لبنان يحتضر... وتشكيل الحكومة في «مهب الريح»

عون قدم «خدمة» للحريري بعدم معرفته قراءة «مزاج» النواب

بري مترئساً جلسة مناقشة رسالة عون أول من أمس (الوطنية)
بري مترئساً جلسة مناقشة رسالة عون أول من أمس (الوطنية)
TT

لبنان يحتضر... وتشكيل الحكومة في «مهب الريح»

بري مترئساً جلسة مناقشة رسالة عون أول من أمس (الوطنية)
بري مترئساً جلسة مناقشة رسالة عون أول من أمس (الوطنية)

يتدحرج لبنان نحو مزيد من الاحتضار فيما الأبواب السياسية لا تزال موصدة أمام تشكيل «حكومة مهمة». هذا ما انتهت إليه الجلسة النيابية، أول من أمس (السبت)، التي خُصصت للاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى البرلمان التي يطلب فيها اتخاذ القرار المناسب للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، وكان رد البرلمان إعادة تأكيد تكليفه الرئيس سعد الحريري بتشكيلها، وصولاً إلى تعويمه، بخلاف ما كان يتطلع إليه صاحب الرسالة الذي خسر «المنازلة» مع المجلس النيابي، في مقابل الانتصار الذي سجله رئيسه نبيه بري، بالتضامن مع الرئيس المكلف، فيما أخفق رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، في الدفاع في أثناء مرافعته عن الرئيس عون، وبدا في الجلسة أنه يغرد وحيداً.
فامتناع كتلة نواب حزب «القوات اللبنانية» عن التصويت على قرار التوصية التي طرحها الرئيس بري، ورأى فيها أن «الخلاص الوحيد يكون في تشكيل الحكومة»، لا يعني أن الكتلة كانت على تناغم وتنسيق مع نواب «التيار الوطني» الذين امتنعوا عن التصويت عليها، وإنما لتأكيدها على أن المخرج من الأزمة يكون في الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإعادة إنتاج السلطة، وبالتالي فإن تأييدها للقرار يعني حكماً أنها تراجعت عن موقفها.
لذلك، فإن تشكيل الحكومة ذهب في «مهب الريح»، وأصبح في خبر كان، ما لم تحصل تطورات غير مرئية تعيد الاعتبار لمشاورات التأليف، هذا في حال أحجم عون عن الرد على مطالعة الحريري الذي استطاع أن ينعش قاعدته الشعبية، وإن كانت وضعته أمام مهمة صعبة في التفاهم مع رئيس الجمهورية، بعد أن قطع الطريق على من يراهن على اعتذاره.
وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي بارز إن عون كان في غنى عن تسطير رسالته «القنبلة» إلى البرلمان، لو استجاب للنصائح التي أُسديت له، وتحديداً من بري الذي دعاه إلى صرف النظر عنها. كما أنه سبق للمدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أن دخل على خط الاتصالات لثنيه عن إرسالها. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن عون لم يحسن التصرف لأنه لم ينطلق من مراعاته لمبدأ الفصل بين السلطات، واعتقد أنه هو من يمنح الثقة للحكومة، وليس البرلمان الذي وحده له كلمة الفصل في هذا المجال.
ويلفت المصدر النيابي نفسه إلى أن عون كان وراء فتح الباب أمام اندلاع «حرب الرسائل»، عندما قرر أن يبعث برسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شارحاً فيها موقفه من تشكيل الحكومة، متهماً الحريري بالعجز عن تشكيلها.
ويكشف المصدر أن رسالة عون إلى البرلمان كانت بمثابة نسخة طبق الأصل عن رسالته الفرنسية، ويقول إن رسالته إلى البرلمان، وإن كان يصوب فيها على الحريري، فإنه فوجئ بردها من حيث أتت، مؤكداً إعادة تكليف الحريري بتشكيلها.
ويشير إلى أن بري أحسن نصب «كمين سياسي» لعون الذي كان وراء الإطاحة بمبادرته لإنقاذ عملية تأليف الحكومة بمواصفات خريطة الطريق التي رسمها ماكرون لإنقاذ لبنان ووقف انهياره، بذريعة أنه لا يستطيع القيام بدور الوسيط بسبب انحيازه للحريري الذي كان من وجهة نظره سيعتذر عن عدم تأليف الحكومة، لولا الرافعة التي يؤمنها له رئيس البرلمان.
ويقول إن مطالعة الحريري في رده على عون، التي كان لها صداها الإيجابي في البرلمان، وُضعت بتصرف القيادة الفرنسية والأطراف الدولية والإقليمية المعنية بتأليف الحكومة لأن مكتبه الإعلامي تولى ترجمتها إلى عدة لغات وصلت إلى أهل الحل والربط في المجتمع الدولي.
ويؤكد المصدر النيابي أن الفريق السياسي المحسوب على عون أخطأ في رهانه على أن فتح باب النقاش سيؤدي حتماً إلى زعزعة الجبهة النيابية المؤيدة لتكليف الحريري، وصولاً إلى خفض العدد، بذريعة أن هناك من سيعيد النظر في تسميته، وهذا ما لم يحصل لسببين: الأول يكمن في أنه كان يعتقد أن معركته محصورة بالحريري، بخلاف ما تميزت به الجلسة في ضوء الدور الذي لعبه بري؛ والثاني يعود إلى سوء تقديره لموقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط انطلاقاً من أن علاقته مقطوعة بالحريري.
فرئيس المجلس كان وراء إحباط رهان هذا الفريق على إمكانية لجوء جنبلاط من خلال كتلة «اللقاء النيابي الديمقراطي» إلى الاستدارة في موقفه على تكليف الحريري، وقد نجح في إيفاده لمعاونه السياسي النائب علي حسن خليل للقاء جنبلاط والحريري لتبريد الأجواء، وإعادة التواصل بينهما بمبادرة الرئيس المكلف للاتصال به. كما أن «حزب الله» أصر على التموضع في منتصف الطريق متخذاً موقفاً حيادياً يرضي الجميع، ويتجنب فيه الدخول في إشكالية مع الطائفة السنية.
وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى عون، من دون إعفاء الحريري من مسؤوليته، لأن جميع الأطراف محشورة، وبالتالي فاللقاء العابر بين بري وباسيل فور انتهاء الجلسة اقتصر على مطالبة الأخير بإزالة العراقيل التي تعطل تشكيل الحكومة، وهذا ما تبلغه أيضاً من النائب خليل الذي دعاه للإسهام في تسهيل تشكيلها، فيما يرى المصدر النيابي أن عون أخطأ في تقديره لمزاج النواب، فقدم خدمة «مجانية» للحريري.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.