الحراك العراقي يستعد لمظاهرات «من قتلني؟»

في غمرة انشغال جماعات الحراك العراقي بالاستعداد للخروج بمظاهرات حاشدة وضع لها شعار «مَن قتلني؟»، للمطالبة بالكشف عن المتورطين في قتل الناشطين، نجا الناشط المدني عماد العكيلي، أمس، من محاولة اغتيال وسط مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوب البلاد.
وأبلغ ناشط مدني «الشرق الأوسط»، أن «عبوة ناسفة وضعت في سيارة العكيلي المركونة في شارع الجمهورية القريب من ساحة الحبوبي قرب مسجد فالح باشا، وأدى الانفجار إلى جرح وإصابة ثلاثة بجروح خطيرة، ضمنهم العكيلي، نقلوا عقب الحادث إلى المستشفى لتلقي العلاج». ويؤكد الناشط أن «العكيلي عرف بنشاطه ومشاركته في معظم الاحتجاجات التي انطلقت نهاية عام 2019».
ويدفع الحادث الجديد الذي وقع قبل يومين من الموعد المحدد لانطلاق مظاهرات «من قتلني؟» المقرر يوم غد الثلاثاء، جماعات الحراك إلى الخروج بمظاهرات حاشدة للمطالبة بمحاسبة المتورطين في أعمال العنف والاغتيال ضد الناشطين.
ولم تهدأ جماعات الحراك، منذ اغتيال الناشط إيهاب الوزني في كربلاء قبل أسبوعين، وواصلت التحريض والدعوة إلى موجة جديدة من المواجهات والاحتجاجات لوضع السلطات العراقية أمام مسؤوليتها في ملاحقة القتلة والمتورطين في دماء الناشطين. وفي كربلاء نشرت ووزعت جماعات الحراك، خلال الأسبوع الأخيرين، في شوارع المحافظات مئات المنشورات والملصقات» التي كتبت عليها عبارة «مَن قتلني؟» إلى جانب صورة الناشط المغدور إيهاب الوزني. كذلك وضعت في شوارع محافظات أخرى صور ضحايا الاحتجاجات إلى جانب العبارة.
ويتوقع عدد غير قليل من المراقبين أن يشهد يوم غد مظاهرات واسعة في بغداد ومدن جنوب وشرق البلاد ردا تواصل أعمال القتل والاغتيال ضد الناشطين وإخفاق السلطات العراقية في وقف تلك الجماعات عن ممارسة أعمالها رغم اللجان التحقيقية الكثيرة التي شكلتها السلطات لهذا الغرض، كما يتوقع البعض أن تتخلل الاحتجاجات والمظاهرات مواجهات جديدة بين النشطاء وقوى الأمن وإمكانية سقوط أعداد جديدة من الضحايا.
وفي هذا الاتجاه، يقول الأكاديمي والناشط في محافظة ذي قار حازم هاشم لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرات المطلبية لم تتوقف في الناصرية، لدينا اليوم مظاهرات مطالبة بفرص العمل والصحة والخدمات ومحاسبة قتلة المتظاهرين خاصة بعد محاولة اغتيال الناشط عماد العكيلي». ويضيف: «لدينا استياء بالغ في محافظة البصرة نتيجة ضعف الخدمات وعدم التزام الحكومة بتوظيف الآلاف ممن وُعدوا بالتوظيف العام الماضي، ولدينا مشاعر الغضب المتنامية في محافظتي النجف وكربلاء بعد اغتيال الناشط الوزني».
ويعتقد هاشم أن «شيئاً من العنف سيرتبط بمظاهرات الثلاثاء، المشكلة أن غالبية عوامل الغضب الشعبي الذي تفجر في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ما زالت قائمة، خاصة مع تصاعد درجات الحرارة وتردي الخدمات، ولا ننسى مشاعر الإحباط العميقة المرتبطة بإجراء الانتخابات العامة في أكتوبر المقبل، وانسحاب معظم جماعات الحراك عن المشاركة فيها».
وقام مئات المتظاهرين في الناصرية وقضاء الفهود، أمس، بقطع الطريق العام بالإطارات المحترقة احتجاجاً على سوء الخدمات، وواصل العشرات من الخريجين اعتصاماتهم أمام شركة توزيع المنتجات النفطية للمطالبة بالتعيين.
وفي مقابل الاستعدادات التي تقوم بها جماعات الحراك لإطلاق موجة مظاهرات جديدة، صدر عن شخصيات سياسية وبرلمانية قريبة من الفصائل المسلحة تحذيرات للحكومة بالتصدي للحراك الجديد، كما استعادت تلك الجماعات لغة «التهديد والتخوين» التي درجت على استخدامها ضد جماعات الحراك في السنتين الأخيرتين، الأمر الذي ينذر بأن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع، أطرافه جماعات الحراك من جهة، والسلطة والفصائل المسلحة من جهة أخرى.