اللبنانيون يحتفلون بعيد الفطر على طريقة «المختصر مفيد»

لمات منزلية وسياحة داخلية

حرش بيروت من الأماكن المشهورة في العاصمة للاحتفال بعيد الفطر
حرش بيروت من الأماكن المشهورة في العاصمة للاحتفال بعيد الفطر
TT

اللبنانيون يحتفلون بعيد الفطر على طريقة «المختصر مفيد»

حرش بيروت من الأماكن المشهورة في العاصمة للاحتفال بعيد الفطر
حرش بيروت من الأماكن المشهورة في العاصمة للاحتفال بعيد الفطر

احتفل اللبنانيون بعيد الفطر رغم مشكلات متراكمة يواجهونها على أصعدة مختلفة. فتردي الحالة الاقتصادية من ناحية والجائحة من ناحية ثانية، لم يثنهم عن تقاليد اعتادوا ممارستها في هذه المناسبة. وتأتي جمعة العيد في مقدمة هذه العادات، بحيث يلتئم شمل العائلات حول مائدة منوعة، عادة ما تحضرها ربات المنازل لأولادهم وأحفادهم. وفيما بعض العائلات، استغنت عن عدد من مدعويها فاقتصرت فقط على الدائرة الصغيرة، التزاماً بالتباعد الاجتماعي، فإن آخرين تمسكوا بوليمة العيد التي يتحلق حولها الأبناء والأحفاد مجتمعين.
وتقول ندى في حديث لـ«الشرق الأوسط» وهي أم لأربعة أبناء وجدة لستة أطفال: «لقد استعددنا لكل شيء وأخذنا الاحتياطات اللازمة. وقد أسعفنا طقس الربيع للاحتفال بالعيد مجتمعين على الشرفة وفي الهواء الطلق. فأنا شخصياً نلت اللقاح وأصبحت في أمان، وفرحتي كانت لا توصف برؤية عائلتي مجتمعة بأكملها من جديد».
أما شيرين التي جاءت من دبي خصيصاً للاحتفال بالعيد في لبنان مع والديها فتقول: «العيد وصل هذه السنة ناقصاً إذ قررنا إخوتي وأنا أن ننتدب واحداً منا فقط ليحتفل مع أهلي. فاللمّة لم تكن مكتملة وكان من نصيبي أن آتي لبنان وأمضي العيد فيه. ثاني أيام العيد استراحة ولكن في اليومين الثالث والرابع خططنا لإقامة قصيرة في منطقة البترون. هناك سنستطيع التحرك بحرية، وتناول الطعام في أحد مقاهيها، ودائماً في الهواء الطلق لتفادي الإصابة بـ(كورونا)».
عائلات لبنانية كثيرة قررت الاحتفال بالعيد على طريقة «المختصر مفيد». فارتفاع الأسعار الجنونية الذي تشهده السلع والمنتجات الاستهلاكية وندرة وجود اللحوم من دجاج ولحم بقر وغنم، أدّى إلى تراجع القدرة الشرائية عندهم. وتعلق نهى لـ«الشرق الأوسط»: «اشترينا كميات قليلة من اللحوم كي نتدبر أمورنا في تحضير أطباق العيد. تغيب عن معظم بيوتنا رائحة اللحم المشوي، إذ يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منها 190 ألف ليرة. أما المعمول الذي كنا نصنعه في البيت كتقليد سنوي نقوم به، عزفنا عن تحضيره بسبب ارتفاع أسعار المكسرات من جوز وفستق ولوز بشكل خيالي». وهذه النسبة من الناس اختارت حرش بيروت، ومساحات خضراء مجانية أخرى، كي يلعب فيها الأولاد من دون تكبد مصاريف إضافية.
و، ازدهرت حجوزات الشاليهات البحرية والجبلية، بعد أن قررت شريحة من اللبنانيين تمضية أيام عطلة العيد في الهواء الطلق، بعيداً عن الضغوطات والهموم اليومية التي يعانون منها. وتشهد بيوت الضيافة في جبيل وصور والبترون وأخرى تقع في منطقة الشوف تهافتاً ملحوظاً. ويقول كارل عفيف ويعمل في شركة خاصة تعمل على تأمين الحجوزات في بيوت وشاليهات في منطقة البترون: «من منطقة شكا لغاية منطقة جبيل الحجوزات مكتملة. فلقد اختلطت الأمور وتهافت المحتفلون بعيد الفطر من ناحية والمغتربون من ناحية ثانية، وهو ما أدّى إلى كثافة الطلب على هذه الحجوزات. ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الزبائن الذين يدفعون بالعملة الصعبة هم بغالبيتهم من اللبنانيين المقيمين في دول أوروبية وخليجية، والذين يزورون بلدهم الأم للاحتفال بالعيد. أما الباقون فيتدبرون أمورهم في طريقة الدفع لشاليهات أو غرف في منتجع سياحي بالعملة اللبنانية، بحيث يتوجهون إلى مناطق قريبة من المدن الكبرى، إيجارات المساكن الموسمية فيها أسعارها أقل».
وكان اللبنانيون قد تنفسوا الصعداء إثر صدور قرار يقضي بتقصير مدة الإقفال التام ومنع التجول في البلاد، إلا بعد أخذ أذونات خاصة عبر المنصة الإلكترونية. وبدل أن يجري إقفال البلد على مدى ثلاثة أيام العيد، فقد تم اقتصاره على يومين فقط. وبذلك أتيح للمحتفلين بالعيد أن يوزعوا نشاطاتهم على يومين في المنزل، ومثلهم على التنقل ما بين البحر والجبل حسب رغبتهم. كما تفتح المطاعم أبوابها ابتداء من غد السبت 15 الحالي لتستقبل زبائنها كالعادة.
ويعلق نائب رئيس نقيب أصحاب المطاعم والملاهي في لبنان خالد نزهة في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول فتح المطاعم أبوابها ابتداءً من ثالث أيام العيد ويقول: «لقد جاء قرار تقصير أيام حظر التجول والسماح للمطاعم بفتح أبوابها، نتيجة اتصالات حثيثة جرت بين النقابة ورئيس حكومة تصريف الأعمال دكتور حسان دياب. فنحن من القطاعات التي خسرت الكثير من جراء الإقفال التام للبلاد. وهناك 190 ألف عائلة تعتاش من هذا القطاع، ما عدا الذين يعملون موسمياً وليسوا موظفين دائمين. واليوم وبعد لمس التحسن في عدد الإصابات بـ(كورونا)، طالبنا بإمكانية إلغاء قرار الإقفال وفتح المطاعم للتعويض عن خسارتنا. فكانت النتيجة أن تم تقصير مدة الإقفال والسماح للمطاعم باستقبال الزبائن شرط تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي». ويضيف نزهة في سياق حديثه: «وبناء عليه ستفتح المقاهي والمطاعم أبوابها في الصالات الداخلية لغاية التاسعة مساء، والخارجية لغاية منتصف الليل».
ويشير نزهة، في سياق حديثه أن القرار من شأنه أنعاش الحالة الاقتصادية في البلاد، وهم كنقابة، متمسكون بتطبيق قوانين التباعد الاجتماعي، على أن يقفل بالشمع الأحمر المطعم الذي يخالفها.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.