«النواب» المغربي يصادق على قانون «الاستعمالات المشروعة» للقنب الهندي

وسط اعتراض نواب «العدالة والتنمية»

رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني (ماب)
TT

«النواب» المغربي يصادق على قانون «الاستعمالات المشروعة» للقنب الهندي

رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني (ماب)

صادقت لجنة الداخلية بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، مساء أول من أمس، بالأغلبية على مشروع القانون المثير للجدل، المتعلق بـ«الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي».
وحظي المشروع، الذي صودق عليه في جلسة مغلقة في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة «كوفيد - 19»، بتصويت 20 نائباً من الأغلبية والمعارضة، في حين صوت ضده ثلاثة نواب فقط من فريق العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الغالبية الحكومية الحالية.
وقال النائب موح الرجدالي، عن «العدالة والتنمية»، إن فريق حزبه النيابي صوت ضد المشروع بسبب «عدم تفاعل مجلس النواب مع طلباته»، المتعلقة «بتوسيع الاستشارة وفتح نقاش عمومي موسع، يطال مختلف المتدخلين في المجال بخصوص مشروع قانون القنب الهندي».
وعبر الرجدالي عن أسف فريقه لتجاهل مجلس النواب لطلباته، بعد إحالة مشروع القانون إلى كل من «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي»، و«المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، (مؤسستان دستوريتان)، لإبداء رأيهما الاستشاري فيه، معتبراً أن طلب الفريق المتعلق بالقيام بـ«مهمة برلمانية استطلاعية مؤقتة» للوقوف على وضعية مزارعي القنب الهندي بالأقاليم الشمالية، «لم يجد آذاناً صاغية لدى مجلس النواب»، وهو ما حذا بالفريق إلى التصويت ضد المشروع.
وبخصوص أبرز التعديلات التي أدخلت على المشروع، أفادت مصادر في لجنة الداخلية لـ«الشرق الاوسط»، بأنه جرت الاستجابة لطلبات جمعيات من المجتمع المدني بتمكين سكان المناطق، التي تعرف زارعة القنب الهندي، من ممارسة نشاط «تثمين القنب الهندي»، أي بخلق شركات تعمل على تصنيع القنب الهندي. وأفاد مصدر برلماني بأن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وافق على الاقتراح، شريطة عدم الجمع بين أنشطة الزراعة وتجميع المنتوج والتثمين، ذلك أن المزارعين غير مسموح لهم بممارسة نشاط التجميع، كما لا يمكنهم ممارسة التثمين، وكل نشاط يجب أن يمارس بشكل مستقل عن الآخر حتى تسهل عملية المراقبة.
وبخصوص طلبات عدد من الفرق النيابية بالعفو عن مزارعي القنب الهندي، قبل صدور هذا القانون في الجريدة الرسمية، اعتبر وزير الداخلية أن موضوع العفو «ليس مكانه هذا القانون، بل مكانه القانون الجنائي»، وذلك في إشارة إلى إمكانية تعديل نصوصه لرفع التجريم عن زراعة القنب الهندي لأغراض طبية، ووضع حد للمتابعات القضائية، التي تطال نحو 50 ألف مزارع في مناطق الشمال.
من جهة أخرى، ينتظر أن يثير تصويت فريق العدالة والتنمية ضد مشروع القانون جدلاً كبيراً، لكون الحكومة التي يقودها الحزب هي التي صادقت عليه في 11 مارس (آذار) الماضي، وأحالته إلى البرلمان. كما أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني عبر في لقاءات داخلية لحزبه عن رغبته في تصويت نوابه لصالح المشروع. لكنه لم يفلح في إقناعهم، ما يعكس أزمة داخل الحزب من جهة، وأزمة حكومية من جهة أخرى، لكون حلفاء «العدالة والتنمية» صوتوا لصالح المشروع إلى جانب المعارضة.
وقال مصدر من أحزاب المعارضة إنه يجب انتظار إحالة مشروع القانون إلى جلسة عمومية بمجلس النواب للمصادقة عليه الأسبوع المقبل، قبل اتخاذ قرار نهائي بخصوص طرح ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، مضيفاً أنه في حالة تحقق ذلك، فإن أثره السياسي سيكون محدوداً بالنظر لقرب موعد الانتخابات التشريعية في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم