كاميرا بلا طلقات

في سبعينات القرن الماضي، خلال حركات المقاومة الفلسطينية خارج فلسطين (في لبنان وسوريا أساساً) جرى تعميم شعار يقول: «الكاميرا - البندقية» وإنها كالبندقية تطلق 24 طلقة في الثانية، لكن ليس طلقات رصاص بل طلقات صُوَر.
> كان التعبير مناسباً للعب دور نضالي في ذلك الحين. تبنّته بعض الفصائل الفلسطينية وعليه أطلقت العديد من الأفلام التسجيلية التي أرادت الكشف عن عورات العدو الإسرائيلي، لكنها كشفت عن عوراتها أولاً: عورة أنها فقيرة الإمكانيات وبدائية المنهج، وعورة أنها محدودة القدرة على إيصال الرسائل السياسية وعورة أنها اندمجت في نبرة الغضب والمشاعر العاطفية التي لا تنفع في أي ظرف.
> ما كانت تحتاجه تلك الفصائل أفلاماً وليس شعارات مصوّرة. كان العالم بدأ يلحظ الصراع الفلسطيني وفحواه، وربما كان من المقدر أن تجذبه طاقات فنية تشتغل خارج المنشورات المصوّرة على أنها أفلام، حتى ولو بلورت هذه الطاقات أعمالاً تبدو كما لو أن لا علاقة لها بالمتنازع عليه وبالحق الذي لا خلاف فيه.
> كان هناك، في الوقت ذاته، أفلاماً وثائقية حول مجازر إسرائيلية في فلسطين وفي لبنان. هذا صحيح، لكن معالجات معظمها كانت ساذجة وإزاء ما كانت السينما المنحازة لإسرائيل تقوم بتحقيقه من أفلام مدعومة بقدرات وعناصر إنتاجية كبيرة، وبأخرى ترفيهية، لم يكن لهذه الأعمال الفلسطينية الهدف إلا أن تُعرض في مهرجانات أوروبية - شرقية ثم تنزوي لاحقاً كما لو أنها لم تكن.
> هل أدت أغراضها؟ ربما نفّست عن صدور الذين عانوا طويلاً في هذا الصراع الذي ما زال مستمراً. وفي كل الأحوال، قطعت السينما الفلسطينية درباً ناجحاً بعد ذلك لإيصال أفكارها خارج سينما الشعارات والخطابات التي لا فائدة منها.