مظاهرات واحتقان في الخرطوم عشية عيد الفطر

قتيلان وعشرات المصابين في محيط مقر قيادة الجيش... وحمدوك يتعهد المحاسبة

متظاهرون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم مساء أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

مظاهرات واحتقان في الخرطوم عشية عيد الفطر

متظاهرون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم مساء أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم مساء أول من أمس (أ.ب)

سقط قتيلان وأصيب العشرات بالرصاص الحي في محيط القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، مساء أول من أمس، خلال إفطار رمضاني لإحياء الذكرى الثانية لمقتل عشرات إثر فض اعتصام أمام المقر خلال الاحتجاجات على حكم الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأصدر مجلس الوزراء بيانا غاضباً، وصف الأحداث بأنها «جريمة كاملة الأركان ولا يمكن السكوت عليها».
وشهدت أحياء الخرطوم تصعيداً كبيراً، إذ أغلق المتظاهرون الشوارع الرئيسية بالمتاريس، وأشعلوا النار في إطارات السيارات، ما أدى إلى شلل كبير في حركة المرور، احتجاجاً على مقتل وجرح متظاهرين سلميين بالذخيرة الحية.
وخلقت الأحداث حالة من التوتر المكتوم بين الحكومة المدنية والعسكريين، لكون وقوع حالات القتل والإصابات بالذخيرة الحية وسط تجمع لمدنيين في محيط الجيش، يفتح الباب لكثير من الأسئلة حول هوية القوات المسؤولة. وقال مجلس الوزراء في بيان أمس: «صدمنا بأحداث الاعتداء على المتظاهرين السلميين الذين تجمعوا في محيط القيادة العامة، مما أدى لسقوط شهيدين وحدوث عشرات الإصابات بين صفوف الثوار».
ووصف البيان الأحداث بأنها «جريمة مكتملة الأركان استخدم فيها الرصاص الحي ضد متظاهرين سلميين، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه مطلقاً، ولن يتم السكوت عنه أو تجاهله».
وتسبب فض الاعتصام الشهير قبل عامين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، في حالة من عدم الثقة بين الشارع والجيش (قوات الدعم السريع) التي تطالها اتهامات مباشرة بالتورط في الأحداث.
وذكر بيان الحكومة أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عقد اجتماعاً طارئاً مع وزراء الدفاع والداخلية والإعلام ومدير جهاز المخابرات العامة والنائب العام وحاكم الخرطوم، «وجه فيه بإكمال التحريات وتسريع إجراء التحقيق حول ما حدث لتسليم المطلوبين للعدالة بصورة فورية من دون إبطاء».
وأشار مجلس الوزراء إلى أن «بطء أجهزة العدالة في كشف الجرائم وتقديم المجرمين للمحاكمات صار متلازمة تدعو للقلق». ودعاها بشكل عاجل إلى «مراجعة عميقة لمناهجها وطرق عملها انتصاراً لقيم ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 المجيدة».
ودعا حمدوك إلى عقد لقاءات عاجلة لجميع مكونات شركاء الحكم «لمراجعة مسار الثورة وتصحيحه»، مشيراً إلى أن «قوى الثورة قبلت بنظام الشراكة لتجميع كل القوى المؤمنة بالتغيير لتساعد في تسريع عملية الانتقال، ويلقي هذا الاتفاق مسؤولية على كل الأطراف».
وأكدت الحكومة «تحملها المسؤولية في هذا الوقت العصيب لتحقيق أهداف الثورة، وعلى رأسها العدالة، وحماية الدم السوداني في كل منطقة من أرض الوطن».
ومضى عامان على تشكيل الحكومة الانتقالية في السودان لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث فض الاعتصام، وهي تواجه بانتقادات حادة من الشارع للبطء الشديد في أداء عملها وإنهاء تحقيقاتها وتحرياتها قبل تقديم المتورطين للمحاكمة.
وأعلن «حزب المؤتمر السوداني»، وهو مكون رئيسي في التحالف الحاكم، سحب رئيسه عمر الدقير من مجلس شركاء الحكم للفترة الانتقالية الذي يضم المكونين المدني والعسكري وأطراف السلام من قادة الفصائل الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام.
وطالب الحزب بمساءلة كل من وزير الدفاع ووزير الداخلية والنائب العام، وإقالة كل من ثبت تقصيره، وإيقاف الضباط والجنود المسؤولين عن الانتهاكات فوراً، وتتبع سلسلة القيادة وتقديم كل المشتبه بتورطهم للمحاكمة أمام القضاء. ودعا إلى «اتخاذ التدابير الكفيلة بوضع القوات النظامية والمسلحة كافة تحت القيادة الفعلية للحكومة المدنية على وجه السرعة».
وأدانت السفارة الأميركية في بيان استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين بالقرب من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، داعية السلطات إلى إجراء تحقيق كامل وتقديم الجناة إلى العدالة.
وكتب حمدوك على صفحته في «فيسبوك» في الذكرى الثانية لفض الاعتصام: «تمر علينا ذكرى موجعة وأليمة، يوم تم فض الاعتصامات السلمية بوحشية مفرطة بالعاصمة الخرطوم والولايات». وأضاف أن الحكومة تتابع عمل لجنة التحقيق في مذبحة اعتصام القيادة العامة، من دون أن تتدخل، «لكننا نأمل أن تفرغ من تحقيقاتها قريباً».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.