المال السياسي وغياب الأمن الانتخابي مثار قلق عراقي

مخاوف من توظيف القوى الكبيرة كل إمكاناتها المشروعة وغير المشروعة

TT

المال السياسي وغياب الأمن الانتخابي مثار قلق عراقي

في الوقت الذي أكد فيه مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، أن هناك حاجة لنظام خاص ينظم ملف المال السياسي، فإن مفوضية حقوق الإنسان حذرت من عدم إمكانية إحكام الأمن الانتخابي.
وقال الهنداوي في إيجاز صحافي يومي، إن «مفهوم المال السياسي مفهوم غامض، ولذلك من المفترض أن يكون هناك نظام خاص لمفوضية الانتخابات ينظم هذه القضية»، لافتاً إلى أن «قانون الأحزاب السياسية يتضمن بعض الفقرات الخاصة والمبادئ العامة بهذا الشأن، ولكن هناك حاجة إلى نظام خاص بهذا المجال يكون مفصلاً من قبل المفوضية». وأوضح أن «الأحزاب في دول العالم، منها أميركا، لديها قنواتها وأموالها الخاصة، ولكن هناك شفافية في الإعلان عن مصادر التمويل وحملاتها الانتخابية»، مبيناً أن «هناك معلومات عنها مثل شركات السيارات والسجائر التابعة لها».
من جهته، أعلن عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق الدكتور فاضل الغراوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات تعتبر من الحقوق السياسية والديمقراطية التي يجب ممارستها بدون أي ضغوط أو تهديدات أو ابتزاز للأصوات». وأضاف أن «الأمن الانتخابي سيكون الركيزة الأساسية لنجاح العملية الانتخابية، وبالتالي فإن الإجبار على المشاركة والتهديد بين القوى السياسية، وكذلك للناخب، ووجود المال والسلاح السياسي، ستكون أبرز التحديات خلال الانتخابات المقبلة».
وأوضح الغراوي أن «من أولى مهام الحكومة ومفوضية الانتخابات والقوى السياسية كذلك السعي الجاد لتحقيق متطلبات الأمن الانتخابي وتهيئة المناخ للمواطن لممارسة حقه في الانتخابات بدون أي ضغوط أو تهديد».
تأتي هذه المخاوف مع بدء العد التنازلي للانتخابات القادمة في العراق، التي بدأت القوى السياسية الكبيرة تحشد لها كل إمكاناتها المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق النتائج التي تتمناها، لا سيما في ظل قانون انتخابي جديد ومفوضية انتخابات جديدة. وتتخوف القوى السياسية والأحزاب الكبيرة التي تسيدت المشهد بعد عام 2003 من أن يكون القانون الجديد الذي يتم الانتخاب بموجبه على أساس الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات يتيح الباب واسعاً أمام دخول قوى جديدة، لا سيما المدنية والليبرالية منها، إلى البرلمان المقبل، الأمر الذي يمكن أن يفرض معادلة سياسية جديدة.
في هذا السياق، يقول جاسم الحلفي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «جميع الانتخابات التي جرت في العراق جرى فيها استخدام المال السياسي من أجل إفسادها وسيطرة المتنفذين على مقاعد البرلمان وصولاً إلى تشكيل حكومة يتحاصصون حقائبها». وأضاف الحلفي أن «موضوع نزاهة الانتخابات أصبح موضوعاً جدلياً لم يقتصر في حدود القوى السياسية، بل امتد إلى صفوف الجماهير، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة المقاطعين للانتخابات لها». وأوضح أنه «عند اندلاع انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 2019 كان موضوع الانتخابات المبكرة أحد الأهداف المهمة التي طالبت بها الانتفاضة، بحيث يتم إجراء انتخابات تسهم في تغيير موازين القوى، وتكسر احتكار السلطة من قبل المتنفذين، وبالتالي تم وضع عدة شروط، من أبرزها ضرورة توفر بيئة انتخابية سليمة تتمثل في حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة القتلة والعصابات المنفلتة وحيتان الفساد».
وبيّن الحلفي أنه «لا يمكن تصور إمكانية أن تكون هناك انتخابات حرة دون البيئة الانتخابية وضبط الإنفاق على الانتخابات، وهو ما لم يحسم حتى الآن». وبشأن الدعوات لمقاطعة الانتخابات، يقول الحلفي إن «هذه الدعوات تأتي لعدم وجود قناعة أن البيئة الانتخابية باتت سليمة، بحيث يمكن إجراء انتخابات حرة بالفعل، الأمر الذي من شأنه توسيع الهوة بين الطغمة السياسية الحاكمة وبين الناس».
من جهته، يرى أستاذ الإعلام في كلية «أهل البيت» بجامعة الكوفة الدكتور غالب الدعمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك عراقيل ستواجه العملية الانتخابية من بدايتها حتى إعلان النتائج وتصديقها»، مبيناً أن «أولى العراقيل تتمثل بالجهات التي تعتقد أنها تحكم باسم الرب، وهذه ترى أن لها الحق في الحكم كونهم من يمثل الله، وهو ما يجيز لها وفق رؤيتها فعل أي شيء لأجل تسلم الحكم». وأكد الدعمي أن «احتمال حصول خروق أمنية انتخابية هو أمر مرجح ووارد جداً، وحتى لا أستبعد حصول صدام بين هذه الجهات المسلحة والتشكيلات الأمنية، أو حتى قد تحصل مع الجهات غير الرسمية (وأقصد هناك سلاحاً غير رسمي لكنه يدعم النظام) التي تقف جانب الحكومة والنظام وتلك الجهات المسلحة».
وفيما يتعلق بالمعوقات الأخرى، يقول الدعمي إن «عملية نقل صناديق الاقتراع قد تكون عرضة لعمليات تخريب، لا سيما في المناطق التي يكون التوجه الشعبي بها لجهات لا تتفق بالرؤية مع أصحاب السلاح، والأمر نفسه ينطبق على مكان خزن صناديق الاقتراع، إذ ربما يتعرض إلى الحرق، وهو أمر غير مستبعد».



بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.