طارق لطفي: لا أعترف بالبطولة المطلقة

قال لـ«الشرق الأوسط» إن دوره في «القاهرة ـ كابول» لم يُشعره بالقلق

لطفي مع المؤلف عبد الرحيم كمال
لطفي مع المؤلف عبد الرحيم كمال
TT

طارق لطفي: لا أعترف بالبطولة المطلقة

لطفي مع المؤلف عبد الرحيم كمال
لطفي مع المؤلف عبد الرحيم كمال

قال الفنان المصري طارق لطفي إن شخصية زعيم التنظيم الإرهابي التي جسدها في مسلسل «القاهرة – كابول» بموسم دراما رمضان بمصر سيطرت على تفكيره خلال الشهور الماضية، مؤكداً إيمانه بدور الفن والقوة الناعمة في التصدي لظاهرة الإرهاب، وقال لطفي، في حواره مع «الشرق الأوسط»، إن مسلسله يدق ناقوس الخطر تجاه هذه الظاهرة، مشيراً إلى أنهم عاشوا لحظات قلق خلال تصوير العمل، لكن بددتها إشادات الجمهور به بعد العرض.
ولفت طارق لطفي الأنظار إليه أخيراً بعد إتقانه شخصية «الشيخ رمزي»، التي احتفظ بكل تفصيلاتها على مدى عام ونصف العام - مدة تصوير المسلسل - ويُعد لطفي أحد نجوم جيل الوسط في مصر، بعد تخرجه في معهد الفنون المسرحية عام 1990، ومشاركته في أعمال تلفزيونية وسينمائية كشفت عن موهبته ومنها «الوسية، والعائلة، وحديث الصباح والمساء، وبنت من شبرا، وبعد البداية، ودماء على الأسفلت»، وإلى نص الحوار :
> في البداية... كيف استطعت الاحتفاظ بروح وملامح شخصية «الإرهابي رمزي» رغم طول مدة التصوير؟
هذا المسلسل كان مهماً للغاية بالنسبة لي، لدرجة أنني لم أكن أحتفظ بالسيناريو في مكتبي، بل كنت أضعه في غرفة معيشتي ليبقى أمامي ويظل محور تفكيري طوال الوقت، حتى في فترات توقف التصوير كنت أحتفظ به، وأراجع الحوار، وأقف أمام المرآة لأطمئن على ملامح الشخصية لإعجابي بها وببراعة كتابة المؤلف عبد الرحيم كمال لها.
> المؤلف نفى أي ربط بين ملامح «الشيخ رمزي» و«بن لادن» هل جاء هذا التشابه بالصدفة؟
لا توجد علاقة بين «الشيخ رمزي» و«بن لادن»، لأن رمزي مجموعة ملامح لشخصيات كثيرة، وعندما أطلق عليه المؤلف اسم «رمزي» كان يقصد هذه التسمية، فهو يرمز لشخصيات عديدة، أحياناً قد يكون مثل الإرهابي «شكري مصطفى» أو «بن لادن» وأحياناً يكون مثل إرهابي آخر، والشبه لم يأتِ بالصدفة، لأننا حاولنا الاقتراب من رموز الشخصيات المأخوذ عنها ملامح البطل.
> وكيف توصلت لطبقة صوت «الشيخ رمزي»؟
جمعني بفريق العمل بروفات عدة، واتصالات مستمرة، لضبط الماكياج والملابس، أما طبقة الصوت فقد توصلت إليها بنفسي وكانت مجهدة جداً بالنسبة لي، حيث كانت تتطلب كمية هواء ضخمة، ما أرهق أحبالي الصوتية، فلم يكن بإمكاني مواصلة تصوير مشهد طويل، بل كنت أتوقف لتناول مشروبات وإراحة صوتي قليلاً، ولكنني تحاملت على نفسي لأنني كنت أرى الصوت من أهم عناصر الشخصية التي تؤكد قوتها وثباتها الانفعالي.
> حقق المسلسل تفاعلاً لافتاً منذ بداية عرضه... هل توقعت ذلك؟
الحقيقة أننا جميعاً شعرنا بالقلق والرعب منذ طرح الأفيش ثم البرومو الدعائي، فقد قوبلا باستحسان شديد وإشادة قبل عرض المسلسل، وجاء قلقنا من أن يكون قد حدث توقع مبالغ فيه من الناس وقد يجدون الحلقات على غير توقعاتهم فيحدث رد فعل عكسي، لكن رد الفعل الإيجابي واهتمام الجمهور والنقاد به فاق توقعاتنا وأسعدنا بشدة.
> جمع المسلسل عدداً من الممثلين المخضرمين، وكان مشهد الأصدقاء الأربعة بمثابة مباراة في التمثيل، كيف دارت الكواليس؟
تجمعنا صداقة وزمالة واحترام، فأنا أحترم موهبة كل النجوم المشاركين، الأساتذة نبيل الحلفاوي، وخالد الصاوي، وفتحي عبد الوهاب، وحنان مطاوع، وأحمد رزق، وهم ممثلون مخلصون وموهوبون، فحنان مطاوع بمثابة شقيقتي، ورزق وخالد وفتحي من أقرب أصدقائي، وهي المرة الأولى التي أعمل فيها مع الأستاذ نبيل الحلفاوي وسعدت وتشرفت بذلك.
> يكشف «القاهرة – كابول» كواليس صناعة الإرهاب... كيف ترى أهمية المسلسل في مجابهة التطرف الديني؟
هذا أمر مهم وضروري جداً في الفترة الحالية، لأن المسلسل يدق جرس إنذار وتحذير من خطورة التطرف على مجتمعاتنا، فقد يتسبب مُعلم مثلاً في تغذية عقول الأطفال بأفكار متطرفة يربط بها فهمه للدين طيلة حياته، لدرجة أن يصبح متطرفاً وإرهابياً، وعلينا أن ننتبه جيداً لذلك، حتى لا نسهم في صناعة إرهابيين.
> وهل ترددت في تقديم «الشيخ رمزي»؟
للفن دور كبير في التصدي لقضايا المجتمع ومن بينها التطرف والإرهاب باسم الدين، وأنا مؤمن بقيمة وفاعلية الفن، فهو مؤثر جداً في المجتمع، بالطبع لم أشعر بالقلق أو أخشى من تجسيد شخصية الشيخ رمزي، وقبلها لم أتردد أمام شخصية «مصباح» في «العائلة» التي قدّم فيها الأستاذ وحيد حامد طرحاً مختلفاً وهو أن الإحباط والظلم الاجتماعي وعدم العدالة والوضع الاقتصادي السيئ أشياء من الممكن أن تسهل استقطاب الشباب للجماعات المتطرفة، لكن قضيتنا في الرحلة من القاهرة إلى كابول هي كيف لشخص من مجتمع وسطي وبيئة عادية يصل برحلته إلى كابول التي عرفت لفترة طويلة بأنها كانت معقلاً للإرهابيين، كما قدمت شخصية الضابط الذي يتصدى لجماعات الإرهاب في فيلم «الناجون من النار».
> كثيرون يرون أن اختياراتك لأعمالك الفنية في السنوات الأخيرة تعكس نضجاً فنياً كبيراً... ما تعليقك؟
كلما كبر الممثل وازدادت خبرته صار حريصاً جداً في اختياراته، عن نفسي لا أسعى للوجود لمجرد ذلك أو من أجل المادة، لكنني حريص على كل دور أؤديه، وأرغب في ترك ميراث فني مهم لأولادي ليفخروا به، وأن أقدم أعمالاً تحترم عقول الناس مثلما أحظى باحترامهم.
> بدأت مشوار البطولة التلفزيونية في عام 2015 عبر مسلسل «بعد البداية» لكنك لم تسعَ للانفراد بالبطولة في أغلب أعمالك... لماذا؟
لا أعترف بشيء اسمه بطولة مطلقة، فالعمل الفني عمل جماعي ولا يوجد ممثل مهما عظمت موهبته يستطيع أن ينجح بمفرده، وأرى من قراءة التاريخ أنه كلما وُجد في العمل ممثلون متميزون بأدوار مهمة كان ذلك أفضل للعمل الفني.
> قدمت لأول مرة فيلم رعب «122»... لماذا تحمّست له؟
لأنه موضوع مختلف، وكل الذين سبقونا في مصر في أفلام الرعب لم يوفقوا، وحينما وجدت المؤلف صلاح الجهيني يقدم تناولاً مختلفاً، مع وجود مخرج مميز مثل ياسر الياسري، ومنتج ذكي في اختياراته، تحمست لذلك، والحمد لله صدقت توقعاتي ونجح الفيلم محققاً إيرادات كبيرة في وقت صعب، وأصور حاليا فيلم «حفلة 9» وقد انتهيت من تصوير أغلب مشاهده، وأستعد لفيلم آخر لا يزال في مرحلة الكتابة.
> بعد حصد «القاهرة – كابول» على إشادات عدة هل ينتابك قلق بشأن خطواتك المقبلة؟
عقب كل نجاح هناك قلق ينتاب الفنان بشأن ما سيقدمه، عن نفسي إذا لم أجد عملاً جيداً يعزز هذا النجاح قد لا أشارك في أعمال رمضان المقبل.



طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».