الهادي إدريس: نرفض استقالة عائشة... ونقرّ بفجوة بين المكوّنات الحاكمة

عضو مجلس السيادة السوداني دعا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى دور سعودي في تنمية دارفور

الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
TT

الهادي إدريس: نرفض استقالة عائشة... ونقرّ بفجوة بين المكوّنات الحاكمة

الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)
الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السودانية رئيس «الجبهة الثورية» (تصوير: سعد الدوسري)

أقرّ الدكتور الهادي إدريس، عضو مجلس السيادة السوداني رئيس «الجبهة الثورية»، بأنه يتحتم على الحكومة الانتقالية إطلاق إصلاحات استراتيجية وسريعة تعالج الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية حالياً، منوهاً إلى أن الطريق ما زال طويلاً أمام السودان للاستفادة من مخرجات المؤتمرات الدولية التي تستهدف إعفاء الديون أو تجسيرها أو إعادة هيكلتها، بما فيها «مؤتمر باريس» للمانحين الأخير.
وقال إدريس في حوار مع «الشرق الأوسط» من الرياض، أول من أمس: «إن الخلل في أداء الحكومة الانتقالية يعود لعدة أسباب منها اختلاف الرؤى السياسية والآيديولوجيات التي تدير قوى الحرية والتغيير من جانب، في ظل فجوة ما زالت تحتاج لمزيد من الجهد لخلق انسجام تام مع المكوّن العسكري برغم ما اعترى العلاقة بين الطرفين من تطورات كبيرة أسهمت في تحجيم الفجوة بينهما». واعتبر إدريس أن استقالة عضو المجلس السيادي عائشة موسى «شيء مؤسف»، مبيناً أنه جلس معها ضمن لجنة لإثنائها عن الاستقالة إلا أنها رفضت التراجع عن خطوتها، مشيراً إلى أن حيثيات استقالتها تشتمل على بعض الحقيقة مع بعض الغموض في خصوص الاتهامات التي اكتنفت أسباب استقالتها. وأضاف «العلاقة بين «قحت» (قوى إعلان الحريّة والتغيير) والمكوّن العسكري تعتريها تقاطعات، إذ إن قوى الحرية والتغيير لم تعد هي نفس ذلك الجسم القوي المتماسك الذي ظهرت به عند سقوط النظام البائد، فهي تعاني حالياً من تحديات في مواجهة المكوّن العسكري. غير أننا كمكوّن ثالث لدينا مجلس الشركاء ليس لفضّ الشراكة بين (قحت) والمكوّن العسكري، كما يدعي البعض، ولكن دخلنا الشراكة كجبهة ثورية وأصبحنا مكوّناً ثالثاً. وهذا كان سبباً وعنصراً أساسياً في تغيير العلاقة التشاركية الثنائية بين طرفين فقط».
وأكد إدريس أن غياب الرؤية السياسية لوجهة البلد ككيان دولة واحدة وحكومة واحدة وسياسات موحدة، سببه اختلاف وتشعب الآيديولوجيات والرؤى السياسية المختلفة داخل مكوّن قوى إعلان الحريّة والتغيير الأمر الذي أفرز عدم توافق على برنامج سياسي واحد يعزز الاقتصاد والأمن والسياسة في البلاد. وتابع: «لا أريد أن أعطي مبرراً لأي فشل حاصل حالياً، ومن الشجاعة أن نقولها صراحة: نحن فشلنا. ولكن من الصعوبة بمكان قراءة الواقع الحاصل دون قراءة ما يحيط بهذا الواقع من تحديات مختلفة».
وعن هدف زيارته للسعودية، قال إدريس إن الرياض شاركت في مفاوضات جوبا للسلام وصولاً للتوقيع النهائي وهي استضافت قبل ذلك مؤتمر أصدقاء السودان، مشيراً إلى أن زيارته لحشد الدعم السياسي لاتفاقية جوبا استثمار «للعلاقات الثنائية المميزة والتاريخية الأزلية» بين السعودية والسودان. وتابع: «شرحنا للجانب السعودي التطورات في السودان في ظل مناخ سياسي واقتصادي جديد وفرص استثمارية جديدة، خصوصاً بعدما انفتح السودان على العالم، وكذلك آخر التطورات بعد مؤتمر المانحين بباريس، إذ حدثت انفراجة كبيرة لعلاقات السودان مع المؤسسات الدولية وإعفاء جزء كبير من ديون السودان. السعودية لعبت دوراً محورياً في ذلك، ونتطلع لدور أكبر لها في تحقيق آمال السودانيين».
وقال إدريس إن من مشاريعهم إنشاء قرى نموذجية تقدر بما بين 400 إلى 500 قرية في مناطق مختلفة في دارفور تتوافر فيها المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، لاستيعاب ملايين النازحين واللاجئين في دارفور، وخصوصاً في مناطق النزوح واللجوء. وتابع: «لدينا مليون لاجئ في تشاد، ولدينا مشروع أولي للمياه لـحفر 100 بئر في دارفور بتكلفة مليون دولار. وقدّمنا مشروع قرية نموذجية داخلها مشاريع عدة. وهناك أيضاً مشكلة الطرق فإحدى مشاكل دارفور الكبيرة عدم وجود طرق. تخيّل (أنه ليست هناك طرقات) بين الفاشر ونيالا وهما أكبر مدينتين (في دارفور)».
ورأى إدريس أن نظام «الدولة العميقة» أحد الأسباب وراء تردي مؤسسات الخدمة المدنية وإساءة توظيفها واستغلالها، إلا أن ذلك، برأيه، ليس هو السبب الوحيد الذي تعلّق عليه «شماعة الفشل» في أداء الحكومة الانتقالية الحالية. وقال إن أحد عوامل التردي أيضاً يعود لوقوع «التقصير الكبير وقصر النظر لدى مكونات الحكومة الانتقالية، في ظل غياب مركز قوة واحدة تشرع السياسات وتصدر القرارات الضرورية وتنفذها».
وعلى صعيد مثول رموز النظام السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية، قال إدريس: «العدالة الانتقالية في السودان تعاني شيئاً من التأخير والبطء الشديد وليس فقط فيما يتعلق بشهداء الثورة فقط وإنما أيضاً فيما يتعلق بضحايا الحرب والنزاع في دارفور الذي شهد جرائم حرب وإبادة جماعية، فالمتهمون لم يحاكموا حتى الآن بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير. وللأسف من يوم لآخر نسمع أن أحدهم توفي. هذا شيء غير مقبول».
وتابع أن الأيام المقبلة تترقب إصلاحات عدلية وقضائية بتعيين نائب عام جديد، مشيراً إلى أن «يقيننا أنه إذا لم تتعاون المؤسسات الأمنية مع المؤسسات القضائية والعدلية فلن تتم أي محاكمة بشكل قويم. في اتفاق جوبا وقعنا على بروتوكول العدالة في مسار دارفور بمثول المطلوبين للمحكمة الجنائية، والحكومة مطالبة بأن تتعاون بشكل غير محدود مع المحكمة الجنائية». وزاد أن «من المفترض أن يسمح بتسليم أحمد هارون للمحكمة الجنائية الدولية طالما أنه طلب بنفسه تسليمه للمثول أمامها. فمن المفترض أن يفتح له باب السجن ويتم تسليمه، وهذا ما اتفقنا عليه. والآن يمكن تسليمه وغيره من المطلوبين، بحسب الاتفاق، في ظل مذكرة تفاهم بين المحكمة الجنائية وحكومة السودان الانتقالية».
وبالنسبة لمحاكمة مرتكبي الجرائم من الحركات المسلحة، أكد إدريس أنه ليس هناك أي مانع لو ثبت أن هناك من ارتكب جرائم بأن يحاكم «لأن العدالة لا تتجزأ». وتابع: «اتفقنا في اتفاقات جوبا على عدد من مستويات العدالة منها المحكمة الجنائية ولكن لعدد محدود، ولذلك أقمنا محكمة خاصة لجرائم دارفور سيتم إنشاؤها في الأيام المقبلة بواسطة حكومة السودان وستحاكم المطلوبين بمواد المحكمة الجنائية الدولية».
ومع إقراره بأن الحكومة الانتقالية لم تنجز ما يصبو له الشعب حتى الآن، لا يرى إدريس سبباً للتمادي في إطالة الفترة الانتقالية، قائلاً: «نحن ملتزمون بمدة الحكومة الانتقالية وهي 39 شهراً. وبالنسبة لنا كأطراف لاتفاقية جوبا للسلام، تبدأ حساباتنا منذ انضمامنا للحكومة. وحالياً أوضاع البلد لا تحفز على الاستمرار في هذا الوضع. ولو واصلنا العمل بدون شرعية فإننا نعطي مبرراً لنظام البشير الذي استمر 30 عاماً».



سوريا: تحقيق بشأن إطلاق صاروخين على حي المزة... وإسرائيل تنفي علاقتها بالهجوم

تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
TT

سوريا: تحقيق بشأن إطلاق صاروخين على حي المزة... وإسرائيل تنفي علاقتها بالهجوم

تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)
تحليق مروحيات الجيش السوري في سماء داريا قرب مطار المزة بدمشق (أ.ف.ب)

نفى مسؤول إسرائيلي علاقة بلاده بالانفجار الذي وقع في مبنى بمنطقة عين الكروم بحي المزة في العاصمة السورية دمشق.

ونقلت «هيئة البث الرسمية الإسرائيلية» (كان) عن المسؤول الإسرائيلي قوله اليوم السبت: «إنه لا توجد علاقة لإسرائيل بالهجوم».

وشهد حي المزة في دمشق مساء الجمعة انفجاراً داخل شقة في الطابق الثالث من مبنى يقع بالقرب من سوبر ماركت «فادي» في منطقة عين الكروم.

وأفادت مصادر محلية بوقت سابق بأن التفجير ربما يكون ناجماً عن إطلاق صواريخ من طائرة مسيرة، بينما أشار آخرون إلى احتمال أن يكون التفجير نتيجة زرع عبوة ناسفة داخل الشقة، وتتواصل التحقيقات في المنطقة، وسط تضارب الأنباء حول ما إذا كان الهجوم يستهدف شخصاً معيناً، أم أنه جاء في إطار عملية أخرى، بحسب الموقع الإسرائيلي.

من جانبه، كشف مصدر في وزارة الدفاع السورية أن وزارتي الدفاع والداخلية فتحتا تحقيقاً حول إطلاق صاروخين على حي المزة غرب العاصمة دمشق مساء يوم الجمعة.

رجل يقود سيارة أجرة في المزة بدمشق (رويترز)

وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية لوكالة الأنباء السورية (سانا): «تعرضت العاصمة دمشق لاعتداء غادر تمثل بسقوط صاروخين من نوع (كاتيوشا) أطلقا من أطراف المدينة باتجاه الأحياء السكنية في منطقة المزة، ومحيطها، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين، وإلحاق أضرار مادية بالمكان».

وأفادت إدارة الإعلام والاتصال بأنه «باشرت وزارة الدفاع، بالتعاون مع وزارة الداخلية، التحقيق في ملابسات هذا الاعتداء الآثم، وتعمل على جمع الأدلة اللازمة، وتحديد مسار الصواريخ، ومصادر الإطلاق، وتؤكد الوزارة أنها لن تتوانى عن ملاحقة المسؤولين عن هذا العمل الإجرامي، وستتخذ الإجراءات الرادعة بحق كل من يعبث بأمن العاصمة، ويستهدف حياة السوريين، واستقرارهم».

وبينما نفى مصدر أمني سوري صحة ما تتداوله بعض المنصات حول وقوع خلل أثناء تدريبات الجيش أدى للانفجار في حي المزة، قال مصدر عسكري لوكالة «سانا» إن «الاعتداء الغادر على مناطق بالعاصمة دمشق كان بواسطة صواريخ أطلقت من منصة متحركة، ولا تزال الجهات التي تقف خلف الاستهداف وأداة الاستهداف مجهولة حتى الآن».

وأفادت مديرية الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة بأن «الانفجار الذي وقع في المزة أسفر عن إصابة امرأة بجروح من الدرجة المتوسطة، وتم نقلها لأحد مشافي دمشق».

وأوضح سكان في العاصمة دمشق لـ«وكالة الأنباء الألمانية» أن «ثلاثة انفجارات سمعت في العاصمة دمشق، وأن جزءاً من مبنى انهار في حي المزة، وفرضت القوات الأمنية طوقاً أمنياً حول المنطقة».

 

 


«معركة قرارات» في مجلس الأمن بشأن «قوات الاستقرار»تهدد «اتفاق غزة»

فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«معركة قرارات» في مجلس الأمن بشأن «قوات الاستقرار»تهدد «اتفاق غزة»

فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مرحلة من التجاذبات الدولية بعد تقديم موسكو مشروع قرار مضاد لنظيره الأميركي بشأن نشر قوات استقرار في القطاع في مجلس الأمن، يحمل بنوداً أقرب لوجهة النظر العربية وابتعاداً عن مواقف إسرائيل حليفة واشنطن، على الرغم من أن أميركا أدخلت تعديلات على مشروع قرارها، أثارت استياء إسرائيل، على حد قول صحيفة «يديعوت أحرونوت».

تلك الخطوة التي تأتي وسط دعوات من الوسطاء للتوافق، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها «معركة قرارات» بين حائزي «الفيتو» في مجلس الأمن، وتحمل تهديداً صريحاً لاتفاق غزة والانتقال للمرحلة الثانية، إن لم يحدث توافق ويتم الوصول لمقاربات لا تنحاز لإسرائيل ولا تفرغ الاتفاق من مضمونه، الذي يقضي بانسحاب إسرائيل ونزع سلاح المقاومة بطريقة مناسبة.

وسط هذه الأجواء، دعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها مجلس الأمن إلى «الإسراع» بتبني مشروع قرار أميركي يؤيد خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قطاع غزة. وأعربت الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر والإمارات وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا، في بيان، عن «دعمها المشترك» لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها في اعتماده «سريعاً».

تعديلات أميركية

وكانت واشنطن أدخلت تعديلات عدة على مسودة مشروع القرار الخاص بها، أثارت تحفظات إسرائيلية.

وبحسب ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليوم (الجمعة)، فإن أبرز البنود التي تثير مخاوف إسرائيل في المسودة الجديدة تتمحور حول تضمين تمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، والدور الموسع للأمم المتحدة في الإشراف على توزيع المساعدات، وتوسيع صلاحيات «هيئة الحكم الانتقالية» المزمع تشكيلها لإدارة القطاع.

وبحث وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي، الجمعة، تطورات الأوضاع في غزة، وأكّدا «أهمية استمرار التنسيق المصري - السعودي في دعم الجهود الرامية إلى تثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام والبناء عليه، مع الدفع نحو التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، بما يضمن وقف إطلاق النار بشكل دائم وتخفيف المعاناة الإنسانية عن سكان القطاع»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وجاءت تلك المحادثات وسط تجاذبات أميركية روسية بشأن مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن نشر قوات استقرار في قطاع غزة، ما يعني الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الاقتراح الروسي

واقترحت روسيا، الخميس، مسودة مشروع قرار في الأمم المتحدة، صاغته بشأن غزة في تحدٍّ لجهود الولايات المتحدة.

وقالت بعثة روسيا في الأمم المتحدة في مذكرة، اطلعت عليها «رويترز»، إلى أعضاء مجلس الأمن، إن «الهدف من مسودتنا هو تمكين مجلس الأمن من وضع نهج متوازن ومقبول وموحد نحو تحقيق وقف مستدام للأعمال القتالية». وتطلب المسودة الروسية أن يحدد الأمين العام للأمم المتحدة خيارات لقوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة.

طفل يجلس وسط أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «تحرك موسكو مضاد لمشروع قرار واشنطن بشأن مهام وصلاحيات القوة»، مشيراً إلى أن ذلك كان متوقعاً في ظل عدم تغيير واشنطن مواقفها المنحازة لإسرائيل.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الطرح الروسي يعني «وجود معركة نفوذ ومناورات سياسية بهدف من موسكو لفرض أمرين؛ أولهما دعم الموقف العربي الفلسطيني المختلف عن نظيره الأميركي الإسرائيلي، والثاني إرسال رسالة لواشنطن بأن موسكو ليس بعيدة، وأن هذا الملف قد يكون جزءاً من المساومات المستقبلية».

بالمقابل، حثّت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن على المضي قدماً في الموافقة على النصّ الأميركي. وأكدت، البعثة بحسب ما نقلته «رويترز»، الخميس، أن «محاولات زرع الشقاق الآن - عندما يكون الاتفاق على هذا القرار قيد التفاوض النشط - لها عواقب وخيمة وملموسة، ويمكن تجنبها نهائياً بالنسبة للفلسطينيين في غزة»، مضيفة: «وقف إطلاق النار (هشّ)، ونحثّ المجلس على الاتحاد والمضي قدماً لتحقيق السلام الذي تشتد الحاجة إليه».

ويحتاج القرار في مجلس الأمن إلى 9 أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حقّ النقض (الفيتو) ليتسنى اعتماده.

ووزّعت الولايات المتحدة رسمياً مشروع القرار على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر قبل أسبوع، وقالت إنها تحظى بدعم إقليمي لقرارها الذي سيمنح تفويضاً لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي وقوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وينصّ مشروع القرار على تفويض القوة بـ«استخدام جميع التدابير اللازمة» لنزع السلاح في غزة وتأمين حدودها وحماية المدنيين وإيصال المساعدات ودعم قوة شرطة فلسطينية جديدة يتم تدريبها، وهو ما عليه مآخذ وخلافات، ولا سيما نزع السلاح، وفق تصريحات عربية الأسبوع الماضي.

ويتوقع عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» أن يتم المزج بين مشروعي القرارين الأميركي والروسي، بمشروع واحد محل توافق قبل العرض على التصويت، مشيراً إلى أنه إذا تمسكت واشنطن بمشروعها دون توافقات، يتوقع أن تستخدم موسكو الفيتو، وهذا يمس اتفاق غزة ويطيل أمد تنفيذه.

فيما يتوقع المحلل السياسي الفلسطيني أن استمرار تلك الخلافات مع واشنطن قد يؤدي إلى تعليق الاتفاق، وليس انهياره، مؤكداً أن «تعليق الاتفاق عند المرحلة الأولى أخطر من انهياره»، مرجحاً مساعي من الوسطاء للتوافق أكثر بشأن الخلافات.

فتاة تمشي وسط أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك التجاذبات الروسية - الأميركية وتأثيراتها، قال وزير الدفاع الإندونيسي، شافري شمس الدين، الجمعة، إن «بلاده درّبت نحو 20 ألف جندي لتولي مهام تتعلق بالصحة والإعمار، خلال عملية حفظ السلام المزمعة في قطاع غزة الذي مزّقته الحرب».

وليست إندونيسيا وحدها من تسعى إلى الوجود هناك، فقد ذكرت وثيقة اطلعت عليها وكالة «رويترز»، الجمعة، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الأسبوع المقبل مقترحاً لتولي التكتل مهمة تدريب 3 آلاف شرطي فلسطيني، بهدف نشرهم لاحقاً في قطاع غزة.


الدمار يحدق بآثار اليمن في ذمار

قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
TT

الدمار يحدق بآثار اليمن في ذمار

قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)
قطع أثرية متنوعة سلمها سكان قبل فترة إلى سلطة الحوثيين في ذمار (فيسبوك)

تعرضت عشرات المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة ذمار اليمنية خلال الأيام الماضية، لموجة واسعة من أعمال النهب والعبث، في واحد من أكثر الاعتداءات توسعاً منذ سنوات، وسط اتهامات محلية بضلوع قادة حوثيين في دعم عصابات تجريف الآثار، وتمكينها من العمل دون رادع.

وتشير شهادات متطابقة إلى أن أنشطة الحفر العشوائي، امتدت إلى مواقع تعود إلى حضارات يمنية قديمة، ما أدى إلى تدمير مومياوات وطمس معالم تاريخية فريدة.

وبحسب مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شملت الاعتداءات مقبرتين أثريتين؛ تقع إحداهما على منحدر جبلي في مديرية جهران، والأخرى في قرية «النواري» بمديرية عتمة، إضافة إلى مواقع في مناطق المختبية والحطمة ومصنعة مارية التابعة لمديريتي الحدا وعنس.

وتمكنت العصابات - بحسب المصادر - من الاستيلاء على لُقى أثرية متنوعة؛ بينها تماثيل برونزية وجنائزية ونقوش حجرية بخط المسند، يُقدّر عمر بعضها بآلاف السنين.

جانب من تعدي عصابة مسلحة على مقبرة أثرية بضواحي ذمار (فيسبوك)

وجاء آخر هذه الاعتداءات عبر قيام عصابة مسلحة يرجح أنها مدعومة من قيادات في الجماعة الحوثية، بحفر مقبرة جماعية معلّقة على قمة أحد جبال مديرية جهران. وبحسب مصدر محلي، فإن أفراد العصابة كانوا يبحثون عن مقتنيات ذهبية مدفونة، ما تسبب بإتلاف مومياوات وهياكل بشرية كانت محفوظة بصورة نادرة.

وأوضح المصدر أن «المقبرة ليست مجرد مكان دفن؛ بل إرث تاريخي يكشف عن طقوس ومعتقدات قديمة لحضارات يمنية عريقة».

وأثارت الجريمة موجة غضب واسعة في أوساط السكان والمهتمين بالشأن الأثري، الذين أكدوا أن الاعتداءات ليست حوادث فردية؛ بل جزء من سلسلة تجريف منظمة طالت المواقع الأثرية منذ سيطرة الحوثيين على المحافظة.

ويرى عدد من السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الجرائم تسعى إلى طمس المكونات الحضارية لليمنيين واستبدال روايات تتسق مع مشروع الحوثيين الآيديولوجي بها، محملين سلطات الجماعة في ذمار مسؤولية مباشرة عن حماية المواقع واستعادة الآثار المنهوبة.

تجريف واسع

قبل واقعة مقبرة جهران، كان مجهولون قد نفذوا أعمال حفر واسعة في موقع «مصنعة مارية» الأثري بمديرية عنس، بحثاً عن معادن ولقى أثرية، في ظل ما يصفه الأهالي بـ«تغاضٍ متعمد» من الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن العصابة عثرت على قطع أثرية متنوعة، بعضها معدني، يُرجّح أنها هُرّبت فوراً إلى خارج المحافظة ثم إلى أسواق خارجية.

موقع «الحطمة» الأثري في ذمار بعد تعرضه للعبث والتجريف المنظم (إكس)

وتُعد منطقة «مارية» من أقدم مناطق حضارة حمير، إذ تضم أكثر من 25 موقعاً أثرياً، وتشتهر بنمط معماري فريد يعكس تراكُم حضارات متعاقبة على مدى قرون. ويقول مختصون إن تدمير هذه المواقع يعني خسارة غير قابلة للتعويض في سجل الحضارة اليمنية.

ويتهم باحثون في الآثار الجماعة الحوثية بالوقوف خلف موجة التدمير الممنهجة، مؤكدين أنها جزء من «سياسة طمس الهوية» التي تمارسها الجماعة، عبر تجريف المواقع ونهب المقتنيات وتهريبها وبيعها في أسواق عالمية. وطالب الباحثون المنظمات الدولية المختصة، بالتدخل الفوري لوقف الاعتداءات ومنع تداول القطع اليمنية المنهوبة.

اعتداءات ممنهجة

هذه الاعتداءات ليست الأولى؛ إذ سبق أن تعرض موقع «هران» الأثري في ذمار قبل عامين، لأعمال طمس وتشويه نُفذت بحجة إقامة مشروع سياحي بتمويل من جمعية إيرانية. وشملت تلك الأعمال استحداثات غير قانونية وتدمير أجزاء من الموقع، إضافة إلى نقل قطع أثرية بطريقة سرية إلى جهات مجهولة.

عبث بالمواقع الأثرية في ذمار وسط تغاضٍ من الحوثيين (إعلام حوثي)

ويؤكد مختصون يمنيون أن ما يحدث من تجريف ونهب لا ينفصل عن سلسلة جرائم ارتُكبت منذ انقلاب الحوثيين، إذ جرى تحويل بعض المواقع الأثرية إلى مخازن أسلحة وثكنات عسكرية، بينما تعرضت مواقع أخرى للتفجير والتجريف والبيع.

ويحذّر الخبراء من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى فقدان جزء كبير من الذاكرة التاريخية اليمنية، مشيرين إلى أن حماية هذه المواقع مسؤولية وطنية ودولية، تتطلب تدخلاً عاجلاً لوقف العبث واستعادة ما تم تهريبه، وإنقاذ ما تبقى من إرث البلاد الحضاري.