فورة إنفاق بريطانية مع الخروج من «قمقم العزل»

البنك {المركزي} يستبعد تراجع الأسواق بعد سحب الدعم

قفزت مبيعات التجزئة البريطانية 9.2 % في أبريل مع إعادة فتح جميع المتاجر (رويترز)
قفزت مبيعات التجزئة البريطانية 9.2 % في أبريل مع إعادة فتح جميع المتاجر (رويترز)
TT

فورة إنفاق بريطانية مع الخروج من «قمقم العزل»

قفزت مبيعات التجزئة البريطانية 9.2 % في أبريل مع إعادة فتح جميع المتاجر (رويترز)
قفزت مبيعات التجزئة البريطانية 9.2 % في أبريل مع إعادة فتح جميع المتاجر (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية، أمس (الجمعة)، ارتفاع مبيعات التجزئة البريطانية 9.2 في المائة في أبريل (نيسان)، مع إعادة فتح متاجر السلع غير الضرورية بعد إغلاقها لأشهر بسبب قيود مكافحة «كوفيد»، وذلك في أكبر قفزة لها منذ إعادة الفتح السابقة في يونيو (حزيران) الماضي.
وقال «مكتب الإحصاءات الوطنية» إن أحجام المبيعات زادت 42.4 في المائة عنها قبل عام، عندما انهارت في خضم أول إغلاق تفرضه بريطانيا لاحتواء فيروس «كورونا». وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا في المتوسط ارتفاع أحجام مبيعات التجزئة 4.5 في المائة عن الشهر السابق في أبريل، وصعودها 36.8 في المائة على أساس سنوي.
وقال جوناثان أثو، الخبير الإحصائي بالمكتب، إن «مبيعات الملابس ارتفعت بنحو ثلاثة أرباع مع اغتنام المستهلكين إمكانية زيارة المتاجر. ومما قد لا يبعث على الدهشة أن إجمالي مبيعات الإنترنت قد انخفض، لكنه يظل مرتفعاً».
ومبيعات التجزئة البريطانية مرتفعة حالياً 10.6 في المائة فوق مستوى فبراير (شباط) 2020، قبل تفشي الجائحة، لكن العديد من المتاجر التقليدية عانى معاناة شديدة من جراء الإغلاقات المتكررة، التي سرعت التحول صوب التجارة الإلكترونية.
وتعكس هذه النسب زيادة الطلب في الأسواق، في ظل اتجاه المستهلكين إلى إنفاق المدخرات التي تراكمت لديهم، عندما تسببت الجائحة في إغلاق قطاع كبير من الاقتصاد. ونظراً لأنه من المقرر رفع باقي القيود يوم 21 يونيو المقبل، يتوقع بنك إنجلترا (المركزي) أكبر قفزة في إنفاق المستهلكين منذ عام 1988، عندما كانت مارغريت ثاتشر رئيسة للوزراء في البلاد.
وفي سياق منفصل، أظهرت بيانات اتحاد الصناعة البريطاني الصادرة مساء الخميس ارتفاع الطلب الصناعي في البلاد خلال شهر مايو (أيار) الحالي، بأسرع وتيرة له منذ 2017.
وذكر الاتحاد أن أحدث مسح للاتجاهات الصناعية أشار إلى ارتفاع مؤشر الطلبيات إلى 17 نقطة هذا الشهر، مقابل سالب 8 نقاط في أبريل الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017.
وفي الوقت نفسه، استقر مؤشر طلبات التصدير لدى القطاع الصناعي عند مستوى سالب 17 نقطة. كما أظهر المسح نمو كميات الإنتاج بأسرع وتيرة لها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وتتوقع شركات التصنيع ارتفاع أسعار الإنتاج بوتيرة سريعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع ارتفاع مؤشر الأسعار إلى 38 نقطة خلال الشهر الحالي، مقابل 27 نقطة خلال أبريل الماضي، ليسجل أعلى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) عام 2018.
ومن جهة أخرى، قال نائب محافظ بنك إنجلترا جون كونليف، أمس (الخميس)، إنه من غير المرجح أن تتراجع أسواق الإسكان في المملكة المتحدة إلى أداء العقد السابق لوباء «كورونا»، حتى عندما يتم سحب الحوافز الضريبية.
وعادة ما تهدأ أسواق الإسكان عندما يتم سحب الدعم العام للاقتصاد بشكل عام وسوق الإسكان بشكل خاص على مدار العام... ولكن كونليف قال: «قد تكون هناك أيضاً بعض الأسباب للاعتقاد بأن الزيادة الأخيرة في الطلب على الإسكان، وربما تكوين هذا الطلب، التي دفعت سوق المملكة المتحدة في الأشهر الأخيرة تعكس بعض الدوافع الأكثر ثباتاً، وأن الأسواق لن تتراجع إلى أدائها في العقد السابق للوباء عندما تنتهي الحوافز الضريبية». وأضاف أنه في أعقاب نوبات الانكماش الاقتصادي الحاد وزيادة الغموض بشأن المستقبل، فإن القوة في أسواق الإسكان تكون «مذهلة».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.