{البنتاغون}: هجمات كابل لن تعطل تنفيذ الانسحاب السريع

سلطت الهجمات المروعة التي شهدتها العاصمة الأفغانية كابل في الأيام الأخيرة الضوء على المخاوف بشأن مصير النساء والفتيات الأفغانيات في المرحلة التي ستلي انسحاب القوات الأميركية والدولية من هذا البلد. ودق عدد من المشرعين الأميركيين، وغيرهم من السياسيين الأميركيين، ناقوس الخطر بالفعل، تخوفاً من أن تكون «المكاسب الهشة» التي حققتها المرأة الأفغانية على مدى السنوات العشرين الماضية ستختفي مع رحيل القوات الأميركية. وأعربوا عن تخوفهم من احتمال تمكن حركة طالبان على الأقل من تجاوز الحكومة الأفغانية، أو عقد اتفاق لتقاسم السلطة معها، وفرض وجهة نظرها المتشددة القمعية تجاه المرأة، بما يعيد البلاد إلى العهود السابقة، هذا إذا لم تتمكن من السيطرة كلياً على البلاد.
وكانت التفجيرات التي استهدفت مدرسة ثانوية للفتيات في غرب كابول، يوم السبت، قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 85 شخصاً، وإصابة قرابة 150، معظمهم من الفتيات المراهقات، خلال مغادرتهن المدرسة. وتزايدت وتيرة التحذيرات من أعضاء الكونغرس، بعد تحذيرات مماثلة صدرت أيضاً عن قادة عسكريين، مع تصاعد العنف في جميع أنحاء أفغانستان خلال سحب الجيش الأميركي آخر قواته المتبقية.
وعلى الرغم من ذلك، قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في مؤتمره الصحافي أول من أمس: «إننا جميعاً نريد أن نرى العنف ينخفض». لكنه أضاف أن «الهجمات لم تعطل خطط الانسحاب الأميركية، ولم تحصل نشاطات تؤدي إلى إضعاف قدرتنا على مواصلته بوتيرة سريعة»، متابعاً: «نحن نركز على تلبية نيات الرئيس وأوامره التي من المقرر أن يتم تنفيذها بحلول أوائل سبتمبر (أيلول) المقبل».
وقال النائب الجمهوري آدم كينزينغر، في تغريدة على «تويتر»: «إنه أمر مروع ينذر بمستقبل مظلم لأفغانستان؛ لا يتطلب الأمر الكثير لتخيل ما الذي سيحدث بعد رحيل الولايات المتحدة»، وأضاف: «سوف يستأنف نظام (طالبان) حربه ضد النساء، ويحرمهن من حقوق الإنسان الأساسية، ويعيد البلاد إلى الوراء بطرق قمعية للغاية».
وكان الهجوم الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه قد هز أفغانستان بشكل كبير. لكن الرئيس الأفغاني، أشرف غني، ألقى باللوم على حركة طالبان التي نفت مسؤوليتها عنه، وقال في بيان إن «هذه الحركة المتوحشة (في إشارة إلى طالبان) لا تقوى على مواجهة قوات الأمن في ساحة المعركة، وبدلاً من ذلك تستهدف بوحشية وهمجية المنشآت العامة ومدرسة للبنات».
وفي بيان صدر عقب تفجيرات السبت، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس «الهجوم الهمجي»، وتعهد بأن الولايات المتحدة «ستواصل دعمها وشراكتها مع شعب أفغانستان المصمم على ضمان تحقيق مكاسب العقدين الماضيين التي لا تمحى»، على حد تعبيره.
غير أن وقوع الهجوم في منطقة تسكنها غالبية من الهزارة، وهي أقلية عرقية معظمها من المسلمين الشيعة الذين غالباً ما يتم استهدافهم من قبل تنظيم داعش، خلط الأوراق، فيما القوات الدولية والأميركية تواصل عملية انسحابها. وقد قتل ما لا يقل عن 300 مدني وعسكري من القوات الموالية للحكومة الأفغانية خلال أسبوعين، وهو أعلى عدد من القتلى منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكثفت حركة طالبان هجماتها في جميع أنحاء البلاد بدءاً من الأول من مايو (أيار) الحالي، الموعد النهائي السابق لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وفقاً للاتفاق الموقع في فبراير (شباط) 2020 بين «طالبان» والولايات المتحدة. ووقعت بعض أسوأ المعارك في مقاطعات بغلان وفرح وقندز وهرات وتخار وهلمند وغزني وبدخشان.
وعد الهجوم على مدرسة البنات في كابل الأعنف، بعد الهجوم الدامي الذي وقع في ولاية لوغار، حيث انفجرت شاحنة مفخخة أمام دار ضيافة، خلال قيام عدد من الطلاب بالاستعداد لامتحانات دخول الجامعة، ما أسفر عن مقتل 27 مدنياً، وإصابة 107 مدنيين و3 من قوات الأمن، ولحقت أضرار بالمستشفى الإقليمي ودار الضيافة وكثير من المباني الأخرى في المنطقة.
وفي ولاية بدخشان، هاجمت حركة طالبان موقعاً أمنياً في وسط منطقة وردوج، وأحرق مسلحوها جسراً خشبياً في المنطقة لعرقلة تحركات قوات الأمن. وقتل 8 من أفراد الجيش الإقليمي، وأصيب 4 منهم بجروح، حيث استولت «طالبان» في النهاية على الموقع بعد 4 ساعات من القتال. وحين حاولت قوات الأمن إخماد حريق الجسر، تعرضت لكمين أدى إلى مقتل 4 جنود إضافيين من عناصر جيش الإقليم.