الحكومة اليمنية تتمسك بـ«المرجعيات» وتحمّل الانقلابيين مسؤولية استمرار الحرب

جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
TT
20

الحكومة اليمنية تتمسك بـ«المرجعيات» وتحمّل الانقلابيين مسؤولية استمرار الحرب

جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)

جددت الحكومة اليمنية الشرعية تمسكها بخيار السلام المستند إلى المرجعيات الثلاث، محمّلة الميليشيات الحوثية مسؤولية استمرار الحرب وإفشال جهود السلام الأممية والدولية.
وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله علي السعدي، إن خيار الحكومة في بلاده «كان وسيظل هو السلام الشامل والعادل والمستدام للأزمة اليمنية، الذي يقوم على أساس المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية المتفق عليها والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2216 (2015)».
تصريحات السعدي جاءت في بيان بلاده إلى الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي التي انعقدت الأربعاء، حيث أوضح أن المشكلة في «عقول الميليشيات الحوثية التي ما زالت متحصنة بالحرب والعنف».
وتابع السعدي بالقول: «قابلت تلك الميليشيات كل جهود السلام التي بذلتها الحكومة اليمنية وجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوث الولايات المتحدة الأميركية إلى اليمن والمبادرة الأخيرة للمملكة العربية السعودية الساعية لإيقاف نزف الدم اليمني وتحقيق السلام، بالتعنّت والرفض والاستمرار في الهجوم الوحشي الخطير في مأرب منذ شهر فبراير (شباط)، التي تحتضن أكثر من مليوني نسمة، واستهداف المدنيين والنازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة واستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية».
وأكد مندوب اليمن أنه «لا يمكن لهذه الميليشيات الإرهابية أن تجنح للسلام وهي ما زالت تتلقى الدعم العسكري واللوجيستي والإعلامي من النظام الإيراني المارق، ولن تتوقف عن مغامراتها وطموحاتها الشيطانية طالما تحظى برعاية ودعم ذلك النظام وتهريبه للسلاح لتلك الميليشيات، وآخرها شحنة الأسلحة الكبيرة التي صادرها الأسطول الأميركي الخامس في البحر العربي قبل أيام، التي كانت متجهة من إيران إلى الحوثيين، في استمرار لانتهاك إيران الصارخ لكل قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرارين 2216 و2230. وتسعى لإطالة أمد الحرب في اليمن وزعزعة أمن واستقرار المنطقة».
وانتقد السعدي الأداء الدولي أمام كل هذا الهجوم والتصعيد ورفض كل جهود السلام الصادقة من قبل الميليشيات، وقال: «البيانات والإدانات والمواقف الضبابية لم تعد كافية، بل إنها للأسف ترسل رسائل سلبية، وهذا ما رأيناه من قراءة الميليشيات الحوثية لكل هذه الجهود والدعوات».
ودعا مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي، لتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الهجوم على مأرب، والضغط على الجماعة الحوثية لوقف أعمالها العسكرية والقبول بالمقترحات والمبادرات الهادفة إلى إنهاء الصراع ورفع المعاناة الإنسانية التي تواجه الشعب من خلال البدء بتنفيذ الوقف الشامل لإطلاق النار، والرضوخ للحل السلمي الذي أجمع عليه اليمنيون والمجتمع الدولي والإقليمي.
وجدد السعدي التأكيد على أن الحكومة اليمنية، ومن منطلق المسؤولية تجاه الشعب اليمني، ستظل تمد يدها للسلام وستدعم كل الجهود الدولية، وستتعاطى معها بإيجابية، لا سيما جهود المبعوث الخاص للأمين العام السيد مارتن غريفيث، والمبعوث الأميركي السيد لندركينغ، وجميع الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والمستدام في اليمن، وفقاً لمرجعيات الحل السياسي المتفق عليها.
وتطرق السفير السعدي إلى المعاناة الإنسانية في بلاده، وقال: «رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والإغاثية، تتضاعف المعاناة في كثير من المناطق اليمنية جراء نهب الميليشيات الحوثية المساعدات الإنسانية وحرمان مستحقيها، ومصادرة مرتبات موظفي القطاع العام وفرض جبايات باهظة على القطاع الخاص في مناطق سيطرتها (...) لتمويل مجهودها الحربي وإطالة أمد حربها العبثية ومفاقمة المعاناة الإنسانية التي تستخدمها تلك الميليشيات لابتزاز المجتمع الدولي ولتحقيق مكاسب سياسية».
وحول هجوم الميليشيات الحوثية على مأرب، أشار السعدي إلى أنه «يضاعف حجم المعاناة الإنسانية بشكل متزايد كل يوم، حيث أجبر هذا الهجوم أكثر من 3030 أسرة على النزوح مجدداً من مخيماتهم الواقعة تحت نيران القصف الحوثي الذي يدمر آبار وخزانات المياه ويحرق الخيام والمنازل ويقتل المدنيين، وأغلبهم من النساء والأطفال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وكل القوانين والأعراف الدولية».
وأضاف السعدي: «تدعو الحكومة اليمنية مجلس الأمن الموقر للضغط على الميليشيات الحوثية للكف عن سلوكها العدواني، كما نطالب مجدداً شركاء التنمية والدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة إلى رفع مستوى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن ودعم الاقتصاد اليمني من خلال إدخال وتحويل الأموال المقدمة من المانحين عبر البنك المركزي اليمني، ودعم جهود حكومة الكفاءات السياسية لتنفيذ برنامجها وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية وتقديم الخدمات لجميع المواطنين».
وأوضح أن الحكومة في بلاده «ما زالت تنتظر كشف نتائج تقرير فريق الخبراء المتعلقة بالتحقيق في الجريمة البشعة والهجوم الإرهابي الذي ارتكبته الميليشيات الحوثية في قصف مطار عدن أثناء وصول أعضاء الحكومة إلى عدن»، داعياً «إلى عدم السماح بإفلات المسؤولين عن هذه الجريمة من المساءلة وكذا إجراء تحقيق شفاف ومستقل لكشف تفاصيل جريمة إحراق الميليشيات الحوثية البشعة للمهاجرين الأفارقة في صنعاء ومحاسبة المتورطين فيها».
كما جدد السعدي التحذير من الكارثة التي سيسببها تسرب النفط أو انفجار الناقلة «صافر» على المستويات البيئية والاقتصادية والإنسانية، داعياً مجلس الأمن لممارسة أقصى درجات الضغط على الميليشيات الحوثية للكف عن استخدام الناقلة كورقة ابتزاز سياسي، والسماح بوصول فريق الأمم المتحدة بشكل عاجل ودون شروط لإجراء التقييم والإصلاحات الضرورية، كي تتجنب اليمن والدول المشاطئة للبحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية كارثة لم يسبق لها مثيل على مستوى الإقليم والعالم، بحسب قوله.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
TT
20

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.

يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، بأن الغارة الجوية التي نُفذت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً لمسلحين كانوا محاصرين خلال الأيام الماضية إثر عمليات عسكرية للجيش الوطني، مضيفة أن الغارة أسفرت أيضاً عن تدمير سيارات تابعة لحركة «الشباب» الإرهابية.

وأشارت الوكالة إلى أن «الغارة الجوية التي وقعت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً للإرهابيين الذين تمت محاصرتهم خلال الأيام الماضية جراء العمليات العسكرية».

متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن «الغارة الجوية أسفرت عن تدمير المركبات القتالية التابعة لميليشيات الخوراج». ويستخدم الصومال عبارة «ميليشيا الخوارج» للإشارة إلى حركة «الشباب». وتشن الحركة هجمات تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية للاستيلاء على الحكم، وتطبيق الشريعة على نحو صارم.

كان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور قد قال، يوم الجمعة، إن قوات صومالية وإثيوبية نفذت عمليات مشتركة ضد حركة «الشباب» بإقليم شبيلي الوسطى. وقال نور لوسائل الإعلام الصومالية الرسمية «العمليات العسكرية المنسقة، بدعم جوي دولي، تستهدف بشكل محدد الجماعات المسلحة». كما أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا، أواخر الشهر الماضي، أنها نفذت، بطلب من الحكومة الصومالية، غارة جوية ضد حركة «الشباب».

صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قُتل 9 أشخاص، الثلاثاء، في هجوم انتحاري وبإطلاق النار تبنته حركة «الشباب» في فندق في وسط الصومال، حيث كان هناك اجتماع يُعقد لبحث سبل مكافحة هذه الجماعة المتطرفة، وفق مصادر أمنية. وأكد أحمد عثمان المسؤول الأمني في مدينة بلدوين في محافظة هيران، حيث وقع الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «انتحارياً» قاد، صباحاً، حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات إلى مدخل الفندق ليتبعه مسلحون دخلوا الفندق، وراحوا يطلقون النار.

وقال المسؤول الأمني حسين علي في وقت لاحق، الثلاثاء، إن «الحصار انتهى، وقُتل جميع المسلحين»، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المكان. وأكد أن 9 مدنيين، بينهم وجهاء تقليديون، قُتلوا في الهجوم، من دون أن يحدد عدد المهاجمين الذين قضوا. وأضاف علي أن أكثر من 10 أشخاص آخرين، معظمهم من المدنيين، أصيبوا بجروح في الهجوم. وكان الفندق المستهدف يستضيف اجتماعاً يجمع مسؤولين أمنيين وزعماء تقليديين بهدف حشد مقاتلين لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد حركة «الشباب» المتطرفة.

وأكد الشرطي علي مهاد أنه تم إنقاذ العديد من الأشخاص الموجودين في المكان. وقال شاهد عيان يدعى إدريس عدنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان قريبي داخل الفندق أثناء الهجوم، وهو محظوظ لأنه نجا وأصيب بجروح طفيفة». وأضاف أن «المبنى دُمر في خضم إطلاق نار كثيف». وأعلنت «حركة الشباب» في بيان مسؤوليتها عن الهجوم.

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعد من أفقر دول العالم.

وتوعد الرئيس الصومالي بحرب «شاملة» ضد حركة «الشباب»، وانضم الجيش إلى ميليشيات عشائرية في حملة عسكرية تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي وضربات أميركية، لكنها مُنيت بانتكاسات.