبا للسلام، تبدأ حساباتنا منذ انضمامنا للحكومة. وحالياً أوضاع البلد لا تحفز على الاستمرار في هذا الوضع. ولو واصلنا العمل بدون شرعية فإننا نعطي مبرراً لنظام البشير الذي استمر 30 عاماً».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.