تونس تجري تدريبات عسكرية بمشاركة «أفريكوم» و11 دولة

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
TT

تونس تجري تدريبات عسكرية بمشاركة «أفريكوم» و11 دولة

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التونسية، أمس، عن تدريب عسكري مشترك على السواحل الشمالية للبلاد بالشراكة مع القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) و11 دولة، يبدأ اليوم الأحد ويستمر حتى يوم 28 من الشهر الجاري.
وأفادت الوزارة في بيان صحافي، أوردته وكالة «تونس أفريقيا للأنباء»، أمس بأن التدريب «فونيكس إكسبراس 21» سيكون بشراكة مع القيادة الأميركية في أفريقيا، وأربع بواخر عسكرية تابعة لجيش البحر، وخمس بواخر أجنبية، و130 ضابطاً ينتمون لـ12 دولة مشاركة.
وسيشارك في التدريب ممثلون عن دول الجزائر ومصر وليبيا، والمغرب وموريتانيا والولايات المتحدة الأميركية، وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا والمملكة المتحدة واليونان ومالطا. ويتضمن التدريب المشترك، بحسب البيان، تدريبات متقدمة لفرق الطلائع البحرية والقوات الخاصة، ويهدف إلى التدريب على قيادة وتنفيذ عملية بحرية مشتركة لمقاومة الأنشطة غير المشروعة في البحر، وتطوير مهارات العسكريين من خلال تبادل الخبرات فيما بينهم.
ومن جهة ثانية، توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أول من أمس بالشكر إلى تونس، بعد لقاء عبر دائرة الفيديو المغلقة، جمع القادة الموقعين على «نداء كرايستشيرش» للتصدي للمحتوى الإرهابي والمتطرفين على الإنترنت. كما أشاد الرئيس الفرنسي بدور تونس الفعال في مكافحة الإرهاب، خلال حضور رئيس الحكومة هشام المشيشي القمة الافتراضية حول الإرهاب، بدعوة من رئيسة وزراء نيوزيلندا، وبمشاركة الرئيس الفرنسي والوزير الأول البريطاني بوريس جونسون، والوزير الأول الكندي جسوتان ترودو. وتهدف القمة إلى منع نشر الصور أو المحتوى الذي تنتجه الجماعات الإرهابية.
إلى ذلك، أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس قيس سعيد سيقوم بزيارة رسمية إلى فرنسا تدوم يومين، تبدأ غداً الاثنين، وذلك للمشاركة في قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، المزمع عقدها بعد غد الثلاثاء في باريس. وسيشارك في هذه القمة، التي تلتئم لأول مرة حضورياً، منذ بداية تفشي جائحة فيروس «كورونا» المستجد، 22 بلداً أفريقياً، أغلبهم ممثل برؤسائه، وفق ما صرح به مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المكلف بأفريقيا، فرانك باري، خلال ندوة صحافية عقدت عن بعد، أول من أمس.
وتهدف هذه القمّة، وفق المسؤول الفرنسي، إلى إيجاد موارد تمويل جديدة للقارة الأفريقية، التي تضررت بشكل فادح من أزمة (كوفيد - 19). وهي تطمح إلى وضع ركائز مساعدة مكثفة للاقتصاديات الأفريقية، حتى تتمكن من مجابهة الصدمات التي تلقتها جرّاء وباء «كورونا». وأوضح في هذا السياق، أنه تم التحضير لذلك مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، منذ عدة أشهر.
وقال باري بهذا الخصوص: «حالياً نحن قريبون من اتفاق مع صندوق النقد الدولي لوضع آلية تمكن البلدان الأفريقية من الاستفادة من قروض بلا فوائد. وتتمثل الغاية المنشودة، في الخروج بحزمة إجراءات طموحة لأقصى حدّ ممكن». معتبراً أن القطاع الخاص في أفريقيا «يعد المصدر الرئيسي لتشغيل الشباب، لكنه لم يكن أبداً محور قمة دولية، حتّى الآن، لذلك نتطلع إلى جعله أولوية، وإلى تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والمؤسسات المتناهية الصغر في القارة الأفريقية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.