اقترب مجلس «صيانة الدستور» من إعلان نتائج النظر في طلبات المرشحين للانتخابات الرئاسية في 18 يونيو (حزيران) المقبل، وسط تصاعد تحذيرات من دخول البلاد إلى «ثنائية قطبية» بين المعسكرين المحافظ والإصلاحي، على إثر تصاعد الانتقادات المتبادلة بين المتنافسين على خلافة الرئيس حسن روحاني.
وقال المتحدث باسم مجلس «صيانة الدستور» عباس علي كدخدايي إن من المحتمل أن يتوصل المجلس إلى إجماع حول التشكيلة النهائية للمرشحين اليوم أو غداً الثلاثاء، وهو الموعد النهائي لإعلان نتائج البت بأهلية المرشحين لخوض الانتخابات. وقلل المسؤول الإيراني من أهمية المعلومات المتداولة في شبكات التواصل الاجتماعي حول إقصاء عدد من المرشحين، مشيراً إلى توجه عدد من المرشحين لمقر صيانة الدستور للتأكد من المعلومات.
ونفى المتحدث باسم «الحرس الثوري»، رمضان شريف، أمس مرة أخرى أن يكون عبد الله حاجي صادقي، ممثل المرشد الإيراني زار مجلس «صيانة الدستور» بشأن أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية. ونقل موقع «الحرس الثوري» عن شريف قوله إن «هكذا أخبار. بغض النظر عن أنها كاذبة وبلا أساس، سيترتب عليها ملاحقة قانونية».
وقبل ذلك، نفى شريف أن يكون حاجي صادقي وجه رسالة إلى مجلس صيانة الدستور لطلب إقصاء الجنرال سعيد محمد، مستشار قائد «الحرس الثوري»، على خلفية «ارتكاب مخالفات».
وأشار شريف أمس مجدداً إلى نشر قناة «صابرين نيوز» المقربة من الجنرال سعيد محمد، من دون أن يذكر اسمها، وقال: «من يقفون وراء نشر الأخبار من هذا النوع لن ينالوا أهدافهم».
وخطف تلاسن رئيس البرلمان السابق، ومستشار المرشد حالياً، علي لاريجاني، وسعيد جليلي، ممثل «المرشد» الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي. وقال لاريجاني عبر «تويتر» أمس: «من يرى انتصاراً في خفض إقبال الناس على الانتخابات، وخوفه الأكبر حضور الناس في صناديق الاقتراع، أيا يكن لكنه ليس ثورياً».
وقبل ذلك، اقتبس لاريجاني تغريدة من جليلي، وكتب فيها: «مع احتراماتي، يجب القول أهم إنجازنا هو عبر الإجماع الوطني، لم نسمح لأقلية تفتقر للمنطق، بأن تأخذ إيران إلى حافة الهاوية بالتشدد». وأضاف: «تسخرون من مصير الناس. تدخلون كمرشحي ظل في الانتخابات للتغطية على المرشح الأساسي، وذلك إذن تحمل مسؤولية مواقفهم الخطيرة».
جاءت تصريحات لاريجاني بينما يطلق فريق حليفه، حسن روحاني، تسمية «السير على حافة الهاوية»، استراتيجية الضغط الأقصى التي تبناها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018.
والسبت كتب جليلي تغريدة رداً على تصريحات لاريجاني الأسبوع الماضي، بعد تقديم طلبه لأوراق الترشح، التي هاجم فيها ضمناً، رئيس القضاء إبراهيم رئيسي وجنرالات «الحرس الثوري» عندما قال: «الاقتصاد ليس ثكنة عسكرية ولا محكمة». وقال جليلي، الذي يعتبر أحد مهندسي السياسة الخارجية في مكتب المرشد الإيراني: «لا يمكن إدارة البلاد بالاستعراض»، وأضاف: «تركيب جملتين، وتسلية الجميع بهما، مثال على العمل الاستعراضي».
وقال مرشح الرئاسة والمتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهانبرست، في مؤتمر صحافي أمس، إن الانتخابات تتجه إلى «ثنائي القطبية» في إيران، مضيفاً أن «الكشف عن الملفات قد بدأ»، حسب وكالة «إيسنا».
وأعلن مهانبرست عن صعود كيان سياسي جديد باسم «ائتلاف الوحدة الوطنية»، لدعم حملته في الانتخابات الرئاسية، وقال: «اختلافنا مع الكيانات والمرشحين الآخرين هو أننا نتخطى الحزبية ولا نريد إقصاء الآخرين». وأضاف: «الانتخابات تتجه إلى ثنائية قطبية، لقد بدأت التخريب والكشف عن الملفات، يجب تغيير أجواء التشويه وأن نتجه إلى أجواء صحية».
وتوقعت وكالة الصحافة الفرنسية أن تؤدي الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو (حزيران) إلى ترسيخ كامل للانقسام في معسكر المحافظين، بعد عملية تفكك طويلة عرفها الجناح اليميني الذي يسيطر على مفاصل القوة في المؤسسة الحاكمة.
وترجح وسائل الإعلام الإيرانية أن يكون السباق الرئاسي ثنائياً بين لاريجاني، رئيس البرلمان بين عامي 2008 و2020، ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي الذي يشغله منذ 2019 بمرسوم من «المرشد» الإيراني.
وحاول لاريجاني خلال الأيام الأخيرة تقديم صورة المرشح المحتمل لخلافة روحاني الذي تربطه علاقات وثيقة بالمعسكر الإصلاحي، منذ توليه الرئاسة في 2013، بعدما كان الرابح الأكبر من رفض أهلية الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني لخوض تلك الانتخابات، ما دفع التيار الإصلاحي إلى مساندة ضد مرشحي التيار المحافظ.
ويأمل لاريجاني في تكرار المعادلة التي أوصلت روحاني لكرسي الرئاسة، مع توقعات برفض طلبات المرشحين الإصلاحيين، وهو الأمر الذي يدفعهم للتحالف معه.
ومنذ توليه مهامه، عارض المحافظون سياسة روحاني التي اتسمت بانفتاح على الغرب، متهمين إياه بتهديد المصالح العليا لإيران. لكن إبرام الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، الذي كانت تجري مفاوضات بإشراف مباشر من خامنئي، بدّل المعطيات، فساند المحافظون المعتدلون من أمثال لاريجاني الاتفاق (وروحاني ضمناً)، الذي لعب دوراً رئيسياً في جلسة التصويت على الاتفاق.
لكن «الثوريين» بقوا على موقفهم، وهو ما انعكس في الأيام الماضية مع التمهيد للانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ تداول مؤيدو المحافظين صورة مركبة تظهر وجهي الرئيس الحالي والمرشح لاريجاني، مع تعليق «لاريجاني ليس سوى روحاني آخر».
وشكل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، قوة دفع للمحافظين الذين كثّفوا انتقاداتهم لحكومة روحاني، في ظل الأزمة الاقتصادية التي بدأت تعانيها البلاد في ظل العقوبات المتجددة.
ومع اقتراب الانتخابات، وفي ظل مباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، يبدو أن المحافظين - ومنهم رئيسي الذي نال 38 في المائة من الأصوات لدى خوضه الانتخابات الرئاسية لعام 2017 - يميلون إلى العنوان العريض بتأكيد أولوية رفع العقوبات الأميركية، وضمنياً عدم فك الارتباط بشكل كامل مع اتفاق عام 2015 المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة.
ويتوقع أن يتمحور تباين الرؤى بين رئيسي ولاريجاني بشكل أكبر على الاقتصاد وموقع إيران في العالم، مع ميل الأول إلى نظام اقتصادي مركزي وتوجّس من الغرب، في مقابل جنوح الثاني نحو الانفتاح ونظام اقتصادي أكثر حرية.
ويراهن أنصار الاتفاق النووي في إيران على تقديم أولوية السياسة الخارجية في الانتخابات وتحذير الإيرانيين من العزلة الدولية، فيما يركز المحافظون على تدهور الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي في إيران.
«صيانة الدستور» يقترب من إعلان مرشحي الرئاسة وتحذيرات من «ثنائية قطبية»
لاريجاني حذر من يريدون الإقبال المنخفض... وجليلي اتهمه بالاستعراض
«صيانة الدستور» يقترب من إعلان مرشحي الرئاسة وتحذيرات من «ثنائية قطبية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة