واشنطن تفرض قيوداً مشددة على معرقلي التسوية في تيغراي

شملت مسؤولين إثيوبيين وإريتريين... ومخاوف متزايدة من المجاعة

TT

واشنطن تفرض قيوداً مشددة على معرقلي التسوية في تيغراي

شرعت الولايات المتحدة في تقييد تأشيرات الدخول للأشخاص الذين يقوضون الجهود المبذولة لوضع حد للقتال الدامي في إقليم تيغراي الإثيوبي، مشددة على أن الوقت حان لكي يتخذ المجتمع الدولي إجراءات في شأن تقارير عن عمليات تطهير عرقي في ظل مخاوف متزايدة من المجاعة. وقال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في بيان إنه «رغم الانخراط الدبلوماسي الكبير، لم تتخذ أطراف النزاع في تيغراي أي خطوات ذات مغزى لإنهاء الأعمال العدائية أو السعي إلى حل سلمي للأزمة السياسية»، مضيفاً أنه «من دون الوقف الفوري للأعمال العدائية والتوسع السريع في إيصال المساعدات الإنسانية، يمكن أن يؤدي انعدام الأمن الغذائي الحالي والكبير إلى مجاعة». وتفيد التقارير الواردة من المنطقة منذ بدء الأزمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن آلاف الأشخاص قتلوا في النزاع بين القوات الإثيوبية و«جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي» بشمال البلاد، موضحة أن الفظائع شملت الاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء والإخلاء القسري. ورغم هزيمة قوات «جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي» من المدن والبلدات الرئيسية، لا تزال المنطقة تشهد حرب عصابات. وتسببت جهود الحكومة الإثيوبية لقمع تمرد الجبهة في حملة ملاحقة عرقية في البلاد وفقا لتحقيق استقصائي أجرته «رويترز» هذا الشهر أظهر اعتقالات ومضايقات وعزلا أو وقفا لأفراد من عرقية تيغراي عن العمل وتجميد أرصدتهم المصرفية مؤقتا. وشنت الحكومة الإثيوبية هجوما عسكريا في نوفمبر على «جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي، التي كانت حتى ذلك الحين تتمتع بالسلطة في الإقليم الشمالي في إثيوبيا. وسرعان ما تصاعدت الأعمال العدائية وتحولت إلى صراع معقد شاركت فيه إريتريا المجاورة.
ونفت أديس أبابا طويلاً وجود قوات إريترية في تيغراي، رغم تأكيدات سكان ومنظمات ودبلوماسيين ومسؤولين محليين، قبل أن يقرّ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بوجود هذه القوات ويصرّح أمام البرلمان بوجوب انسحابها من المنطقة. وجاء الهجوم العسكري الإثيوبي في أعقاب سنوات من التوتر بين «جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي» والحكومة المركزية، في صراع دفع مئات الآلاف من الأشخاص إلى الفرار من منازلهم وتسبب في دمار واسع النطاق.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد تعرضت لضغوط متزايدة من المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين بعد تواتر تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في تيغراي. فعلق الاتحاد الأوروبي مدفوعات لدعم الميزانية وسط تقارير عن أعمال اغتصاب وقتل جماعي للمدنيين وانتشار أعمال النهب في الإقليم. وقالت إثيوبيا إنها ملتزمة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتعهدت كل من إثيوبيا وإريتريا بسحب القوات الإريترية. وقالت الأمم المتحدة إن جميع الأطراف المشاركة في الصراع قد تكون ارتكبت جرائم حرب. وقال رضوان حسين رئيس فريق العمل الحكومي المعني بتيغراي إن الحكومة ستصدر بيانا قريبا. ولم يرد وزير الإعلام الإريتري يماني جبر مسقل على الاتهامات.
وللمرة الأولى اتّهمت إثيوبيا الجمعة قوات من إريتريا بقتل 110 مدنيين في مجزرة شهدها إقليم تيغراي في أواخر نوفمبر. وانضمت قوات من إريتريا المجاورة لدعم القوات الإثيوبية. وأكد بلينكن أن تطهيرا عرقياً يحصل في تيغراي. وأعلن أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً واسعة النطاق على المساعدة الاقتصادية والأمنية لإثيوبيا وستجعل سياسة مراقبة التجارة الدفاعية الأميركية تتماشى مع القيود. ولفت إلى أن بلاده ستواصل المساعدة الإنسانية وبعض المساعدات المهمة الأخرى لإثيوبيا في مجالات مثل الصحة والأمن الغذائي والتعليم الأساسي ودعم النساء والفتيات وحقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد وتخفيف حدة النزاعات. وكذلك أعلن أن الولايات المتحدة ستواصل فرض قيود واسعة على مساعدة إريتريا. وأشار إلى بنود في قانون الهجرة والجنسية الأميركي لوضع قيود ستؤثر على إصدار تأشيرات لأي مسؤول حكومي إثيوبي أو إريتري حالي أو سابق، أو أفراد من قوات الأمن أو أفراد آخرين مسؤولين عن أو متواطئين في الأزمة. وأوضح أن القيود تشمل عناصر من قوات أمهرة الإقليمية وغير النظامية وأفراداً من «جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي»، بالإضافة إلى «الأشخاص الذين ارتكبوا أعمال عنف غير مشروعة أو غيرها من الانتهاكات ضد الناس في المنطقة، وكذلك أولئك الذين أعاقوا وصول المساعدات الإنسانية إلى الموجودين في المنطقة». وشدد على أن «الولايات المتحدة لديها مخاوف عميقة بشأن الأزمة الحالية في إقليم تيغراي الإثيوبي بالإضافة إلى التهديدات الأخرى لسيادة إثيوبيا ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها». وقال: «لا يزال الناس في تيغراي يعانون انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات والفظائع، كما أن الإغاثة الإنسانية التي تمس الحاجة إليها تعوقها الجيوش الإثيوبية والإريترية بالإضافة إلى الجهات المسلحة الأخرى».
وفي 17 مايو (أيار) الجاري ندّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المتحدّر من تيغراي، بالوضع «المروّع» في هذا الإقليم، حيث يموت كثيرون بسبب الجوع وتتزايد عمليات الاغتصاب. وقال: «بينما نحن نتحدّث، فإنّ الوضع في تيغراي الإثيوبية هو، إذا ما أردت وصفه بكلمة واحدة: مروّع! مروّع للغاية»، مشيراً إلى أنّ «العديد من الناس بدأوا يتضوّرون جوعاً حتى الموت (...) وعمليات الاغتصاب تنتشر».
وطالب الحكومة الإثيوبية بالوفاء بالتزاماتها لمحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مكرراً الدعوات «لحل سياسي دائم للأزمة». وكان مجلس الشيوخ وافق الأسبوع الماضي على قرار يدين «كل أعمال العنف ضد المدنيين» في تيغراي ويدعو إلى انسحاب القوات من إريتريا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».