منظمات إنسانية تدق ناقوس الخطر بسبب تعذيب الأطفال الفلسطينيين داخل سجون إسرائيل

يُحرَمون من النوم والطعام والعلاج وزيارة الأهل.. وبعضهم يتعرض للتحرش الجنسي

ملاك الخطيب (وسط) أصغر معتقلة فلسطينية بعد أن أطلقت  قوات الاحتلال الإسرائيلي سراحها أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
ملاك الخطيب (وسط) أصغر معتقلة فلسطينية بعد أن أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي سراحها أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

منظمات إنسانية تدق ناقوس الخطر بسبب تعذيب الأطفال الفلسطينيين داخل سجون إسرائيل

ملاك الخطيب (وسط) أصغر معتقلة فلسطينية بعد أن أطلقت  قوات الاحتلال الإسرائيلي سراحها أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)
ملاك الخطيب (وسط) أصغر معتقلة فلسطينية بعد أن أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي سراحها أواسط الشهر الحالي (أ.ف.ب)

في أعقاب صدور تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» حول تصعيد سياسة اعتقال الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تحول تعذيب الأطفال الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية إلى قضية تشغل بال عدد من المنظمات الإنسانية التي دقت ناقوس الخطر، كما تجندت عشرات الجمعيات الفلسطينية والإسرائيلية التي تُعنى بحقوق الإنسان لرفع صوت الاحتجاج، وأعلنت أنها ستدرس التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لطرح هذا الموضوع بقوة، واعتبرته «جريمة خطيرة ينبغي محاكمة إسرائيل بسببه»، خصوصا مع ازدياد وتيرة التعذيب والترهيب، وحتى التحرش الجنسي، في حق الأطفال المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية.
وحسب تقديرات «نادي الأسير» في رام الله، فقد اعتقلت إسرائيل ما لا يقل عن 15 ألف طفل فلسطيني منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية سنة 1967، ما زال يقبع منهم حاليا 213 طفلا داخل غياهب السجون. وفي السنوات العشر الأخيرة فقط بلغ معدل اعتقال الأطفال الفلسطينيين نحو 700 طفل في السنة، كما لوحظ في الشهور الأخيرة تصعيد عمليات الاعتقال، بهدف ردع الأطفال عن تحويل قذف الحجارة على القوات الإسرائيلية إلى نشاط يومي، يؤدي بالتالي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية.
وكانت قضية اعتقال الأطفال قد تفجرت من جديد قبل شهرين بسبب احتجاز الطفلة ملاك الخطيب، البالغة من العمر 14 عاما من قرية بيتين قرب رام الله، بعد اتهامها بقذف الحجارة وحيازة سكين. ومع أنها نفت التهمة بشكل قطعي، فقد أدانها القاضي العسكري وحكم عليها بالسجن 60 يوما، ودفع غرامة 6 آلاف شيقل (1500 دولار). وقد أثار اعتقالها موجة غضب عارمة وانتقادات واسعة في العالم، ونتيجة لذلك اضطرت سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراحها بعد إتمام 45 يوما في السجن ودفع الغرامة من التبرعات.
ومنذ خروجها من السجن أصبح موضوع اعتقال الأطفال الفلسطينيين يشغل بال الكثيرين في العالم، وأضحى يعتبر، وفقا لمنظمات حقوقية محلية ودولية، الأكثر بشاعة في ممارسات الاحتلال. وفي هذا الصدد يقول قدورة فارس، مدير نادي الأسير، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل أكثر من 8 آلاف فلسطيني منذ الاحتلال سنة 1967، مما يعني أنه لا يوجد بيت فلسطيني إلا وتعرض أحد أبنائه أو بناته للاعتقال، ولكن اعتقال الأطفال والمرضى يعتبر الأخطر، من وجهة نظره، وأضاف موضحا: «لقد بلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرابة 280 قاصرًا (دون سن الـ18 وفقا للقوانين الدولية)، بقي منهم 213 طفلا داخل السجون.
وحسب عدد من الحقوقيين والجمعيات الإنسانية، فإن هؤلاء الأطفال يعيشون في ظروف قاسية، عنوانها القهر والقمع والإرهاب داخل سجن «عوفر» و«مجدو» و«هشارون»، ويتعرضون لنفس ما يتعرض له الكبار من قسوة وتعذيب ومحاكمات جائرة، ومعاملة غير إنسانية تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية الطفل.
وبهذا الخصوص قال المحامي محمود البرغوثي، إن ما تقوم سلطات الاحتلال يشكل انتهاكا لحقوق الأطفال الأسرى، ويخالف القانون الدولي، وخصوصا اتفاقية الطفل المادة (16) التي تنص على أنه «لا يجوز أن يجري أي عمل تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة، أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته»، كما تنص أيضا على أن «للطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس». إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يراعي حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة، ولا يخصص لهم محاكم خاصة، كما أن الجهاز القضائي الإسرائيلي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم «132»، الذي يحدد سن الطفل بمن يقل عمره عن 16، وفى هذا مخالفة صريحة لنص المادة رقم «1» من اتفاقية الطفل التي عرفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة.
ويؤكد البرغوثي أن سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، مثل الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محام حال اعتقاله، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاض، والاعتراض على التهمة والطعن بها، وأيضا الحق في الاتصال بالعالم الخارجي، وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل. كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضربت بعرض الحائط كل هذه الحقوق، وتعاملت مع كل الأطفال الأسرى «كمشروع مخربين»، وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة، من ضرب وحرمان من النوم والطعام، والإمعان في التهديد والشتائم والتحرش الجنسي، والحرمان من الزيارة، واستخدمت معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وكانت مؤسسة «الضمير» قد أصدرت بيانا هاجمت فيه الأحكام العالية التي تفرضها المحاكم العسكرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وكمثال على ذلك يوجد طفل معتقل حكم عليه بالسجن المؤبد، وثلاثة أطفال محكومون لمدة 15 عاما، و4 أطفال حكم عليهم من 5 إلى 9 سنوات، وآخرين من 1 - 3 سنوات بتهمة الانتماء للتنظيمات الفلسطينية، أو بتهمة إلقاء الحجارة. وغالبا ما يكون الحكم مقرونا بغرامات مالية تتراوح من ألف - 6 آلاف شيقل (الدولار الأميركي يعادل 3.89 شيقل). وهناك أطفال مرضى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج الطبي المناسب.
وتفيد إحصائيات وزارة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية إلى أن نحو 40 في المائة من الأمراض التي يعاني منها الأطفال الأسرى ناتجة عن ظروف اعتقالهم غير الصحية، وعن نوعية الأكل المقدم لهم، وناتجة عن انعدام النظافة. وحتى مجلس حماية الطفل في إسرائيل، الذي يبرر اعتقال الأطفال الفلسطينيين ومحاكمتهم في حال نفذوا مخالفات، يرى أن هناك خرقا للقوانين الإسرائيلية في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.