جدل ليبي حول صلاحيات الرئيس القادم وطريقة انتخابه

وسط مخاوف من «عودة الديكتاتورية» وشراء الأصوات

جُلّ الليبيين يعولون على الانتخابات القادمة لاختيار رئيسهم الجديد مع نهاية العام الحالي (أ.ف.ب)
جُلّ الليبيين يعولون على الانتخابات القادمة لاختيار رئيسهم الجديد مع نهاية العام الحالي (أ.ف.ب)
TT

جدل ليبي حول صلاحيات الرئيس القادم وطريقة انتخابه

جُلّ الليبيين يعولون على الانتخابات القادمة لاختيار رئيسهم الجديد مع نهاية العام الحالي (أ.ف.ب)
جُلّ الليبيين يعولون على الانتخابات القادمة لاختيار رئيسهم الجديد مع نهاية العام الحالي (أ.ف.ب)

رغم مرور عشرة أعوام تقريباً على إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، فإن جُلّ الليبيين يتوجسون من عودة حكم الفرد عبر تكرار آليات غير متفق عليها؛ ولذلك ينصب الاهتمام بدرجة كبيرة هذه الأيام على البنود، التي تتعلق بطريقة انتخاب الرئيس الليبي القادم، والصلاحيات التي ستمنح له، دون غيرها من بنود عديدة تضمنها مقترح القاعدة الدستورية للانتخابات. وبرر عبد القادر إحويلي، عضو مجلس الأعلى للدولة بطرابلس، سر هذا الاهتمام بكونه «التجربة الأولى لليبيين لانتخاب رئيس لبلادهم، بعد إسقاط نظام لم ينتخبوه استمر لمدة 42 عاماً، وسبقه نظام ملكي». وقال إحويلي، عضو اللجنة القانونية بالملتقى التي قدمت مقترح القاعدة الدستورية للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإشكالية «لن تتوقف عند كيفية انتخاب الرئيس، سواء من قبل البرلمان أو مباشرة من قبل الشعب، والتي يتوقع حسمها خلال جلسات الملتقى القادمة، كاشفاً عن احتمال امتداد مناقشات الملتقى «للمطالبة بتعديل مقترحات (لجنة فبراير/شباط)، التي تم تضمينها بالإعلان الدستوري، وتحديداً فيما يتعلق بصلاحيات رئيس البلاد».
وأضاف إحويلي، أن «جلسات الملتقى ستناقش كل بنود مقترح القاعدة الدستورية، ومنها صلاحيات الرئيس»، مشيراً إلى أن البعض يرى أن «ما مُنح للرئيس كان أكثر مما ينبغي؛ ولذا لا بد من تقليص هذه الصلاحيات، وذلك في ظل رؤيتهم بأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة».
وحول موقفه من كيفية انتخاب الرئيس، قال إحويلي، إن «الجميع عاين كيف استبدت قيادات السلطتين التشريعية والتنفيذية السابقة بمؤسساتها، وانفردت بالقرار رغم أنها لم تُنتخب من قبل الشعب»؛ «وبالتالي لا أحد يمكنه التكهن بما قد يفعله رئيس سينتخب ويدعم من الشعب. هناك تخوف حقيقي من أن يتغول، خاصة في ظل عدم وجود دستور، وربما قد يقدم في لحظة ما على حل البرلمان».
ولم يستبعد عضو اللجنة القانونية بالملتقى «أن تتزايد حظوظ خيار انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، بسبب رغبة الجميع بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي»، فضلاً عن «وجود تخوفات من أن البرلمان سيكون محكوماً بتحالفاته وتكتلاته، ولن تنجو عملية الانتخاب داخله من شبهات شراء الأصوات لصالح شخصية بعينها».
أما رئيس مؤسسة «سليفيوم» للأبحاث والدراسات، المحلل السياسي الليبي جمال شلوف، فاعتبر أن الجدل حول المفاضلة بين عملية انتخاب الرئيس من قبل الشعب، أو من لدن البرلمان، هو «مجرد محاولة من قبل (الإخوان) والتيار الإسلامي في ليبيا لإلهاء الجميع عن هدفهم الحقيقي، وهو إبقاء منصب الرئيس بالصلاحيات ذاتها المحدودة جداً».
وقال شلوف لـ«الشرق الأوسط»، «كثيرون لا يتذكرون للأسف أن مجلس النواب الليبي ناقش هذه الإشكالية من قبل، وصوّت بأغلبية 141 صوتاً في أغسطس (آب) 2014 على مقترح انتخاب الرئيس المباشر من الشعب». موضحاً أن (الإخوان) «يريدون تكرار تجربة تونس، حيث عمدت حركة النهضة هناك إلى إضعاف موقع الرئاسة وتقوية البرلمان، وقد نجح الإسلاميون في ليبيا منذ عام 2014 في ذلك، عبر بث الخوف في الشعب، والعبث بذهنيته بالحديث عن عودة الديكتاتورية، وبالتالي جاءت صلاحيات الرئيس التي وضعتها (لجنة فبراير) محدودة ومقيدة بسلطة البرلمان... وإذا نجحوا في مخططهم فقد تتكرر لدينا أزمات اصطدام بين البرلمان والرئاسة».
وحذر شلوف من التقليل «من خطر هذا المخطط بالتعويل على عدم امتلاك الإخوان والتيار الإسلامي كتلة مؤثرة بالبرلمان»، موضحاً أنهم «يعمدون لأسلوب التحالفات داخل البرلمان وخارجه، بعيداً عن حجم المقاعد، ولديهم فرص لعقد الصفقات والتفاوض مع بعض المكونات الاجتماعية، وفي كل انتخابات هناك مال سياسي، فضلاً عن احتمال تدخل الميليشيات المسلحة الموالية لهم».
ويرى الباحث، أنه «إلى جانب تخويف الناس من شبح تدشين قذافي جديد، فقد يعمد (الإخوان) أيضاً إلى التخويف من أنه إذا تم انتخاب الرئيس من الشعب فقد تأتي النتائج لصالح شخصية قد لا يتوافق عليها الجميع، بينما إذا تم انتخابه من قبل البرلمان فسيحرص النواب فيما بينهم على التوافق، والبعد من البداية عن الشخصيات الجدلية».
وانتهى شلوف إلى أن التحدي الحقيقي، الذي يواجه النشطاء والسياسيين والحقوقيين في ليبيا هو «كشف وإجهاض هذا المخطط الإخواني، والعمل على إيجاد توازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يخدم مستقبل البلاد». ويتوسط عضو مجلس الأعلى للدولة محمد معزب، الآراء السابقة، عبر تأييده لضبط صلاحيات الرئيس لفترة زمنية محددة، بقوله «في ظل عدم وجود أحزاب سياسية متجذرة وناضجة... سيظل هناك تخوف من عودة الحكم الفردي، خاصة إذا لم توجد ضوابط».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.