البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»

وزيرة داخلية إيطاليا تبحث مع سعيّد «الهجرة والاتجار بالبشر»

الرئيس سعيد خلال لقائه وزيرة داخلية إيطاليا والمفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس سعيد خلال لقائه وزيرة داخلية إيطاليا والمفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية أمس (إ.ب.أ)
TT

البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»

الرئيس سعيد خلال لقائه وزيرة داخلية إيطاليا والمفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس سعيد خلال لقائه وزيرة داخلية إيطاليا والمفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية أمس (إ.ب.أ)

عقد البرلمان التونسي، أمس، جلسة عامة، خصصت لمساءلة ستة وزراء في حكومة هشام المشيشي، وعرفت توجيه انتقادات عديدة للحكومة الحالية، ولأداء وزرائها الذين لا يزال جلهم يعمل بالإنابة، إثر رفض الرئيس قيس سعيد قبول 11 وزيراً لأداء اليمين الدستورية، ما عطل تسلم حقائبهم الوزارية. وشملت جلسة المساءلة وزراء الصحة والشؤون الاجتماعية والشؤون الثقافية بالإنابة، ووزيرة العدل بالإنابة، ووزير التربية ووزيرة التعليم العالي والبحث العلمي.
وخلال جلسة أمس، طالب مصطفى بن أحمد، رئيس كتلة حركة «تحيا تونس»، التي يتزعمها يوسف الشاهد والداعمة لحكومة هشام المشيشي، رئيس الحكومة بالذهاب إلى البرلمان، ومصارحة الشعب بالوضع الذي تمر به البلاد. وقال بن أحمد في مداخلته أمام نواب البرلمان إن الجلسات الحوارية مع أعضاء الحكومة «باتت متكررة، وتكاد تكون جلسات شكلية، خاصة في ظلّ غياب رئيس الحكومة، وعدم مخاطبته نواب البرلمان بصفة مباشرة، والاكتفاء بالاستماع لبعض الوزراء بين جلسة وأخرى».
وأضاف بن أحمد أن الوضع في تونس «خطير للغاية، وغير مسبوق على المستويين الاقتصادي والاجتماعي»، معتبراً أن «سياسة الهروب إلى الأمام ليست حلّاً، وعلى جميع الأطراف السياسية والاجتماعية تحمّل مسؤوليتها». وقال موجهاً خطابه للمشيشي: «قلت إنك تعتبر نفسك جندياً في خدمة تونس، لكننا لا نحتاج اليوم إلى جندي، بل إلى جنرال يقود البلاد».
وخلال جلسة المساءلة، دافع وزير الصحة فوزي مهدي عن الإجراءات الاستثنائية، التي أقرتها الحكومة بشأن جائحة «كورونا». فيما كشف محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، عن صرف مساعدات استثنائية لفائدة 110 ألف عامل في القطاع الخاص في شهر أبريل (نيسان) الماضي. إضافة إلى صرف مساعدات مالية لفائدة 200 ألف عامل في القطاع السياحي.
من جهة ثانية، أفاد مصدر من رئاسة الحكومة، أمس، بأن وزيرة داخلية إيطاليا لوتشانا لامورجيزي بحثت، أمس، في تونس العاصمة موضوع الهجرة غير الشرعية الشائك، خلال لقائها رئيس الدولة قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ووزير الخارجية عثمان الجرندي. وتصدر موضوع الهجرة غير الشرعية جدول أعمال الوزيرة في تونس في ظل الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين المنطلقين من السواحل التونسية نحو السواحل الإيطالية.
وكانت لامورجيزي قد صرحت في جلسة استماع أمام البرلمان الإيطالي، أول من أمس، بأن أكثر من أربعة آلاف مهاجر غير شرعي وصلوا من تونس هذا العام، بحسب ما نقلت «وكالة آكي الإيطالية للأنباء».
في سياق ذلك، أفادت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا يوهانسون، قبيل زيارتها أمس إلى تونس، بأن الاتحاد الأوروبي يعمل على اتفاق مع تونس يمنحها مساعدات اقتصادية في مقابل تشديدها جهود منع وصول المهاجرين إلى أوروبا. وأفادت يوهانسون لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية بأن المحادثات جارية مع ليبيا أيضاً للتوصل إلى اتفاق مشابه، مشيرة إلى أن زيارتها لتونس «من أجل اتفاق شامل سيسمح من جهة للبلد بالتعافي من الأزمة الاقتصادية العميقة، التي تسبب بها فيروس (كورونا)، وسيوفر له من جهة أخرى الموارد التي يحتاج إليها لمكافحة مهربي البشر.
كما سيتم تقديم تمويل أوروبي للاقتصاد والاستثمار والتوظيف، بينما ستنخرط السلطات التونسية في إدارة الحدود لاستعادة مواطنيها الذين غادروا باتّجاه أوروبا ولإعادة الأجانب في البلاد ممن هم ليسوا لاجئين».
كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يجري محادثات مع الحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بشأن اتفاق جديدة مرتبط بالهجرة من سواحل ليبيا قائلة: «لا أظن أننا بحاجة لانتظار انتخابات ديسمبر (كانون الأول)».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.