المعارضة التركية تحذّر الممولين الأجانب من العمل بمشروع «قناة إسطنبول»

سفينة تعبر مضيق البوسفور بإسطنبول في طريقها إلى البحر الأسود في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة تعبر مضيق البوسفور بإسطنبول في طريقها إلى البحر الأسود في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التركية تحذّر الممولين الأجانب من العمل بمشروع «قناة إسطنبول»

سفينة تعبر مضيق البوسفور بإسطنبول في طريقها إلى البحر الأسود في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة تعبر مضيق البوسفور بإسطنبول في طريقها إلى البحر الأسود في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

حذرت المعارضة التركية الداعمين الأجانب المحتملين لمشروع قناة إسطنبول من الإقدام على تمويله. في الوقت ذاته، طالب مجلس الدولة الرئيس رجب طيب إردوغان بتوضيح أسباب قراره الخاص بانسحاب تركيا من «اتفاقية إسطنبول لحماية المرأة».
ووجه كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، تحذيراً إلى الداعمين المحتملين لمشروع «قناة إسطنبول» الذي يتبناه إردوغان ويدافع عنه بشدة، بينما تقول المعارضة إنه سيتسبب بأضرار بيئية خطيرة، قائلاً إنه «لن يلتفت إليهم» إذا خسر الرئيس إردوغان في الانتخابات المرتقبة عام 2023.
وقال كليتشدار أوغلو، في مقابلة تلفزيونية: «إذا شاركت دولة أجنبية في هذا العطاء، فسنبتعد عنها عندما نتسلم السلطة، ولن ندفع لها إطلاقاً». كما حذر البنوك المحلية من تقديم قروض للمشروع، الذي يتكلف أكثر من 20 مليار دولار، ويسعى إردوغان لإنجازه بحلول عام 2023 الذي سيشهد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويوافق أيضاً الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية.
وأحجمت بنوك تركية كبرى عن تمويل مشروع قناة إسطنبول بسبب مخاوف بيئية ومخاطر الاستثمار على مشروع البناء الضخم.
وقالت مصادر مصرفية تركية إن اتفاقية الاستدامة العالمية التي وقعتها 6 من أكبر البنوك التركية تشكل عائقاً أمام تمويل قناة إسطنبول، التي أطلق عليها إردوغان «المشروع المجنون» عندما طرحه قبل 10 سنوات.
ووقعت 6 بنوك تركية، بما في ذلك «جارانتي بنك وإي س بنك ويابي كريدي»، المبادئ المدعومة من الأمم المتحدة لإطار العمل المصرفي المسؤول الذي يدعو الموقعين إلى تجنب إلحاق الضرر بالناس والكوكب.
وأعلنت الحكومة التركية أنها ستبدأ العمل بالمشروع في يونيو (حزيران) المقبل. ومن المقرر أن تربط القناة بين البحر الأسود من الشمال وبحر مرمرة من الجنوب لمسافة 45 كيلومتراً عبر بحيرات ومزارع وبلدات على الطرف الغربي من مدينة إسطنبول.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، الشهر الماضي، إن المشروع سوف يجذب بالتأكيد المستثمرين والدائنين عند طرح المناقصات في وقت قريب، وإن هناك بالفعل اهتماماً بالمناقصة التي ستكون مفتوحة للجميع بما في ذلك الشركات التركية والأوروبية والأميركية والصينية، مضيفاً أنه «مشروع مربح ونحن واثقون من أنه سيمضي قدماً».
لكن المصادر المصرفية قالت إنه بالنسبة لمعظم البنوك التركية، خصوصاً المقرضين ممن لديهم داعمون أوروبيون والمتورطون في قروض جماعية، من المرجح أن تكون المخاطر عالية للغاية. وأكدت أن الاضطلاع بمثل هذا المشروع الضخم قد يحد من قدرتها على تنفيذ مزيد من القروض الجماعية، بينما كان هناك أيضاً خطر من احتمال نسف المشروع في مرحلة لاحقة.
وتابعت المصادر أنه لا يمكن لأي بنك تركي، لا حكومي ولا خاص، المشاركة، مشيرة إلى أن القناة ستدمر النظام البيئي البحري والأحواض التي توفر ما يقرب من ثلث المياه العذبة في إسطنبول، وفقاً لاتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك.
ويقول إردوغان إن القناة ستحمي مضيق البوسفور، الذي يمر عبر قلب إسطنبول، عن طريق تحويل حركة المرور. لكن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وغرفة المهندسين وغالبية المواطنين يعارضون المشروع لأسباب بيئية، قائلين إنه سيدمر النظام البيئي البحري والموارد التي توفر ما يقرب من ثلث المياه العذبة في المدينة.
وأعربت روسيا عن عدم ارتياحها بشأن المشروع لأسباب أمنية تتعلق بالسماح بتجاوز اتفاقية «مونترو» لعام 1936 التي تنظم حركة السفن في البحر الأسود عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في تركيا، حيث ستفتح القناة ممراً ثانياً إلى البحر الأسود، الذي يضم أسطولاً بحرياً روسياً.
كما أصدر أكثر من 100 أدميرال بحري تركي متقاعدين، في مارس (آذار)، بياناً حذروا فيه من المساس باتفاقية مونترو في إطار ترتيبات إنشاء قناة إسطنبول، داعين الجيش للقيام بدوره في حماية الاتفاقية، وهو ما تسبب في ملاحقتهم قضائياً، بعد أن اتهمهم حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيسه (إردوغان) بالتلويح بالانقلاب.
على صعيد آخر، طالب مجلس الدولة التركي رئاسة الجمهورية بتقديم توضيح لأسباب قرار الانسحاب من اتفاقية مجلس أوروبا لحماية المرأة ومناهضة العنف المنزلي المعروفة بـ«اتفاقية إسطنبول»، الذي أصدره الرئيس إردوغان في 20 مارس (آذار) الماضي.
وطالبت الغرفة العاشرة لمجلس الدولة رئيس حزب العدالة والتنمية رئيس الجمهورية بتوضيح وجهة نظره في الانسحاب من اتفاقية إسطنبول، إثر الدعوى القضائية المرفوعة ضده بعد انسحابه من الاتفاقية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».