محلل: بايدن يريد فقط حماية «نظام القواعد» الدولي لا «احتواء» بكين

يتحرك مع وزير خارجيته بحذر في ملفي التوسع والاستبداد الصينيين

يقول شفايتزر رئيس معهد المساءلة الحكومية والزميل لمعهد جيتستون الأميركي للأبحاث إن أميركا لم تعد ترغب في قيادة العالم (رويترز)
يقول شفايتزر رئيس معهد المساءلة الحكومية والزميل لمعهد جيتستون الأميركي للأبحاث إن أميركا لم تعد ترغب في قيادة العالم (رويترز)
TT

محلل: بايدن يريد فقط حماية «نظام القواعد» الدولي لا «احتواء» بكين

يقول شفايتزر رئيس معهد المساءلة الحكومية والزميل لمعهد جيتستون الأميركي للأبحاث إن أميركا لم تعد ترغب في قيادة العالم (رويترز)
يقول شفايتزر رئيس معهد المساءلة الحكومية والزميل لمعهد جيتستون الأميركي للأبحاث إن أميركا لم تعد ترغب في قيادة العالم (رويترز)

يتناول المحلل السياسي الأميركي بيتر شفايتزر الإشارات التي توجهها إدارة الرئيس جو بايدن إلى النظام الحاكم في بكين، ليستخلص أنها تريد فقط حماية «نظام القواعد» الدولي لا «احتواء» الصين. ويشير في مقابلة مع نورا أودنيل في برنامج «60 دقيقة» على شبكة سي بي إس نيوز التلفزيونية الأميركية إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين التي قال فيها إن هدف إدارة بايدن ليس «احتواء» الصين وإنما حماية «نظام قائم على القواعد» في العلاقات الدولية. ويقول إن بلينكين كان صريحاً عندما قال: «هدفنا ليس احتواء الصين ولا كبحها ولا إبقاءها خلفنا، هدفنا هو المحافظة على نظام عالمي قائم على القواعد والذي تمثل الصين تحدياً له. أي طرف يمثل تحدياً لهذا النظام سنتصدى له دفاعاً عن هذا النظام». ويقول خلال الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي سابقاً لم تكن سياسة الاحتواء تعني فقط أن الولايات المتحدة كانت تريد منع تقدم الدبابات السوفياتية إلى ألمانيا الغربية، ولكن أيضاً كانت تريد الحد من نفوذ الاتحاد السوفياتي أو احتواءه في أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط. وبالنسبة للصين يعني الاحتواء دعم هونغ كونغ والهند وإقليم التبت والأقليات العرقية والدينية في الصين ودعم اليابان والنمور الآسيوية التي تواجه الهيمنة الصينية. كما تعني سياسة الاحتواء ضرورة معارضة الاعتداءات والادعاءات الصينية بشأن الحدود البحرية داخل الأمم المتحدة، مع استمرار وجود الأسطول السابع الأميركي في المناطق التي تسعى الصين إلى فرض سيادتها عليها.
وحاول الرئيس الأميركي ووزير خارجيته في مناسبات عديدة مؤخراً القول إنهما يريدان أن تلتزم الصين بـ«القواعد»، في الوقت الذي تتخطى فيه الولايات المتحدة كقوة مسيطرة في العالم، وأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع الصين.
وبحسب شفايتزر رئيس معهد المساءلة الحكومية والزميل المخضرم لمعهد جيتستون الأميركي للأبحاث، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية للأنباء، فإن هذه التصريحات تمثل اعترافاً مهماً بأن أميركا لم تعد ترغب في قيادة العالم وتتراجع مشكورة كقوة عظمى مسيطرة. وربما ينظر بعض الحلفاء الغربيين إلى هذه الإشارات الأميركية باعتبارها مجرد التزام نبيل بالنظام العالمي وطريقة مهذبة للرد على سلوك متنمر. كما يرى شفايتزر مؤلف العديد من الكتب الأكثر مبيعاً مثل «ملامح في الفساد» و«الإمبراطوريات السرية» و«أموال كلينتون» أن الرئيس بايدن عندما ظهر مع أندرسون كوبر على شبكة سي إن إن التلفزيونية قدم ما يشبه الاعتذار للصين لأنه أثار ملف حقوق الإنسان في أول اتصال هاتفي له مع الرئيس الصيني شي جين بينج حيث سأله كوبر «عندما تحدثت معه عن انتهاكات حقوق الإنسان هل كان مجرد حديث يقتصر على ما يتعلق بالولايات المتحدة؟ وهل كانت هناك تداعيات فعلية بالنسبة للصين؟».
ورد بايدن بالقول: «حسناً، ستكون هناك تداعيات على الصين، وهي تعرف ذلك. ما أوضحته هو أننا في الواقع سنواصل تأكيد دورنا كمتحدثين باسم حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات التي لها تأثير على مواقفهم. الصين تحاول بجد أن تصبح زعيمة العالم، ولكي تحقق ذلك عليها أن تكسب ثقة الدول الأخرى. وما دامت منخرطة في أنشطة تتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية سيكون من الصعب عليها تحقيق ذلك». من المغري أن ننظر إلى كلمات أي سياسي عن الدبلوماسية باعتبارها حركات تكتيكية وليست إعلاناً صريحاً لنواياه الدبلوماسية الحقيقية. وقد اشتهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب باستخدام لغة لينة عند الحديث عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، مقارنة بلغته عند الحديث عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ولكن
الكلمات والبيانات تصبح مهمة عندما يتعلق الأمر بالمصالح الصينية؛ فالضعف الظاهر هو الضعف الذي يمكن استغلاله. والسياسة الأميركية تجاه الصين الصاعدة يجب أن تكون عبارة عن كلمات قوية تتماشى مع سياسة احتواء لها. وسياسة الاحتواء تعني منع تمدد التوسع الجيوسياسي والنفوذ للدولة المقصودة حول العالم.
ويقول شفايتزر في تحليل نشره موقع معهد جيتستون الأميركي إن الواقع يشير إلى أن كلاً من بايدن وبلينكين يتحركان بحذر في ملفي التوسع والاستبداد الصينيين، إلى الدرجة التي تجعلهما لا يستخدمان كلمة «احتواء» تجنباً لاستفزاز بكين، التي قد ترد على هذه الإساءة. ولكن عندما يعرف الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أن بكين تريد تجاوز الولايات المتحدة وتسعى إلى نشر نموذجها السلطوي حول العالم، فكيف لهما كقادة مفترضين للعالم الحر ألا يدعوا إلى احتواء الصين وربما إلى ما هو أكثر من مجرد الاحتواء؟ لذلك لا ينبغي لقادة العالم الحر أن يتحدثوا فقط ويتصرفوا، في مواجهة انتهاكات الصين لحقوق الإنسان والحركات التوسعية العدوانية على الصعيد الدولي. ولكن يجب عليهم أن يهاجموا النسخة الأسوأ والأشد شراسة من الفكر اللينيني الشيوعي وهو الحزب الحاكم في الصين، باعتباره السبب الأساسي وراء انتهاكات حقوق الإنسان في الصين ووراء ممارساتها المضادة للاستقرار العالمي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».