تبني معصوم «مشروع البصرة عاصمة اقتصادية» يصطدم مع دعاة الإقليم

وزير سابق من المحافظة لـ«الشرق الأوسط»: قد ننفصل عن العراق

الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى وصوله أمس إلى مطار البصرة حيث كان في استقباله محافظها ماجد النصراوي (رويترز)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى وصوله أمس إلى مطار البصرة حيث كان في استقباله محافظها ماجد النصراوي (رويترز)
TT

تبني معصوم «مشروع البصرة عاصمة اقتصادية» يصطدم مع دعاة الإقليم

الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى وصوله أمس إلى مطار البصرة حيث كان في استقباله محافظها ماجد النصراوي (رويترز)
الرئيس العراقي فؤاد معصوم لدى وصوله أمس إلى مطار البصرة حيث كان في استقباله محافظها ماجد النصراوي (رويترز)

تبنى الرئيس العراقي فؤاد معصوم مشروع تحويل البصرة إلى عاصمة اقتصادية للعراق بعد محاولتين لم يكتب لهما النجاح في سنوات سابقة في مجلسي النواب والوزراء. وكان معصوم الذي سبق له أن عمل أستاذا للتاريخ في جامعة البصرة أواخر ستينات القرن الماضي قام، أمس، بزيارة «تاريخية» هي الأولى من نوعها لرئيس عراقي بعد عام 2003 إلى هذه المحافظة التي تقع في أقصى الجنوب العراقي (560 كم عن بغداد).
ودعا معصوم خلال لقائه حكومة البصرة المحلية جميع الجهات إلى العمل لتكون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، مضيفا: «إننا مدينون للمحافظة نتيجة الخيرات التي تقدمها». وتابع: «إن محافظ البصرة أبلغني أن النسبة السكانية للمحافظة أعلى مما خطط له من قبل الحكومة»، مشيرا إلى أن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارا بشأن الدعوى التي قدمت ضد رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، عندما لم يتم إجراء التعداد السكاني عام 2009، وأكد القرار أن عدم وجود التعداد مخالفة، لكنه لم ينفذ لغاية الآن». ولفت معصوم إلى أن «واجبي كرئيس للجمهورية هو المحافظة على الدستور، وإذا ما وجدت أي خلل، أو مخالفة في جهة من الجهات، فإن واجبي هو إزالته».
وفي السياق نفسه، دعا معصوم إلى صرف واردات البصرة من البترودولار. وقال إن «هذه المحافظة أنجبت شخصيات سياسية ودينية، وتعرضت إلى الإهمال نتيجة الحروب التي حدثت سابقا»، مؤكدا أن «الوقت الذي تنعم فيه المحافظة قد أتى». وأضاف معصوم أن «اللقاءات الموجودة الآن بين الرئاسات الثلاث تتم فيها مناقشة كل الأمور بكل حرية»، لافتا إلى أن «الاجتماع المقبل سيشهد مناقشة وضع البصرة».
من جانبه، أكد محافظ البصرة، ماجد النصراوي، أن البصرة تستحق «تتويجها» عاصمة اقتصادية للعراق. وقال النصراوي خلال اجتماعه مع رئيس الجمهورية، إن «الحكومة المحلية تريد تحويل المحافظة إلى عاصمة اقتصادية، لأنها تستحق بامتياز هذا التتويج». وأضاف أن «كثيرا من الدول، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، لديها عواصم تجارية واقتصادية، وعندما تكون البصرة عاصمة اقتصادية فهي عاصمة للعراقيين جميعا»، مؤكدا أن «جعل المحافظة عاصمة اقتصادية لا يتطلب في المرحلة الحالية تخصيص المزيد من الأموال إلى البصرة».
وبينما لقيت دعوة معصوم هذه ترحيبا في كثير من الأوساط السياسية في البصرة، فإنها في مقابل ذلك واجهت اعتراضات من أوساط أخرى، لا سيما ممن يرفعون شعار تحويل البصرة إلى إقليم فيدرالي. وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة البصرة والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، سليم شوقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مشروع تحويل البصرة إلى عاصمة اقتصادية مطروح منذ سنوات، ولكنه لم يلقَ الاهتمام المطلوب والآذان الصاغية لا سيما من قبل رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي» مشيرا إلى أن «سبب رفض المالكي حسب قناعتنا سياسي؛ حيث كان السيد عمار الحكيم هو من تبنى هذا المشروع، نظرا لامتلاك البصرة المقومات الكاملة لذلك؛ حيث فيها الموارد المختلفة النفطية والزراعية والصناعية والمياه، كما إنها نافذة العراق وبوابته إلى العالم الخارجي. وبالتالي، فإن إنجاح هذا المشروع من شأنه أن يعود بالفائدة للعراق كله وليس لأهالي البصرة فقط». وردا على سؤال بشأن رفض دعاة الأقلمة لهذه الفكرة، قال شوقي إن «إقامة الأقاليم حق دستوري طبقا للمادة 119 من الدستور العراقي، ولكننا لا نجد أي تعارض بين أن تكون البصرة عاصمة اقتصادية وأن تتحول إلى إقليم في حال حظي ذلك بقبول أبناء المحافظة».
لكن وزير المحافظات والنائب السابق في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة، وائل عبد اللطيف، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس معصوم إلى البصرة مهمة، لكونه أول رئيس جمهورية يزور البصرة بعد التغيير، لا سيما أن البصرة تعاني كثيرا من الخراب والدمار وإهمال المسؤولين لها، لكننا نجد أن طرح وتبني مشروع تحويل البصرة من جديد إلى عاصمة اقتصادية للعراق بعد محاولتين فاشلتين من قبل، إنما هو إيهام لأهالي البصرة بوجود اهتمام حكومي وسياسي بهم وأيضا هو عملية تعطيل لتحويل البصرة إلى إقليم فيدرالي، وقد بات يحظى بتأييد كبير من أهالي البصرة». وأضاف عبد اللطيف أن «هذه القضية التي طرحها السيد رئيس الجمهورية، إنما هي فكرة المجلس الأعلى الإسلامي وله فيها أغراض وأهداف»، مشيرا إلى أن «قناعتنا الراسخة أن البصرة يجب أن تتحول إلى إقليم، ونحن ماضون في ذلك شاء من شاء، وأبى من أبى، حتى لو تطلب الأمر بالقوة، رغم أن الدستور العراقي ينص على أن نظام الحكم في العراق برلماني اتحادي، وفيه تقاسم للسلطات بين المركز والأقاليم».
وأوضح عبد اللطيف أن «محاولة تحويل البصرة إلى عاصمة اقتصادية هي نوع من المسكنات للبصرة لا تشفي أمراضها ومشكلاتها المزمنة مع المركز». وأكد عبد اللطيف أنه «في حال بقيت العراقيل بوجه مساعينا لإقامة الإقليم، فإننا يمكن أن ننفصل عن العراق ونعلن جمهورية البصرة الديمقراطية»، كاشفا عن «وجود فصيل مسلح يتبنى هذه الرؤية وسيتم الإعلان، مطلع مارس (آذار) المقبل، عن المجلس التشريعي للإقليم وربما لما بعد الإقليم».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.