أوروبا تستبعد تحقيق المناعة الجماعية في 2021

تحورات «كورونا» وقلة تطعيم الدول النامية عقبتان رئيسيتان

جانب من حملة التطعيم في إندونيسيا بلقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
جانب من حملة التطعيم في إندونيسيا بلقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
TT

أوروبا تستبعد تحقيق المناعة الجماعية في 2021

جانب من حملة التطعيم في إندونيسيا بلقاح «أسترازينيكا» (رويترز)
جانب من حملة التطعيم في إندونيسيا بلقاح «أسترازينيكا» (رويترز)

يفيد التقرير الدوري الأخير لـ«المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها»، بأن المؤشرات الأساسية لتطوّر جائحة «كورونا»، مثل المعدلات التراكمية لانتشار الفيروس وأعداد الوفيات والإصابات اليومية التي تحتاج لعلاج في المستشفى، تتراجع بشكل مطرد في معظم البلدان الأوروبية، وتقترب بسرعة من المستويات التي يفترض أن تمهّد لاستئناف دورة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية بشكل طبيعي.
لكن ينبّه خبراء المركز إلى أن المناعة الجماعية التي يتوقع كثيرون بلوغها مع تقدّم حملات التلقيح، لن تتحقق هذا العام، بل يشككون في الوصول إليها يوماً ما، بسبب الطفرات الجديدة التي ستتواصل، ما دام استمر النقص الحاد في اللقاحات لتطعيم سكان الدول النامية في القريب المنظور.
ويأتي هذا التنبيه في الوقت الذي بدأت دول أوروبية عدة، خصوصاً السياحية منها، مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، رفع القيود تدريجياً على حركة السفر والتنقّل وأنشطة الترفيه والخدمات، وذلك بعد أن تجاوزت التغطية اللقاحية فيها 25 في المائة من مجموع السكان، وتسارعت وتيرة التطعيم بعد أشهر من التعثّر.
ويشير التقرير إلى أن «الفيروس لن يختفي بسهولة، وقد لا يختفي أبداً كغيره من الفيروسات التنفسية. الطريق ممهّد نحو العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، لكن الإصابات لن تختفي بشكل كامل، ولن نصل إلى المناعة الجماعية، بل إلى السيطرة العملية على الجائحة، ولن نتمكّن من التخلّص من الكمامات الواقية بسرعة».
وتجدر الإشارة أن العلماء يكررون منذ بداية الجائحة أن مناعة القطيع التي توفّر حماية جماعية كافية تمنع الفيروس من السريان، وتشكّل أيضا حماية لمن لم يتلقوا اللقاح، تتحقق عندما تبلغ التغطية اللقاحية 70 في المائة من مجموع سكان العالم، وهذا ما تتوقع الدول الأوروبية وحدها بلوغه قبل نهاية فصل الصيف المقبل.
لكن يحذّر خبراء المركز الأوروبي من أن هذه النسبة من التغطية اللقاحية لن تكون كافية لبلوغ المناعة الجماعية، بسبب من الطفرات الفيروسية الجديدة، لأن النسبة اللازمة للوصول إلى هذه المناعة تتوقف على المعدّل الأساسي لتكاثر الفيروس، أي متوسط الإصابات التي يسببها كل مريض. ويجدر التذكير بأن نسبة 70 في المائة المتداولة لبلوغ المناعة الجماعية هي نتيجة الحسابات التي أُجريت منذ عامين على فيروس «سارس» حيث قُدّر المعدل الأساسي لتكاثره بين 2 و3. لكن بعض الطفرات الجديدة لـ«كوفيد - 19» يتراوح معدل تكاثره بين 3 و5، ما يستدعي تلقيح عدد أكبر من السكان لبلوغ المناعة الجماعية. ويعتقد بعض الخبراء أن النسبة اللازمة الآن لبلوغ هذه المناعة تتراوح بين 80 في المائة و90 في المائة، ويذكّرون بأن فيروس الحصبة مثلاً، وهو أسرع سرياناً من «كوفيد - 19»، يقتضي تلقيح 95 في المائة من السكان لبلوغ المناعة الجماعية.
ويوصي المركز الأوروبي بوضع نماذج لتحديد وتيرة العودة إلى الحياة الطبيعية استناداً إلى مواصفات المشهد الوبائي وتطوراته في كل دولة، ويحذّر من الاستئناف السريع للأنشطة ورفع القيود تحت وطأة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، منبّهاً أن التسرّع وظهور موجة وبائية جديدة بعد موسم الصيف من شأنه أن يقضي على جهود عام كامل، ويعيدنا إلى نقطه الصفر، ويفتح الباب أمام ظهور طفرات جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض البلدان الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا والنمسا وبلجيكا، ما زالت تسجّل معدلات مرتفعة من الرافضين والمترددين لتناول اللقاح، الأمر الذي يجعل من شبه المستحيل بلوغ المناعة الجماعية فيها إذا استمرّ الوضع. ويذكر أن الولايات المتحدة، وهي بين أسرع الدول في حملات التلقيح، تواجه ازدياداً في أعداد المترددين في تناول اللقاح بين بعض الفئات من السكان، ما دفع ببعض الخبراء إلى التشكيك في إمكانية بلوغ المناعة الجماعية. لكن يطمئن خبراء المركز الأوروبي في التقرير بأن عدم بلوغ المناعة الجماعية لا يحول دون السيطرة على الفيروس ومحاصرته بشكل شبه كامل، بحيث ينخفض عدد الإصابات إلى معدلات متدنية جداً من غير خطورة تُذكر، ويشددون على أن «المهم الآن هو تلقيح أكبر عدد ممكن من الناس، وعدم التسرّع في رفع التدابير الوقائية».
ويتوقع التقرير بعد تجاوز نسبة التغطية اللقاحية 50 في المائة من مجموع السكان أن تنخفض الإصابات اليومية في البلدان الأوروبية إلى المئات، مع تراجع كبير في عدد الوفيات والحالات الخطرة التي تحتاج لعلاج في المستشفى. كما يتوقع، في الأمد الطويل، أن تظهر بؤر تسهل السيطرة عليها، وأن توفّر الحماية الكاملة للفئات الأكثر تعرّضاً، مع إمكانية تحديد كل المصابين ومتابعتهم وعزلهم. ويرجّح التقرير الوصول إلى هذه المرحلة أواخر العام الحالي أو مطلع السنة المقبلة، ثم الانتقال إلى تلقيح المراهقين بين 12 و16 عاماً، كما قررت أن تفعل الولايات المتحدة.
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ناشد الدول الغنيّة إعادة النظر في استراتيجياتها اللقاحية، ومنح الجرعات التي تنوي استخدامها لتلقيح المراهقين إلى الدول الفقيرة التي لم يتمكن بعضها حتى من تلقيح أفراد الطواقم الصحية.
ويقول عالم الوبائيات، بيدرو ألونسو، الذي يشرف على برنامج مكافحة الملاريا في منظمة الصحة العالمية: «لا شك في أن التضامن الدولي قد أخفق في مواجهة الجائحة، والكل يتحدث عن التضامن، لكن الجميع يسرعون أولاً إلى تلقيح مواطنيهم وليس من السهل توجيه اللوم إلى الحكومات على هذا التصرّف».



مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».