السودان يتوقع شطب 45 مليار دولار من ديونه

البرهان يؤكد أن الجيش سيغادر المشهد السياسي بعد الانتخابات... ونائب وزير الدفاع الروسي في الخرطوم

الفريق عبد الفتاح البرهان (سونا)
الفريق عبد الفتاح البرهان (سونا)
TT

السودان يتوقع شطب 45 مليار دولار من ديونه

الفريق عبد الفتاح البرهان (سونا)
الفريق عبد الفتاح البرهان (سونا)

قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن حكومته أجرت تفاهمات مع الدول الدائنة في «نادي باريس» والدول خارجه، وتنتظر اتخاذ قرار بشأن إعفاء أو تخفيف الديون البالغة 60 مليار دولار بنهاية يونيو (حزيران) المقبل، مؤكداً استيفاء السودان كل الالتزامات والشروط التي تؤهله للاستفادة من مبادرة الدول المثقلة بالديون (هيبك). وقال إنه يتوقع شطب ما يصل إلى 45 مليار دولار من ديون السودان
الخارجية.
وأضاف في مؤتمر صحافي بمطار الخرطوم أمس، عقب عودته من المشاركة في {مؤتمر باريس» الذي تبنته الحكومة الفرنسية لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، أن المملكة العربية السعودية تعهدت بقيادة التنسيق بين الدول الدائنة لمعالجة هذا الملف.
وأكد حمدوك أن مؤتمر باريس يمثل عودة السودان واندماجه في التنمية الدولية، وهو {أكبر هدية نقدمها للشعب السوداني}، كما أنه يشكل علامة فارقة في طريق انتقال البلاد نحو الديمقراطية. وكشف حمدوك عن نقاشات وتفاهمات جرت مع شركة «إيرباص» بشأن صناعة الطيران في السودان، ما يؤهل الناقل الوطني «سودانير» لاستعادة مكانته في المنطقة.
في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح برهان أن الشراكة مع المدنيين خلال الفترة الانتقالية الحالية ستظل مستمرة «ولا تراجع عنها مهما تعاظمت الابتلاءات»، وأن الجيش سيغادر المشهد السياسي بعد الانتخابات العامة، المقررة في نهاية الفترة الانتقالية.
ودعا البرهان، في لقاء جمعه بكبار الضباط بالخرطوم أمس «إلى عدم الالتفات إلى الشائعات التي تستهدف زعزعة القوات المسلحة وتماسكها». وكانت تسريبات صدرت في وسائل التواصل الاجتماعي أشارت إلى أن وجود تذمر وسط ضباط الجيش، بعد إعلان إحالة 99 من العسكريين إلى النيابة العامة بتهم التورط في مقتل شابين خلال مسيرات التضامن التي خرجت في 29 رمضان الماضي في الذكرى الثانية لمذبحة «فض الاعتصام».
وقال البرهان حول هذا الأمر «إننا نتابع الأمر وهو تحت السيطرة». دون الخوض في التفاصيل. وأشار إلى أهمية تماسك القوات المسلحة ودورها في التصدي للمهددات التي تستهدف وحدة التراب وزعزعة الأمن القومي وعزم القيادة وإرادتها على المضي قدماً في المحافظة على القوات المسلحة رادعة قوية. وأكد البرهان، أن «القوات المسلحة لن تفرط في شبر من أراضي السودان».
وذكر الإعلام العسكري في بيان، أن البرهان التقى ضباط القوات المسلحة برتبة العميد فما فوق، واستمع إلى مقترحاتهم في قضايا القوات المسلحة.
وقال البرهان إن القوات المسلحة على أتم الاستعداد والجاهزية لتنفيذ الترتيبات الأمنية بحسب اتفاق جوبا للسلام، وشدد على أهمية الإسراع في تنفيذ هذا البند، ونصت الاتفاقية على تكوين جيش وطني موحد في البلاد.
من جهة ثانية، استقبل رئيس هيئة الأركان محمد عثمان الحسين، بمكتبه بالقيادة العامة، نائب وزير الدفاع الروسي، إسكندر فومين، والوفد المرافق له. وقال الإعلام العسكري في بيان، إن اللقاء تطرق إلى سبل تطوير العلاقات بين القوات المسلحة السودانية والروسية.
ووصف نائب وزير الدفاع الروسي، الذي وصل البلاد مساء أول من أمس يرافقه وفد عسكري في زيارة تستغرق أياماً عدة، العلاقة بين السودان وبلاده بالتاريخية، مشيداً بالتعاون بين الجيشين.
وكانت الخرطوم علقت اتفاقيات التعاون مع موسكو بإنشاء قاعدة عسكرية روسية شمال مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، إلا أن الأخيرة نفت إخطارها رسمياً من الجانب السوداني. وشدد القرار السوداني على إيقاف الانتشار العسكري للقوات الروسية المتزايد في قاعدة «فلامنجو» التي تتبع القوات السودانية البحرية.
وشهدت الأشهر الماضية تسابقاً أميركياً - روسياً على السودان بعدما وصلت بوارج من البلدين إلى ميناء بورتسودان.
ونشرت الحكومة الروسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وثيقة اتفاق مع السودان على إنشاء مركز للدعم اللوجيستي في البحر الأحمر لتأمين صيانة وعمليات تزويد بالوقود واستراحة لطواقم البحرية الروسية.
وفي فبراير (شباط) العام الحالي وصلت الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش كأول سفينة حربية روسية ترسو في ميناء بورتسودان، بالتزامن مع وصول سفينة حربية أميركية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.