كفاءة الطاقة في المباني التجارية

كفاءة الطاقة في المباني التجارية
TT

كفاءة الطاقة في المباني التجارية

كفاءة الطاقة في المباني التجارية

يُشير تقرير «استدامة الطاقة في قطاع المباني في المنطقة العربية»، الصادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، إلى أن اعتماد مجموعات شاملة وملائمة من المعايير الدُنيا لأداء الطاقة وقوانين كفاءة استخدام الطاقة في المباني وتنفيذها بصرامة، من شأنه أن يقلل من مجموع الاستهلاك النهائي للطاقة في قطاع المباني في المنطقة العربية بنسبة 5 في المائة بحلول سنة 2030.
فضلاً عن ذلك، من شأن عمليات إعادة تجهيز المباني القائمة أن تؤدي إلى تخفيض الاستهلاك النهائي للطاقة في قطاع المباني بنسبة تزيد على 30 في المائة بحلول عام 2050، وبحوالي 50 في المائة إذا ما اقترنت بتطبيق شامل للمعايير الدُنيا لأداء الطاقة وقوانين كفاءة استخدام الطاقة في المباني، وذلك في حال تنفيذ البرامج خلال فترة عشر سنوات.
يمكن إدخال كفاءة طاقة أكبر في المباني التجارية في عدد من مراحل دورة حياة المبنى، ومنها: تصميم وهندسة المبنى الجديد، التملك والإيجار، مشاريع التجديد والتحسين، تقييم الأصول والعمليات، إدارة المرافق.
وفي هذا الإطار، ركز «دليل تدبير الشؤون البيئية لمباني المكاتب في الدول العربية»، الذي أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، على المرحلة النهائية، أي العمليات وإدارة المرافق، وفيه تم اقتراح التدابير المناسبة لإدخال التعديلات التحسينية على تقنيات البناء الموجودة أو استبدالها. والدليل جزء من مبادرة «الاقتصاد العربي الأخضر» التي أطلقها «أفد» عام 2012، وقد ترافق مع دليل آخر عن كفاءة المياه. ويمكن تنزيل الدليلين بالعربية والإنجليزية من موقع «أفد»: www.afedonline.org
وفيما يأتي الخطوات الأساسية لاستكشاف فرص الكفاءة وتحديد أولوياتها، وفق ما جاء في دليل الطاقة.
1- تقدير كثافة استخدام الطاقة الأساسية
يمكن إجراء حساب كثافة الطاقة الأساسية بقسمة الكهرباء أو كمية الوقود المشتراة سنوياً على المساحة الإجمالية لحيز المكاتب. ولإجراء هذا التحليل، ينبغي الحصول على مستندات الطاقة المشتراة (مثل فواتير الكهرباء والوقود والغاز الشهرية) من السنة المالية الفائتة. ومن المستحسن تسجيل أرقام العدادات بشكل دوري شهرياً للمطابقة بينها وبين الفواتير. يمكن مقارنة التقديرات الأساسية لاستخدام الطاقة بأرقام اللوائح المرجعية، وذلك للحصول على تقديرات تقريبية للمكاسب المحتملة التي يمكن تحقيقها من طريق تدابير الكفاءة.
وإذا تعذر الحصول على أسس للقياس، يُنصح بتحديد هدف لتخفيض استهلاك الطاقة في صيغة نسبة مئوية من الأرقام الأساسية خلال فترة من الزمن. فمثلاً، يمكن أن يضع مدير المرافق هدفاً بالوصول إلى تخفيض لكثافة الطاقة الأساسية الحالية بنسبة 20 في المائة في خلال فترة ثلاث سنوات.
2- إجراء تدقيق للطاقة
إذا أظهرت الحسابات الأولية للمقارنة المعيارية لاستهلاك الطاقة أن مساحة معينة للمكاتب ليست ذات كفاءة قصوى، فإن الخطوة التالية هي إجراء تدقيق مهني للطاقة. والغاية من التدقيق هي تقييم بناء موجود لمعرفة كيفية استخدام الطاقة فيه. يتم الاطلاع أولاً على سجل المنافع العامة لتقييم تكاليف الطاقة واستخدامها في المرفق. يجري تدقيق وفحص مختلف أنظمة الطاقة في المبنى لمعرفة ما إذا كانت تعمل بفاعلية. تشمل المعاينات عادة أنظمة الإنارة وكل جوانب معدات وأنظمة التدفئة والتهوية والتبريد، بما في ذلك وحدات الأجهزة المركزية وأنظمة توزيع الهواء والمياه. ويُفحص غلاف المبنى، بما في ذلك الأبواب والنوافذ والسطوح، كما يُدقق في نوعية الجدران وقدرتها على العزل الحراري.
يمكن الاستفادة من نتائج تدقيق الطاقة في تحديد فرص تخفيض استهلاك الطاقة وقياس مقاديرها، إلى جانب راحة شاغلي المكاتب. وتتراوح تدابير الكفاءة من التحسينات المنخفضة الكلفة أو العديمة الكلفة في ضبط واستخدام الأنظمة، إلى استبدال النظام بالكامل. وكثيراً ما تكشف التدقيقات عن نواقص بديهية في الكفاءة، مثل أجهزة التحكم والضبط المعطلة في أنظمة التدفئة والتهوية والتبريد. وينبغي إعطاء تصحيح هذه النواقص الأولوية، وهي على الأرجح تؤدي إلى نتائج سريعة.
3- دراسة التفاعل بين الأنظمة
من الضروري إجراء تقييم تحسينات الكفاءة الممكنة بنظرة شمولية - فأي تغيير في نظام معين قد يعدل ظروف نُظم أخرى في مساحات المكاتب. مثلاً، ينجم عن تحسينات كفاءة نظام الإنارة إطلاق حرارة أدنى، مما يخفض حِمْل التبريد على نظام تكييف الهواء. ويمكن أن تكون تخفيضات حمل التبريد الناجمة عن تحسين كفاءة الإنارة أو تجهيزات المكاتب كبيرة أحياناً، بحيث تكفي لتخفيف حمل التبريد بالنسبة لنظام التدفئة والتهوية والتبريد. ولا شك بأن مهندسي الطاقة قادرون على إعطاء تقديرات جيدة للتأثيرات غير المباشرة المحتملة لأي تحسين في الكفاءة، وينبغي إدخال هذه التقديرات في التحليل المالي وعند تحديد الأولويات.
4- إجراء تحليل مالي لاستثمارات الكفاءة الممكنة
ينبغي إعطاء توقعات للاستثمار الأولي الإضافي لكل مشروع مقتَرَح، بالإضافة إلى التوفيرات والتكاليف السنوية المحتملة. ويُمكن أن يكون تخفيض استهلاك الطاقة هو الدافع المالي الأساسي، إلا أن التغييرات في أجور العمال وتكاليف الاستبدال والتجديد قد تكون كذلك ذات أهمية. ومن أدوات التحليل المالي التي يمكن استخدامها تحديد القيمة الحالية الصافية و/أو حسابات عوائد الاستثمار و/أو فترة استرداد رأس المال المتوقعة. ويمكن للدائرة المالية في الشركة توفير إرشادات إضافية في هذا المجال.
5- تحديد أولويات خيار الاستثمار
ينبغي ترتيب الاستثمارات بناءً على تحليل القيمة الحالية الصافية، بالإضافة إلى حجم الاستثمار الأولي والجدوى، على أن تنفذ فوراً الاستثمارات الصغيرة والسهلة التي تعطي مردوداً إيجابياً سريعاً. وتؤدي الاستثمارات الأكبر غالباً إلى وفورات أعظم في الطاقة، ولكنها تحتاج إلى ميزانيات خاصة وتتطلب إدارتها موارد أضخم.
6- تقييم خيارات التمويل
يمكن دفع ثمن الاستثمارات نقداً، أو تمويلها بقرض، أو استئجارها، أو تمويلها عن طريق عقد أداء. يُحدد أفضل خيار لشركة ما على ضوء وضع الشركة النقدي ودورة ميزانيتها، وتوافر الحوافز، وسياسة الشراء. ومن المفيد العمل مع المديرين الماليين لاقتراح توصيات على أساس كل هذه العناصر.
7- لمتابعة بعد التنفيذ
بعد إنجاز تحسينات الكفاءة المقترحة، من الضروري المتابعة بمراقبة التغيرات في استهلاك الطاقة لتقدير تأثيرات تحسين الكفاءة وتوثيقها.


مقالات ذات صلة

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».