النيجر تواجه بإمكانات محدودة مسلحين من 3 دول مجاورة

نيامي تريد حشد 750 جندياً لمحاربة «بوكو حرام» جنوباً.. وتسعى لصد تحركات «القاعدة» شمالاً

النيجر تواجه بإمكانات محدودة مسلحين من 3 دول مجاورة
TT

النيجر تواجه بإمكانات محدودة مسلحين من 3 دول مجاورة

النيجر تواجه بإمكانات محدودة مسلحين من 3 دول مجاورة

وجدت النيجر في الآونة الأخيرة نفسها بين فكي كماشة مع مواجهة المسلحين الناشطين في ليبيا ومالي من جهة وهجمات جماعة «بوكو حرام» المنتشرة في نيجيريا من جهة أخرى. ومن بلدة بيلما بشمال النيجر، المنطقة القريبة من الجنوب الليبي، دعا الرئيس محمد يوسف في 11 فبراير (شباط) الحالي شعبه إلى «التعبئة العامة» ضد الجماعة المسلحة النيجيرية التي تضرب جنوب شرقي البلاد. وبذلك فتحت جبهة جديدة في النيجر التي تتعرض منذ سنوات عدة لهجمات جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال أراضيها وغربها. ومنذ السادس من فبراير، أصبحت منطقة ديفا الحدودية مع شمال شرقي نيجيريا معقل «بوكو حرام» هدفا للمسلحين. وتعتبر السلطات النيجرية أن «التهديد من الجنوب تجاوز التهديد من الشمال» ما يثير «تخوفا أوسع»، حسبما قال جيل يابي، مؤسس مركز الأبحاث «واثي»، ومقره في دكار.
وقال دبلوماسي نيامي إن «الظاهرة الأكثر زعزعة لاستقرار النيجر تتمثل في (بوكو حرام)». لكن هذا البلد الذي يعد من أكثر البلدان فقرا في العالم، يمتلك موارد محدودة لضمان أمنه. وقال المصدر الغربي: «لم يعد هناك عمليا جنود من النيجر في نيجيريا، فهم لا يملكون الوسائل»، مع أن الحكومة النيجرية حصلت على موافقة البرلمان لإرسال 750 جنديا إلى نيجيريا لمحاربة «بوكو حرام» في إطار قوة متعددة الجنسيات.
وفي منطقة ديفا حشدت النيجر نحو 3 آلاف رجل انضم إليهم جنود تشاديون. ومع أن تشاد شنت هجوما بريا في نيجيريا انطلاقا من الكاميرون، فإن النيجر اكتفت بـ«موقف دفاعي».
وبالقرب من مالي «أخليت الجبهة الغربية» لتعزيز المواقع في ديفا، كما أوضح المصدر ذاته. وبين هجمات دامية وعمليات خطف خاصة لغربيين، شهدت النيجر في السنوات الأخيرة تحركات جماعات مسلحة سيطرت على شمال مالي المجاورة بين 2012 و2013. وتم شن اثنين من الهجمات الدامية هذا الخريف من مسافة تقل عن مائة كيلومتر من نيامي. وبعد طردهم من معاقلهم المالية جراء تدخل عسكري دولي بقيادة فرنسا لا تزال النيجر تشارك فيه، انتقل المسلحون المتشددون منذ ذلك الحين بعدد كبير إلى جنوب ليبيا الغارقة في حالة من الفوضى. وتخشى النيجر التي تواجه حركات تمرد الطوارق انتقال العدوى إليها، لأن مقاتلين طوارق بدأوا الاضطرابات في مالي. لكن ليبيا هي التي أصبحت مصدر القلق الآن. ويدعو الرئيس النيجري من دون كلل إلى التحرك كي يتوقف الجنوب الليبي عن أن يكون «معقلا للإرهاب» وتهريب السلاح عبر بلاده. وفي غياب الوسائل الكافية، بدت النيجر بحاجة إلى المساعدة الخارجية في مجال الاستخبارات بفضل طائرات من دون طيار تنشرها فرنسا والولايات المتحدة. وقال محمد يوسف في مقابلة أخيرة مع مجلة «جون أفريك»، إنه من دون هذه الاستخبارات «فإن جيشنا أصم وأعمى إزاء التهديدات»، مجازفا بالظهور أمام الرأي العام الذي غالبا ما ينتقده، كتابع للغربيين.
وقد أقامت فرنسا (القوة الاستعمارية سابقا) مركزا عسكريا متقدما في ماداما عند أبواب ليبيا في إطار عمليتها «برخان» لمحاربة المتشددين المسلحين في منطقة الساحل الأفريقي.



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.