التحقيق مع العشرات من نشطاء الحراك في الجزائر

على خلفية القرار الحكومي الأخير بمنع المظاهرات غير المرخصة

جانب من مظاهرات الحراك في العاصمة الجزائرية يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك في العاصمة الجزائرية يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

التحقيق مع العشرات من نشطاء الحراك في الجزائر

جانب من مظاهرات الحراك في العاصمة الجزائرية يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك في العاصمة الجزائرية يوم 7 مايو الحالي (أ.ف.ب)

باشرت النيابة العامة في محاكم عدة بالجزائر أمس تحقيقات طالت العشرات من نشطاء الحراك الشعبي كانت الشرطة قد اعتقلتهم في مظاهرات يوم الجمعة الماضي. وجاءت هذه التحقيقات الجماعية على خلفية القرار الحكومي الأخير القاضي بمنع المظاهرات غير المرخصة.
ووضع قضاة التحقيق قطاعاً من الناشطين قيد الرقابة القضائية، أشهرهم أستاذ الفيزياء بجامعة قسنطينة (شرق) جمال ميموني، المتهم بـ«التحريض على تجمهر غير مرخص» و«رفض الخضوع لإجراءات إدارية». وقال محامون رافقوا معتقلين في أثناء استجوابهم لـ«الشرق الأوسط» إن تهمة «التحريض على التجمهر» طالت غالبية الموقوفين، بينما نُسبت تهمة «رفض الخضوع لإجراءات إدارية» لكل من رفض إمضاء وثيقة تعهد بعدم المشاركة في الحراك يوم الجمعة. وقانونياً، يواجه من يقع تحت طائلة التهمتين الحبس الاحتياطي إذا ضبطته الشرطة في المظاهرات من جديد.
ولقي اعتقال ميموني، وهو بروفسور حاصل على دكتوراه من جامعة بنسلفانيا الأميركية، ووضعه في الحجز تحت النظر لمدة 48 ساعة، إدانة واسعة من طرف نقابة أساتذة التعليم العالي ونشطاء حقوق الإنسان. وأدان عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، في حسابه على «تويتر»، سجنه، وطالب بإلغاء متابعته قضائياً.
ونشر ناشطون أمس بالمنصات الرقمية على نطاق واسع استطلاعاً أنجزه التلفزيون العمومي العام الماضي، حول أعمال وأبحاث ميموني في فيزياء الجزيئات النووية عندما كان في الولايات المتحدة الأميركية، وحول نشاطه بصفته رئيساً لـ«جمعية الشعري لأبحاث الفلك والفيزياء».
وغادر ميموني محكمة الزيادية بقسنطينة ظهر أمس، حيث وجد عند خروجه زملاءه بالجامعة وأعضاء بالحراك المحلي. وصرح محاموه للصحافة بأنهم استأنفوا قرار قاضي التحقيق وضعه في الرقابة القضائية، ونددوا بـ«معاقبته بسبب مواقفه السياسية، ورفضه إمضاء وثيقة التعهد بالتخلي عن المشاركة في مظاهرات الجمعة».
يشار إلى أن الدستور يكفل التظاهر سلمياً في الشارع، وأنه تم بعد تعديله في الخريف الماضي إلغاء طلب الرخصة من السلطات شرطاً لتنظيم الاحتجاجات.
وأحصت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» (تتكون من ناشطين بالحراك) اعتقال أكثر من 10 أساتذة بالجامعة الجمعة الماضي، جرى تقديم بعضهم أمس للنيابة وقضاة التحقيق، فيما تم تمديد التوقيف تحت النظر لآخرين، من بينهم العربي رابدي أستاذ اللغة والأدب الفرنسي بجامعة سطيف (شرق)، وهو من قدامى نشطاء «الحركة الثقافية البربرية» ذات البعد الأمازيغي، ومناضل بحزب «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض.
واستجوبت النيابة بمحكمة سطيف 24 معتقلاً أمس، 9 منهم تفوق أعمارهم الـ70، بحسب محامين بهذه المحافظة الثانية من حيث الكثافة السكانية بعد العاصمة. وتم استجواب 34 شخصاً بمحكمة باب الوادي بالضاحية الغربية للعاصمة، اعتقلتهم الشرطة الجمعة الماضي في أثناء المظاهرة التي منعتها بالقوة. كما يشار إلى تمديد التوقيف تحت النظر لكنزة خاطو، صحافية «راديو ماغراب» التي اعتقلت بالعاصمة عندما كانت بصدد تغطية حراك الجمعة.
وفي برج بوعريريج (شرق) تم عرض 15 ناشطاً على النيابة أمس، واستمر التحقيق معهم ساعات طويلة.
وشهدت محاكم غرب وجنوب البلاد أمس استجواب كثير من موقوفي مظاهرات الجمعة المحظورة التي عرفت اعتقال 600 شخص، نصفهم بالعاصمة. وتركت كثافة الاعتقالات انطباعاً قوياً بأن قوات الأمن عازمة على وقف المظاهرات قبل موعد انتخابات البرلمان المقررة في الـ12 من الشهر المقبل. وتعد السلطات الاستحقاق رهاناً كبيراً لـ«بناء مؤسسات شرعية» تكون خالية -حسبها- من ممارسات الفساد التي ميزت فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وفي سجن وهران (غرب)، دخل أمس إضراب النشطاء الطاهر بوتاش وياسر رويبح ومصطفى قيرة عن الطعام أسبوعه الثاني، وذلك احتجاجاً على إيداعهم الحبس الاحتياطي. واتهم الثلاثة بالانتماء لتنظيم «رشاد» الذي توجد قيادته في الخارج، وتعده السلطات مسؤولاً عن «انحراف الحراك»، من خلال رفع شعارات حادة ضد المخابرات وقيادة الجيش.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.