ارتفاع أعداد القتلى في غزة ومحاولات لاستعادة الهدوء

مصر أجرت اتصالات ليلاً بقيادات فلسطينية وحثت على ضبط النفس

رجال أمام آثار الدمار الذي خلفته غارات جوية إسرائيلية في غزة (أ.ب)
رجال أمام آثار الدمار الذي خلفته غارات جوية إسرائيلية في غزة (أ.ب)
TT

ارتفاع أعداد القتلى في غزة ومحاولات لاستعادة الهدوء

رجال أمام آثار الدمار الذي خلفته غارات جوية إسرائيلية في غزة (أ.ب)
رجال أمام آثار الدمار الذي خلفته غارات جوية إسرائيلية في غزة (أ.ب)

شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية على غزة في الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء) في حين أطلقت حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى وابلاً من الصواريخ عبر الحدود على تل أبيب ومدينة بئر السبع الجنوبية.
ولقي ما لا يقل عن 48 شخصاً مصرعهم في غزة، بينهم 14 طفلاً وثلاث سيدات، منذ تصاعد العنف يوم الاثنين وفقاً لوزارة الصحة بالقطاع.
وفي إسرائيل، قال مسؤولون بقطاع الصحة إن ستة قُتلوا.
وانهار في غزة برج سكني متعدد الطوابق كانت إسرائيل قد أنذرت سكانه بإخلائه ولحقت أضرار شديدة بآخر بعد غارات جوية إسرائيلية.
وقالت إسرائيل إن طائراتها الحربية قتلت عدداً من قيادات استخبارات «حماس» في وقت مبكر من صباح اليوم (الأربعاء). وأصابت ضربات أخرى مواقع قال الجيش إنها مخصصة لإطلاق الصواريخ ومقار لـ«حماس»
ومنازل لقيادييها.
وهذا أعنف قصف متبادل بين إسرائيل و«حماس» منذ حرب عام 2014 في غزة، مما أثار قلقاً دولياً من أن يخرج الوضع عن السيطرة.
* صدمة جديدة
وقال رجل في أحد شوارع غزة حيث أخذ الناس يفرون من منازلهم في حين كانت الانفجارات تهز المدينة «إسرائيل اتجننت»، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
وقالت إسرائيلية في مدينة عسقلان الساحلية للقناة الحادية عشرة بالتلفزيون الإسرائيلي «الأطفال نجوا من فيروس كورونا ليواجهوا الآن صدمة جديدة».
وقال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند إن المنظمة تعمل مع جميع الأطراف من أجل استعادة الهدوء. وذكرت مصادر أمنية مصرية أن مصر أجرت اتصالات خلال الليل بقيادات فلسطينية وحثت على ضبط النفس.
واهتزت المباني في غزة وامتلأت السماء بإضاءات ناجمة عن الهجمات والقذائف الإسرائيلية والصواريخ المنطلقة.
وركض إسرائيليون أو انبطحوا أرضاً على الأرصفة في تجمعات سكانية على بعد أكثر من 70 كيلومتراً عن غزة وفي جنوب إسرائيل مع دوي انفجارات وانطلاق صواريخ اعتراضية إسرائيلية في السماء.
ولقي إسرائيلي حتفه اليوم (الأربعاء) بصاروخ مضاد للدبابات انطلق من غزة وسقط على عربة قرب الحدود، حسبما قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية. وقُتل شخصان بصاروخ أصاب سيارتهما في بلدة اللد القريبة من تل أبيب.
وشهدت اللد وغيرها من البلدات التي يسكنها عرب ويهود مظاهرات بسبب العنف في غزة والتوتر في القدس.
* تحدٍ جديد
قال جناح «حماس» المسلح إنه أطلق 210 صواريخ باتجاه بئر السبع وتل أبيب خلال الليل رداً على قصف البرج السكني في مدينة غزة. ويقول الجيش الإسرائيلي إن نحو ثلث الصواريخ أخطأت أهدافها وسقطت داخل غزة.
وبالنسبة لإسرائيل، يشكل استهداف المسلحين لتل أبيب، عاصمتها التجارية، تحدياً جديداً في المواجهة مع حركة «حماس» التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وجاءت أعمال العنف بعد توتر على مدى أسابيع في القدس وسط اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومحتجين فلسطينيين في المسجد الأقصى ومحيطه.
وتصاعد التوتر قبل جلسة محكمة، تقرر تأجيلها، في قضية يمكن أن تنتهي بطرد عائلات فلسطينية من منازل بالقدس الشرقية يطالب بها مستوطنون يهود.
واحتدم العنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة. وقالت مصادر طبية إن فلسطينياً يبلغ من العمر 16 عاماً قتل برصاص القوات الإسرائيلية اليوم الأربعاء.
* «ثمن باهظ جداً»
حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن المسلحين سيدفعون ثمناً «باهظاً جداً» لإطلاق الصواريخ.
وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إن قطر ومصر والأمم المتحدة على اتصال للحث على التهدئة لكن رسالة «حماس» لإسرائيل كانت «إذا أرادوا التصعيد فالمقاومة جاهزة وإذا أرادوا التهدئة فالمقاومة جاهزة».
وقال البيت الأبيض أمس الثلاثاء إن لإسرائيل الحق المشروع في الدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية، لكنه مارس ضغوطاً على إسرائيل بشأن معاملة الفلسطينيين قائلاً إن القدس لا بد أن تكون مكاناً للتعايش.
ورغم أن الأحداث الأخيرة في القدس كانت المفجر المباشر للقتال، ازدادت مشاعر الإحباط بين الفلسطينيين بعد أن تعرضت آمالهم في إقامة دولتهم المستقلة لانتكاسات في السنوات القليلة الماضية.
وكان من بين هذه الانتكاسات اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل بالإضافة إلى خطة أميركية لإنهاء الصراع يرون أنها تحابي إسرائيل، فضلاً عن الاستمرار في البناء الاستيطاني.
وقالت إسرائيل إنها أرسلت مشاة ومدرعات دعماً للدبابات التي تجمعت بالفعل على الحدود، فيما يعيد إلى الأذهان التوغل البري الإسرائيلي في القطاع لوقف الهجمات الصاروخية في 2014.
وقال شهود لوكالة «رويترز» للأنباء إن مقاتلة إسرائيلية دمرت مقراً للشرطة تديره «حماس» في مدينة غزة.



الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
TT

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدَّين الخارجي للعام المالي الحالي بواقع 3 مليارات دولار حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ووافق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسته العامة، الاثنين، على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي من خلال بنك «الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك «الإمارات دبي الوطني (ش.م.ع)» وبنوك أخرى.

وقال وزير المالية المصري، أحمد كجوك، خلال الجلسة العامة: «نرفض الاتهامات الموجهة للحكومة بتوسيع الاقتراض»، مؤكداً أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وسجَّل الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الثاني المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي نحو 152.9 مليار دولار، نزولاً من 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، بعد أن وصل إلى ذروته البالغة 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

برلمانيون مصريون خلال جلسة مناقشة حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي (مجلس النواب المصري)

وقال وزير المالية إن «الاتجاه تنازلي، والقول بعكس ذلك كلام غير دقيق»، متابعاً: «سددنا 7 مليارات ونصف المليار دولار أقساطاً، والاقتراض كان 5 مليارات ونصف المليار دولار». وتابع: «لا يخفى على أحد تخفيض الاقتراض الخارجي، نخّفض الدين الخارجي قدر المستطاع، ونُسدد أكثر من الاقتراض، والدين يقل ولا يزيد».

ولجأت مصر إلى الاقتراض الخارجي خلال السنوات الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية، وتبني الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي.

وعقّب وزير المالية على الموافقة على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي، قائلاً: «كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قراراً بتخفيض الرقم»، مشيراً إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

وكان مجلس النواب، قد وافق، الأحد، على قرار رئيس الجمهورية بشأن اتفاق تسهيل القرض الخاص بآلية مساندة الاقتصاد الكلي، وعجز الموازنة بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة مليار يورو كمرحلة أولى، إلا أن اعتراضات واجهت هذه الموافقات، حيث أبدى نواب انتقادهم معلنين رفضهم هذه القروض.

ورأى النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، في بيان، أن قرض الـ2 مليار دولار بمثابة «الكارثة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تغامر وتقامر بمستقبل الشعب المصري»، على حد وصفه، مؤكداً أن «الاقتراض الخارجي يرتهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة المصرية»، عادّاً ذلك «يهدد سلامة الدولة».

كما أعلن النائب أحمد فرغلي، عضو المجلس، رفضه للقرض، منتقداً الحكومة لتوسُّعها في الاقتراض، متسائلاً: «هل تَوَقَّفَ عقل الحكومة عن سد عجز الموازنة على الاقتراض فقط؟ مش شايفين (لا يرون) أي حاجة من الحكومة إلا الاقتراض فقط؟».

في المقابل، دافع النائب محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة، عن لجوء الحكومة للاقتراض، قائلاً: «عندما تتم مناقشة هذه الأمور نجد البعض يصيبه الذعر ولا داعي ذلك». وأضاف: «لماذا تلجأ الدول للاقتراض، لأسباب عدة وهي؛ إطالة عمر الدين العام، وتخفيض تكلفة الأموال المقترضة، وتمويل عجز الموازنة، ودعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وتخفيض الدين العام».

وأجرت بعثة «صندوق النقد الدولي» زيارة لمصر، الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، بينما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

ويرى الدكتور عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض ليس أمراً سيئاً، فكثير من الدول الكبرى والنامية تقوم بالاقتراض، لكن الأهم هو وجهة هذه القروض، فمن الضروري استخدامها وتوجيهها لصالح مشروعات تنموية، فما كان يعيب القروض في العهود السابقة هو استغلالها استغلالاً سيئاً، وتخصيصها من أجل دعم السلع الغذائية أو دعم المحروقات، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على مصر».

وتابع: «توجيه الاقتراض يجب أن يكون إلى المشاريع التنموية التي تدر عائداً، ومع عملها وإنتاجها أسدد من عائدها القروض، مع مراعاة أن تكون نسبة الفوائد بسيطة، مع مراقبة المصروفات في هذا القرض من جانب البرلمان».

وعن الانتقادات بشأن رؤية الحكومة للاقتراض، قال: «الأجدر بالمعارضين للقروض أن يرشدوا ويقدموا وسائل أخرى للحكومة من وجهة نظرهم، فنحن في وطن واحد يجب أن نتكاتف جميعاً فيه في ظل الظروف المحيطة بنا».

في المقابل، يرفض ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» «الاقتراض الخارجي بأي صورة وبأي شكل من الأشكال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنمية يجب أن تكون بالاعتماد على الذات، وتجنُّب تلقي المنح والمعونات، مع ترشيد الإنفاق العام، فالقروض الخارجية وصلت إلى مستوى لا تتحمله الموازنة العامة للدولة، وخدمة الدين تلتهم الميزانية».

وأضاف: «يتوجب على الحكومة الحالية أن تستجيب لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ترشيد الاقتراض الأجنبي، وعدم التوسع فيه، لكن الموافقات الأخيرة، هي مبلغ ضخم يأتي عكس ما طالب به الرئيس، وبالتالي الحكومة تحمِّل الأجيال الجديدة عبء عدم قدرتها على إدارة أمور البلاد؛ لذا نرفض هذه السياسة الحكومية شكلاً وموضوعاً، وإذا كان وزير المالية يقول إننا نُسدد أكثر من الاقتراض، فنحن نطالب الحكومة بأن نسدد ولا نقترض».