الرئاسة الفلسطينية تحذر من العودة إلى «مربع التصعيد»

اقتحام مستوطنين للمسجد الأقصى... واعتقال مصلين

الأمن الإسرائيلي يتعرض لمراسل الوكالة الفرنسية لتغطيته مواجهات مع المصلين في الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يتعرض لمراسل الوكالة الفرنسية لتغطيته مواجهات مع المصلين في الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية تحذر من العودة إلى «مربع التصعيد»

الأمن الإسرائيلي يتعرض لمراسل الوكالة الفرنسية لتغطيته مواجهات مع المصلين في الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يتعرض لمراسل الوكالة الفرنسية لتغطيته مواجهات مع المصلين في الأقصى الجمعة (أ.ف.ب)

حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، الحكومة الإسرائيلية من مغبة العودة إلى مربع التصعيد والتوتر، بعد عودة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، واستمرار حصار حي الشيخ جراح، وسياسة الاعتقالات المستمرة ضد الفلسطينيين.
وحمل أبو ردينة، في بيان، «حكومة الاحتلال مسؤولية تخريب جهود وقف العدوان، خصوصاً جهود الإدارة الأميركية، وجهود مصر الشقيقة المستمرة مع الأطراف كافة لتثبيت وقف العدوان، والإعداد لإعادة إعمار قطاع غزة مع المجتمع الدولي، والإدارة الأميركية». وطالب الناطق الرسمي باسم الرئاسة، الإدارة الأميركية، بالتدخل السريع منعاً لسياسة الاستفزازات والتصعيد الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية جر المنطقة إليه من جديد.
وأكد أبو ردينة أن «المعركة الأساسية كانت في القدس وما زالت مستمرة، والاحتلال ما زال يستمر في دعم المتطرفين، متحدياً الجهود العربية والدولية التي بذلت لوقف العدوان».
وجاء بيان أبو ردينة بعد اقتحام مستوطنين للمسجد الأقصى، أمس، في أعقاب ثلاثة أسابيع على منع إسرائيل أياً من اليهود من الوصول إلى المسجد، تجنباً لتفاقم التوتر الذي كان في أوجه نهاية رمضان وقاد في النهاية إلى حرب على قطاع غزة. وهذه أطول فترة لا يقتحم فيها مستوطنون الأقصى من عقود. واقتحم المستوطنون الأقصى، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية التي هاجمت واعتدت واعتقلت مصلين، بينهم أحد حراس المسجد وأحد موظفي الأوقاف. ووصلت القوات الإسرائيلية إلى المسجد قبل المستوطنين، في محاولة لتأمين وصولهم.
وقال شهود عيان إن عشرات جنود الاحتلال اقتحموا ساحات المسجد الأقصى، لتأمين اقتحامات المستوطنين، واعتدوا على المصلين بالضرب المبرح، واعتقلوا أربعة منهم، إضافة إلى أحد حراس المسجد وموظف في دائرة المخطوطات التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس. وقال مركز معلومات وادي حلوة - القدس، إن شرطة الاحتلال اعتقلت أربعة من موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية خلال عملهم في المسجد، وهم: فادي عليان، وباسم زغير، وعيسى دباغ وعلي وزوز. كما اعتقلت الشرطة الشابين محمود الشخشير وأنس أبو الحمص من باحات المسجد. وأضاف المركز أن الشرطة اعتدت على الوافدين إلى الأقصى وحاولت إخلاءه من المصلين الشبان.
وجاء اقتحام الأقصى أمس، بعد دعوات من منظمات الهيكل، لإثبات أن الأحداث الأخيرة بما فيها الحرب على غزة لن تغير الواقع في المسجد. وقال إيتمار بن غفير، زعيم «القوة اليهودية»، الحزب اليميني الديني المتشدّد، إن «جبل الهيكل يجب أن يظل مفتوحاً لليهود، إغلاقه يعني أن إسرائيل استسلمت لحماس». وقبل الاقتحام، قال المتحدث باسم «منظمات المعبد»، أساف فريد: «الأحد في تمام الساعة السابعة سنعرف ما إذا كنا قد خسرنا الحرب، أم لا».
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين استمرار الاقتحامات لباحات المسجد الأقصى، «ما يؤكد أن دولة الاحتلال ما زالت متمسكة بمشروعها التهويدي للمسجد عبر تكريس تقسيمه الزماني وصولاً إلى تقسيمه المكاني».
وقالت الخارجية في بيان، إن الاقتحامات تمثل استفزازاً فظاً لمشاعر المسلمين واستمراراً للعدوان على شعبنا عامة، وعلى القدس ومقدساتها خاصة، «كما أنها استخفاف بالمواقف الدولية التي واكبت العدوان الأخير، والتي طالبت إسرائيل بوقف اعتداءاتها على القدس والمسجد الأقصى المبارك». كما أدانت الخارجية إجراءات الاحتلال الخانقة والحصار الذي يفرضه على حي الشيخ جراح والاعتقالات الجماعية ضد المواطنين المقدسيين ورجالات الأوقاف الإسلامية وحراس المسجد الأقصى المبارك، في محاولة إسرائيلية مكشوفة لمعاقبتهم على صمودهم في وجه الاعتداءات الإسرائيلية على القدس ومقدساتها. وحملت الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، المسؤولية كاملة عن هذه الاقتحامات، وجددت مطالبتها المجتمع الدولي، بالوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».