«حرب غزة»: 243 قتيلاً فلسطينياً ودمار واسع

إسرائيل تعلن تدمير 100 ألف كلم من الأنفاق... والقتال سيحد من تعافي اقتصادها من تداعيات الجائحة

أنقاض برج «الجلاء» في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أنقاض برج «الجلاء» في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

«حرب غزة»: 243 قتيلاً فلسطينياً ودمار واسع

أنقاض برج «الجلاء» في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أنقاض برج «الجلاء» في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

بدأ في الساعات الأولى من يوم الجمعة، سريان وقف النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، وسط جهود للبحث عن ناجين أو جثث لضحايا تحت أنقاض المباني أو الأنفاق المدمرة جراء 11 يوماً من القتال بين الطرفين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أمس (الجمعة)، ارتفاع عدد القتلى في القطاع إلى 243 بعد عمليات انتشال جثث لمفقودين. وقالت الوزارة التابعة لحركة «حماس»، في بيان، إن من بين إجمالي القتلى 66 طفلاً و39 سيدة و17 مسناً، إضافة إلى 1910 أشخاص أصيبوا بجروح مختلفة.
وشرعت طواقم إسعاف وعمال إنقاذ منذ صباح الجمعة بمهام البحث عن مفقودين بعد سريان وقف النار مع إسرائيل. وتدفق الفلسطينيون على شوارع غزة، فيما انطلقت التكبيرات من المساجد ابتهاجاً بـ«النصر الذي حققته المقاومة على الاحتلال في معركة سيف القدس»، حسبما أوردت وكالة «رويترز» التي أشارت أيضاً إلى أن سيارات جابت شوارع حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية فجراً رافعة الأعلام الفلسطينية وانطلقت أبواقها في أجواء احتفالية.
وقال مسعفون لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه تم انتشال جثث عدد من القتلى من تحت نفق أرضي تم تدميره في هجمات إسرائيلية في خان يونس بجنوب قطاع غزة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، من جهتها، عن مسعفين وشهود عيان، أنه تم انتشال خمس جثث وعشرة ناجين من تحت أنقاض نفق في خان يونس قصفه الطيران الإسرائيلي خلال المواجهات مع الفصائل الفلسطينية.
وقال نائب رئيس الدفاع المدني في قطاع غزة رائد الدهشان للوكالة الفرنسية إن «الدفاع المدني يعمل مع وزارة الأشغال العامة والبلديات على رفع الركام ونواصل البحث عن مفقودين تحت الأنقاض»، بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ. وأضاف: «يتم العمل بصعوبة كبيرة لأننا لا نملك أي معدات ثقيلة للبحث، ولهذا السبب يموت بعض المصابين تحت الأنقاض رغم أنه بالإمكان إنقاذ حياتهم». وتابع: «نعمل أيضاً على إزالة الصواريخ وقذائف الدبابات الإسرائيلية التي لم تنفجر في بعض المناطق». وأوضح رائد الدهشان: «نتلقى بلاغات من بعض المواطنين عن وجود أشخاص تحت ركام المنازل ونحاول بكل إمكاناتنا وأدواتنا الوصول إليهم أحياء. أنقذنا العديد من الأحياء بعضهم أطفال».
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه دمّر أكثر من 100 كيلومتر من الأنفاق في قطاع غزة خلال 11 يوماً من القتال. وأضاف الجيش، في بيان، أنه قُتل نحو 225 من أعضاء حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بينهم 25 من كبار القادة، حسبما أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني. وتابع الجيش أنه دمر أيضاً نحو 70 قاذفة صواريخ، وبنية تحتية ذات صلة، بما في ذلك عشرات المنشآت التي يستخدمها الجناح العسكري لـ«حماس»، 9 منها أبراج شاهقة، بالإضافة إلى عدد من المباني التي تستخدمها الحركة في أعمالها اليومية في إدارة شؤون القطاع، حسبما جاء في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
وقالت وزارة الإسكان في غزة، الخميس، إن 16800 وحدة سكنية لحقت بها أضرار، من بينها 1800 وحدة أصبحت غير صالحة للعيش فيها بينما دُمرت ألف وحدة بالكامل.
وقال محمد ثابت، المتحدث باسم محطة توزيع الكهرباء في قطاع غزة، إن التقديرات تشير إلى أن السكان يحصلون على الكهرباء لفترة من ثلاث إلى أربع ساعات مقابل 12 ساعة قبل تفجر القتال، حسب «رويترز».
وقدر المكتب الإعلامي لحركة «حماس» أن القصف تسبب في أضرار بنحو 40 مليون دولار للمصانع والمنطقة الصناعية للقطاع ومنشآت صناعية أخرى، بالإضافة إلى أضرار بلغت 22 مليون دولار لقطاع الطاقة. وقدرت وزارة الزراعة في غزة أضراراً بنحو 27 مليون دولار، طالت قطاع الزراعة ومزارع الدواجن.
وقالت الأمم المتحدة وجماعات إغاثة إن إمكانية حصول الفلسطينيين على مياه الشرب محدودة أو متعذرة. وقال جيسون لي، مدير الشؤون الفلسطينية في هيئة إنقاذ الطفولة (سيف ذا تشيلدرن)، إن «العائلات في غزة والموظفين لدينا يخبروننا بأنهم على وشك الانهيار»، حسب تقرير لـ«رويترز». وأضاف: «الإمدادات الأساسية وإمدادات الطاقة تنفد، ما يفاقم ويؤجج هذه الكارثة الإنسانية».
وأطلقت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) نداء، الخميس، للحصول على تمويل إضافي بقيمة 38 مليون دولار لسد الاحتياجات الإنسانية العاجلة في كل من غزة والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والتي شهدت المزيد من الاضطرابات في الأيام الأخيرة.
- الخسائر الإسرائيلية
وفي إسرائيل، أودت الهجمات الصاروخية التي شنّتها «حماس» والفصائل الفلسطينية بحياة 12 شخصاً، وأصابت المئات وفجّرت حالة من الذعر ودفعت الناس للفرار إلى الملاجئ. لكن المحطات الإذاعية الإسرائيلية عادت، أمس، لبث موسيقى البوب والأغاني الشعبية بعدما كانت تذيع أخباراً ووثائقيات على مدار اليوم، حسبما جاء في تقرير لـ«رويترز».
وقال المكتب المركزي للإحصاء إن الاقتصاد الإسرائيلي انكمش 6.5 في المائة في الربع الأول نتيجة جائحة فيروس «كورونا». وحذّر خبراء اقتصاديون من أن القتال بين إسرائيل والنشطاء الفلسطينيين قد يحد من تعافي الاقتصاد من الأزمة الصحية.
ونقلت «رويترز» عن رابطة المصنعين في إسرائيل قولها في 13 مايو (أيار) إن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد بين 11 و13 مايو بلغت 540 مليون شيكل (166 مليون دولار) مع تعرض جنوب إسرائيل ووسطها لقصف صاروخي مكثف من غزة. ولا يتضمن هذا الرقم أي أضرار لحقت بالمصانع. وقال رئيس الرابطة رون تومر، الأسبوع الماضي: «تستمر الصناعة الإسرائيلية في الإنتاج تحت القصف مع انخفاض نسبة حضور العمال».
وقال البنك المركزي الإسرائيلي ووزارة المالية ورابطة المصنعين إنه ليست لديهم حتى الآن بيانات محدثة عن الأضرار الاقتصادية الكاملة التي سببتها الصواريخ من غزة. وقالت مصادر في قطاعي التجارة والشحن إن بعض الناقلات اضطرت إلى تحويل مسارها إلى موانئ إسرائيلية أخرى بسبب الصواريخ، ما أخّر تسليم الوقود. وفي الأسبوع الماضي، أصيب خط أنابيب تابع لشركة طاقة إسرائيلية مملوكة للدولة في هجوم صاروخي.
وعلقت العديد من شركات الطيران الدولية رحلاتها من وإلى مطار بن غوريون في إسرائيل بالقرب من تل أبيب، في حين تم تحويل رحلات أخرى إلى مطار رامون بالقرب من إيلات، على بُعد عدة ساعات بالسيارة.
وقالت شركة «شيفرون»، أمس، إن وزارة الطاقة الإسرائيلية أصدرت تعليمات لها بإعادة تشغيل منصة حقل الغاز البحري «تمار»، بعد تسعة أيام من إغلاقها بسبب عدم الاستقرار في المنطقة. وأوضحت «شيفرون»، في بيان، أن إنتاج منصة «تمار»، الواقعة على بُعد نحو 25 كيلومتراً قبالة مدينة أشدود في ساحل جنوب إسرائيل على المتوسط، من المتوقع أن تبلغ طاقتها الكاملة في غضون 36 ساعة من بدء التشغيل. وتُشغل «شيفرون» حقل تمار للغاز وتملك 25 في المائة فيه، وقد أُغلق في 12 مايو بتعليمات حكومية عقب اندلاع العنف في إسرائيل وقطاع غزة. وذكرت «رويترز» أن الحقل أنتج 8.2 مليار متر مكعب من الغاز في 2020، منها 7.7 مليار لإسرائيل و0.3 مليار اتجهت إلى مصر و0.2 مليار إلى الأردن، وفقاً لبيانات من شركة الطاقة الإسرائيلية «ديليك» التي تملك حصة فيه.
وخلال حرب 2014 التي استمرت سبعة أسابيع بين إسرائيل و«حماس»، قدّر البنك المركزي الإسرائيلي أن الاقتصاد الإسرائيلي خسر 3.5 مليار شيكل، بالإضافة إلى نفس المبلغ تقريباً من الأضرار التي لحقت بقطاع السياحة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.