الهدوء يعود إلى سبتة... وإسبانيا تتهم الرباط بـ«الابتزاز»

بوريطة: لا نقبل بازدواجية الخطاب والمواقف من طرف مدريد

جنود إسبان يحرسون شواطىء سبتة لمنع وصول فوج جديد من المهاجرين غير الشرعيين (أ.ب)
جنود إسبان يحرسون شواطىء سبتة لمنع وصول فوج جديد من المهاجرين غير الشرعيين (أ.ب)
TT

الهدوء يعود إلى سبتة... وإسبانيا تتهم الرباط بـ«الابتزاز»

جنود إسبان يحرسون شواطىء سبتة لمنع وصول فوج جديد من المهاجرين غير الشرعيين (أ.ب)
جنود إسبان يحرسون شواطىء سبتة لمنع وصول فوج جديد من المهاجرين غير الشرعيين (أ.ب)

بينما عاد الهدوء صباح أمس إلى محيط المعبر الحدودي لمدينة سبتة المغربية التي تسيطر عليها إسبانيا، بعد مواجهات جرت الليلة قبل الماضية بين مهاجرين غير شرعيين وقوات الأمن التي منعتهم من التسلل إلى المدينة، اتهمت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس، أمس، المغرب بـ«الاعتداء» و«الابتزاز»، بعدما وصل أكثر من 8000 مهاجر غير شرعي إلى سبتة منذ الاثنين. وبدا مدخل الطريق المؤدي إلى المعبر الحدودي بمحاذاة الشاطئ خاليا صباح أمس، بعدما شهد توافدا استثنائيا لآلاف المرشحين للهجرة منذ بداية الأسبوع الجاري.
في غضون ذلك، اعتبرت وزيرة الدفاع الإسبانية في مقابلة مع الإذاعة العامة في إسبانيا ما حدث في سبتة بأنه «اعتداء على الحدود الإسبانية وحدود الاتحاد الأوروبي». وقالت إن ذلك «أمر غير مقبول بموجب القانون الدولي»، وإن الرباط «تستغل» القصر، مضيفة: «نحن لا نتحدث عن شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما. لقد سمح لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 7 أو 8 سنوات بالمرور، وفقاً لمنظمات غير حكومية... في تجاهل للقانون الدولي... سموا هذا الوضع ما تريدون. لكنني أسميه ابتزازا».
وفي الرباط، قال ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، إن بلاده لا تقبل بازدواجية الخطاب والمواقف من طرف مدريد.
واعتبر بوريطة في تصريحات لوكالة الأنباء المغربية الرسمية أن الهجوم الإعلامي الإسباني اتجاه المغرب على أساس أخبار زائفة «لا يمكن أن يخفي السبب الحقيقي للأزمة، وهو استقبال مدريد لزعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية بهوية مزورة». موضحا أنه «يتعين على مدريد أن تعي بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. وعلى بعض الأوساط في إسبانيا أن تقوم بتحيين نظرتها للمغرب، وأن تتحلى بالشفافية إزاء الرأي العام الإسباني».
وقالت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إن إسبانيا «حددت اختيارها»، مشيرة إلى أن حكومة بيدرو سانشيز، التي استقبلت زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي «اختارت نهج موقف عدائي تجاه المغرب، مفضلة حماية مصالح غامضة مع (البوليساريو) وسيدها الجزائري». مشيرة إلى أن إدخال زعيم «البوليساريو» المستشفى الإسباني سرا بهوية جزائرية مزورة، «عرى المناورات التي تحاك خيوطها على أعلى مستوى بين إسبانيا والجزائر خلف ظهر المغرب، الذي برهن دائما على التزام راسخ لصالح تعزيز التعاون متعدد المجالات، بما في ذلك الحساسة من قبيل محاربة الإرهاب، والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية».
وأضافت الوكالة أن موقف إسبانيا، المتمثل في «استضافة مجرم حرب، متهم بارتكاب أعمال إرهابية وإبادة جماعية، حطم هذه الثقة، وقوض العلاقات الاستراتيجية مع المغرب، الحليف الوازن». وخلصت الوكالة إلى القول إنه «من خلال التآمر مع أعداء المغرب، والبقاء رهينة للحسابات الانتخابوية والسياسات الشعبوية الضيقة، تخاطر إسبانيا بفقدان شريك استراتيجي في منطقة مغاربية مضطربة، وحليف يلعب دورا محفزا في تنمية القارة الأفريقية، وفاعل رئيسي في بناء صرح فضاء متوسطي ينعم بالأمن والسلام»، معتبرة أن إسبانيا «قللت من احترامها للمغرب»، وضربت بعرض الحائط كافة الجهود المبذولة من طرفه لبناء والحفاظ على علاقة وفية بين دولتين جارتين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».