السودان: «الحرية والتغيير» يتهم حزباً شريكاً بتعطيل الانتقال

سودانيان يحتفلان بذكرى الثورة في الخرطوم في ديسمبر الماضي (رويترز)
سودانيان يحتفلان بذكرى الثورة في الخرطوم في ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

السودان: «الحرية والتغيير» يتهم حزباً شريكاً بتعطيل الانتقال

سودانيان يحتفلان بذكرى الثورة في الخرطوم في ديسمبر الماضي (رويترز)
سودانيان يحتفلان بذكرى الثورة في الخرطوم في ديسمبر الماضي (رويترز)

أقدمت مجموعة داخل تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الحاكم في السودان، على إصدار قرارات تدعو إلى إعادة هيكلة المجلس المركزي للتحالف، في غياب تام لممثلي المجلس، ما دفع الأخير إلى اتهام الأحزاب التي تقف وراء تلك المجموعة بمحاولة «تعطيل عملية الإصلاح والانتقال في البلاد».
وكانت مجموعة من قوى التحالف عقدت يوم الجمعة الماضي اجتماعاً «للجنة الفنية» في دار «حزب الأمة القومي» اتفقت خلاله على «تفعيل دور منظومة قوى الحرية والتغيير داخل الحكومة بقيام مؤتمر عام لمكونات الثورة كافة من قوى سياسية في فترة لا تتجاوز 14 يوماً لهيكلة قوى التغيير».
في المقابل، أوضح المجلس المركزي لـ«قوى الحرية والتغيير»، وهو أعلى هيئة قيادية في التحالف، أن «هذه المجموعة المسماة باسم اللجنة الفنية لا تمثل التحالف»، مؤكداً أن «المجلس لم يقم بتشكيل لجنة تحت هذا الاسم». وأضاف في بيان، أمس، أن «عملية إصلاح وتطوير الحاضنة السياسية للحكومة مهمة لا تقبل التأجيل وقد سعى (المجلس) لذلك بإرادة ووعي بمتطلبات المرحلة وحواراته مع أطراف العملية السلمية وبقية القوى السياسية».
واتهم البيان مجموعة داخل «الأمة القومي» بأنها «تعمل على تعطيل مسار إصلاح (الحرية والتغيير) بالتمسك بتمثيل أعلى على حساب المكونات الأخرى». وذكر البيان أن الحزب سبق أن طلب 7 مقاعد في المجلس المركزي وتمت الموافقة، وعاد مرة أخرى ليطالب بـ10 مقاعد، كما طالب بـ65 مقعداً في المجلس التشريعي من حصة كل التحالف البالغة 165 مقعداً لكل ولايات السودان.
وأشار المجلس المركزي إلى أن «هذه المطالب وراء تعطيل تشكيل المجلس التشريعي، والموقف ذاته كان عند إعادة تشكيل مجلس الوزراء بمطالبته بـ6 وزارات وتسبب أيضاً في تأخر تشكيله». واعتبر أن «ما صدر عن حزب الأمة لا يساعد على عملية الإصلاح الجارية، بل يعقّد الموقف ويضاعف من تحديات الانتقال ويخدم الخط الرامي لإضعاف الائتلاف وإجهاض الفترة الانتقالية، ومعلوم من يقف وراءه».
وأكد التحالف رفضه «هذا الموقف غير المقبول»، مؤكداً أن «قرارات المجلس المركزي في الإصلاح والتطوير لا رجعة فيها، والأيام المقبلة ستشهد استكمال توحيد الحاضن السياسي لدعم الحكومة الانتقالية». وجدد دعوة «الأمة القومي» إلى «العمل على ترسيخ المواقف الداعمة للثورة والانتقال، ومراجعة مواقفه الحالية».
وأشار المجلس إلى أنه «يدرك الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد من تعقيدات الانتقال والضائقة المعيشية وتداعيات الوضع الاقتصادي والأمني وتحديات تستدعي دعم الحكومة الانتقالية حتى تتمكن من أداء مهامها الدستورية في تحقيق مقاصد الثورة».
من جانبه، اعتبر رئيس «الحزب الوحدوي الناصري» جمال إدريس، أن «ما صدر عن اللجنة الفنية شيء مؤسف وتضليل وتدليس».
وأوضح أنه «لم يكن هناك ممثل للمجلس المركزي لقوى التغيير في اجتماع الجمعة الذي حضرته بعض القوى السياسية، والدعوة كانت للنقاش حول تحديات الوضع الانتقالي وتطورات الواقع السياسي».
وأكد أن «الاجتماع لم يخرج بأي قرارات حول أي موضوع، ولم يتطرق إلى لائحة أو شرعية لاتخاذ القرارات، لكن العصبة التي أشرفت على بيان الإفك كان همها هدم المجلس المركزي للتغيير، إذ أخذت المداولات والآراء وصاغتها كأنها قرارات باعتبار أن الاجتماع يمثل جمعية عمومية لقوى الحرية والتغيير». ورأى أن «هذا العمل ليس لوحدة أو مصلحة الحرية والتغيير، وإنما لتخريبها من أفراد تحركهم أهداف ومصالح شخصية، وبعضهم على ارتباط بالثورة المضادة وفلول النظام المعزول وأجندة مخابراتية».
بيد أن «الأمة القومي» قال في بيان إن اتهامه بتأخير تكوين مؤسسات الانتقال «زعم غير صحيح»، وإنه «أول حزب دفع بمصفوفة زمنية لإكمال مؤسسات الدولة». وأشار إلى أن «هناك قوى داخل المجلس المركزي تريد الإبقاء على الوضع على ما هو عليه من دون تغيير نسبة المكاسب التي حصلت عليها بغض النظر عن عجز الحاضنة السياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».