دمشق تشجع الاستثمار الخارجي... والقامشلي تتراجع عن رفع سعر الوقود

بعد احتجاجات في شمال شرقي سوريا

من احتجاجات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
من احتجاجات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تشجع الاستثمار الخارجي... والقامشلي تتراجع عن رفع سعر الوقود

من احتجاجات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
من احتجاجات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

ألغت «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، قرارات زيادة غير مسبوقة بأسعار الوقود والمحروقات والغاز، بعد استمرار الاحتجاجات في مدينة القامشلي ومدن ثانية بمناطق شرقي الفرات، وسقوط ضحايا جنوبي مدينة الحسكة، في وقت أصدرت فيه أحزاب وجهات سياسية بيانات ومواقف رافضة لزيادة الأسعار، ومن جانبها حذرت القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» و«قوات الأسايش» من خلق الفتنة وعدم تحول المظاهرات الاحتجاجية إلى وسيلة لضرب الأمن والاستقرار.
وأصدرت الإدارة الذاتية، أمس، قراراً يقضي بإلغاء القانون 119 الذي نص على رفع أسعار الوقود والمحروقات والمشتقات النفطية بنسبة تجاوزت 300 في المائة، بعد سلسلة اجتماعات مع اللجان والهيئات الخدمية، واتخذت قراراً بالعدول عن قراراتها، وتسببت مواجهات بين محتجين وقوى الأمن الداخلي بسقوط قتيل وعشرات الجرحى.
ولدى حديثه إلى جريدة «الشرق الأوسط»، قال عبد حامد المهباش، رئيس المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، إن قرار إلغاء رفع الأسعار «جاء نزولاً عند المطالب الشعبية في المناطق التي تديرها الإدارة، والتي أعادت النظر بالقرار وقررت العودة للأسعار السابقة إلى حين التوصل للائحة أسعار جديدة تناسب الوضع الاقتصادي للسكان».
ولليوم الثاني على التوالي، شارك مئات التجار وسكان محليون من مدينة القامشلي في إضرابات وحركات احتجاجية، وأغلقوا المتاجر والمحال حتى ساعات الظهر، وكان المحتجون قرروا الدخول في إضرابات مفتوحة للتعبير عن غضبهم من السلطة الحاكمة التي تدير مدناً وبلدات خاضعة لنفوذ الإدارة، والأخيرة قالت، في بيان نشر على حسابها الرسمي، أول من أمس، إن قرار الزيادة يهدف إلى خدمة سكان المنطقة وتحسين الواقع الاقتصادي المتردي، الذي شهد تراجعاً كبيراً جراء موسم الجفاف الذي تشهده المنطقة وباقي أرجاء البلاد.
وبموجب قرار الإدارة رفع زيادة الأسعار، وصلت مشتقات النفط من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، حيث رُفع سعر المازوت إلى 250 ليرة سورية وكان 70 ليرة فقط، بينما ارتفعت جرة الغاز إلى 8000 ليرة بعدما كانت تسعيرتها قبل القرار 2300 فحسب، والبنزين 700 ليرة فيما كان سعره قبل القرار 170 ليرة.
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية على أبرز حقول النفط وأكبرها في سوريا، وأيضاً على حقول غاز أساسية، وخلال سنوات النزاع أنشأت هذه الإدارة مصافي نفط بدائية وحراقات صغيرة محلية الصنع لتكرير النفط في بعض الآبار.
ولم يقتصر قرار الرفض على المستوى الشعبي بعد خروج احتجاجات وتنفيذ إضرابات وعصيان مدني في مناطق الإدارة؛ حيث تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الزرقاء مع هذه القرارات، ونشروا صوراً وهاشتاغات تطالب قادة الإدارة بالعدول عن زيادة رفع الأسعار، واعتبر نشطاء أن هذه القرارات جاءت في عام يشهد جفافاً وأزمة اقتصادية ومالية تعصف بالمنطقة وعموم سوريا، حيث يسجل سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية قرابة 3200 وقد وصل إلى حدود 5000 ليرة، وكان قبل الأزمة 47 ليرة فقط.
بدورهما، نشر حزبا «التقدمي الكردي» و«الوحدة الكردي» بياناً عبرا فيه عن رفضهما للزيادة المُعلنة. أما أحزاب «المجلس الوطني الكردي» المعارض، قالت إن قرار «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«قوات قسد» التي تهمين على السلطة، ستكون له تداعيات خطيرة.
من جانبها، اتهمت القيادة العامة لـ«قوات قسد» وقيادة قوى الأمن الداخلي (الأسايش) مَن وصفتهم بالمتربصين ذوي الارتباطات الخارجية بالاعتداء بالسلاح على متظاهرين وقواها، ليخلقوا الفوضى في ناحية الشدادي جنوبي الحسكة، ودعت أبناء المنطقة إلى الحذر وعدم الانجرار خلف الفتنة التي تحاول بعض الأطراف إثارتها.
إلى ذلك، سعرت الإدارة الذاتية شراء مادتي القمح والشعير لموسم العام الجاري، وحددت سعر شراء كيلو القمح بـ(1150) ليرة سورية ما يعادل (36 سنتاً أميركياً)، و(850) ليرة عن كيلو الشعير (ما يعادل 3 سنتات أميركية).
في دمشق، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، الأربعاء، قانوناً جديداً للاستثمار في سوريا لتأسيس مشاريع صناعية وإنتاجية كبيرة ولتحقيق العدالة ومنع الاحتكار والحجز الاحتياطي على المشاريع أو فرض حراسة قانونية.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن «قانون الاستثمار الجديد يضمن تحقيق بيئة استثمارية تشجع رؤوس الأموال الخارجية وتحمي رؤوس الأموال المحلية، وتوفر لها وسطاً مشجعاً ومناسباً لتأسيس الاستثمارات، والمشاريع الصناعية والإنتاجية الكبيرة، وبالتالي تحقيق نمو اقتصادي يرفع المداخيل المالية للبلاد، ويؤمن فرص عمل جديدة تعتمد على الخبرات، والمهارات البشرية السورية».
ويشمل هذا القانون المشروع الذي يقيمه المستثمر بمفرده، أو عبر شراكات مع القطاع العام، ويركز قانون الاستثمار الجديد على العدالة في منح فرص الاستثمار، ومنع احتكاره، وتبسيط إجراءاته الإدارية، ويمنع هذا القانون إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع، أو فرض الحراسة عليه إلا بموجب قرار قضائي.
وكان مجلس النقد والتسليف أصدر قراراً يقضي بالسماح للقادمين إلى سوريا بإدخال الأوراق النقدية الأجنبية (البنكنوت) حتى مبلغ 500 ألف دولار أميركي أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى، شريطة التصريح عنها أصولاً وفق النماذج المعتمدة من هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لهذا الغرض والاحتفاظ بنسخة من هذا التصريح.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.