«غضب مسيحي» من السلطة السياسية لفشلها في تشكيل الحكومة اللبنانية

البطريرك الراعي مترئساً قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي مترئساً قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

«غضب مسيحي» من السلطة السياسية لفشلها في تشكيل الحكومة اللبنانية

البطريرك الراعي مترئساً قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
البطريرك الراعي مترئساً قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

عبر الزعيمان الدينيان لأكبر طائفتين مسيحيتين في لبنان، أمس (الأحد)، عن غضبهما من السلطة السياسية وفشلها في إيجاد حلول للأزمة القائمة، وسط جمود يلف الملف الحكومي، وغياب أي مؤشرات على حلحلة قريبة لتعثر تشكيل الحكومة اللبنانية.
ووصف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الجو السائد بـ«الجريمة»، فيما اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، أن السياسيين «لا يفكرون إلا بمصالحهم ومستقبلهم ومكتسباتهم».
وأكد الراعي في عظة الأحد أنه «يتوجب على المسؤولين تحريك مفاوضات تأليف الحكومة، فالجمود السائد مرفوض وبات يُشكل جريمة بحق الوطن والشعب»، وقال: «إننا لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تُمعِنَ الجماعة السياسية في قهرِ الناسِ وذبحِ الوطن، وأن تتفرج على العُملة الوطنية تَفقِدُ أكثرَ من 85 في المائة من قيمتِها، وعلى اللبنانيين يتسولون في الشوارع، ويتواصلَ الغلاءُ الجُنوني»، مشدداً على رفضه «أنْ تذهبَ أموالُ دعمِ السلعِ إلى المهربين والميسورين والتجار، وأنْ يَشتبِكَ المواطنون في المتاجرِ على شراءِ السِلع، وأن تُفقَدَ الأدوية والمواد الغذائية والوَقود»، ورافضاً «المس باحتياطي المَصَرفِ المركزي فتَطيرَ ودائعُ الناس».
وقال الراعي: «لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تَبقى المعابرُ البرية الحدودية مركزاً دولياً للتهريب، والمطارُ والمرفأُ ممرين للهدرِ الموصوف، ولا نَقبَلُ بتاتاً أنْ يَستمر الفسادُ في أسواقِ الطاقة والكهرباء ويَدخُلَ لبنانُ عصرَ العتمة، ولا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تهاجرَ الأدمغة اللبنانية والنُخبُ وأهلُ الاختصاص، لا نَقبَلُ أنْ يُعتمَ على المرتَكِبين الحقيقيين ويُبحَثَ عن أكباشِ محارق»، مؤكداً رفضه «أنْ تُضربَ مؤسساتُ الكِيان والنظام، ويَستمر إسقاطُ النظامِ السياسي والاقتصادي، وأن عُزَلَ لبنانُ للإطباقِ عليه بعيداً عن أنظارِ العالم».
من جانبه، سأل المطران عودة: «هل أصبحت السياسة تجارة تبتغي الأرباح والمنافع عوض الخدمة؟». وقال: «معيب حقاً ومخجل أن يكون بلدنا في هذا الوضع المزري ولا نشهد خطوة إنقاذية واحدة، أو تلاقياً بين المسؤولين من أجل مناقشة الوضع وابتداع الحلول». وأضاف: «نسمع بين وقت وآخر من يتكلم عن محاولة لجمع الأطراف قد فشلت، أو عن سعي لجمعهم لم ينجح. هل هكذا تدار الأوطان؟ وهل الحرد أو المقاطعة مسموحان في ظرف عصيب كالذي نعيشه؟».
وأكد عودة أن «الحكومة المستقيلة عاجزة ليس فقط عن إدارة البلد، بل حتى عن وقف الانهيار أو إدارته، ولم نشهد منذ أشهر إرادة حقيقية لتأليف حكومة تحاول اتخاذ إجراءات سريعة تضع البلد على طريق الإنقاذ».
وسأل: «ألم يحن الوقت ليدركوا أن إلغاء الآخر لا يجدي، وأن المطلوب هو تعاون من أجل الإنقاذ، وتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن الداخلي والتفاهم من أجل مصلحة لبنان؟».
ولم يُسجل أي خرق على خط الجمود الحكومي، ورأى النائب ياسين جابر أن «من غير المقبول التحجج بمعايير وعقد تؤخر تأليف الحكومة، فيما الحاجة ملحة لتشكيل سريع مع برنامج واضح وتفويض مباشر بالإصلاحات من دون عراقيل». وقال جابر في حديث إذاعي، إن «رئيس الجمهورية يتحمل المسؤولية الأكبر للخروج من هذا الجمود في ملف تشكيل الحكومة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.