طهران تتنصل من قتل الناشطين العراقيين

غداة حرق قنصليتها في كربلاء واتهام أتباعها بالاغتيالات

TT

طهران تتنصل من قتل الناشطين العراقيين

نفت السفارة الإيرانية في بغداد صلتها بالاتهامات التي يوجهها لها طيف واسع من النشطاء المنخرطين في الحراك الاحتجاجي المتعلقة بدعمها للفصائل والمجاميع المسلحة المتورطة في قتل واغتيال واختطاف الناشطين منذ انطلاق الاحتجاجات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وحتى لحظة اغتيال الناشط ايهاب الوزني في محافظة كربلاء الأحد الماضي.
وقالت السفارة في بيان أصدرته، مساء أول من أمس (الاثنين)، وأدانت فيه بشدة حادث اغتيال الوزني، وعبّرت عن مشاعر تعاطف مع عائلته وأقربائه، إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن ولم تطلب قتل واغتيال المواطنين العراقيين، وبالأساس تدين بأشد العبارات الأعمال الإرهابية، وإنها تحبذ الأمن والسلام والرخاء للشعب العراقي». وناشد بيان السفارة «المواطنين الشرفاء والمتظاهرين والشباب العراقيين الأعزاء ألا يهاجموا البعثات الدبلوماسية والقنصليات بأي شكل من الأشكال». ولم يسبق أن أصدرت السفارة الإيرانية، حتى مع حرق ملحقياتها في النجف وكربلاء عام 2019، بياناً بهذا المستوى من التعاطف أو النفي للاتهامات الموجهة لها بدعم فرق الاغتيالات.
وأحرق متظاهرون غاضبون السياج الخارجي لقنصليتها في كربلاء بعد اغتيال الناشط ايهاب الوزني، ورددوا شعارات مناهضة لها وللمرشد علي خامنئي في ضريح الإمام الحسين أثناء تشييع جنازة الوزني.
وما زال حادث الاغتيال يثير غضب واستياء جماعات الحراك ومخاوف بعض الشخصيات والأطراف السياسية التي تخشى من تصاعد الاحتجاجات وتسببها بإحداث انقسام اجتماعي حاد في مناطق وسط وجنوب البلاد ذات الغالبية السكانية الشيعية.
وفي هذا الاتجاه، عبّر رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري عن «قلقه البالغ» من تصاعد استهداف الناشطين المدنيين والإعلاميين وحذر مما وصفه بـ«فتنة خطيرة»، تحول دون إجراء الانتخابات النيابية في أكتوبر المقبل. وقال العامري في بيان، أمس «تابعنا بقلق شديد التطورات الخطيرة التي يشهدها الشارع، والتي شملت معاودة عمليات اغتيال ناشطين وإعلاميين واعتداءات على بعثات دبلوماسية، وتحركات غير منضبطة هي أقرب إلى الفوضى والتخريب منها إلى الاحتجاجات المطلبية المشروعة». وأضاف «ندعو الحكومة وأجهزتها المختصة إلى التحرك السريع والجاد لبسط الأمن والاستقرار، والوصول للجناة ومحاسبتهم بشدة، وقطع الطريق على محاولات التأجيج وتغذية التصعيد بشتى أشكاله قبل أن تستفحل هذه الممارسات وتتحول إلى فتنة خطيرة تهدد السلم الأهلي وتعرقل إجراء الانتخابات النيابية». وتابع العامري «نعتقد أن في ذلك مسعى خبيثاً لإدخال بلدنا العزيز في أتون صراع لن يستثني أحداً؛ الأمر الذي يستلزم من الحكومة أن تعي خطورة ما يحصل، وأن تتحرك بما يتناسب مع هذه الخطورة».
وعلى صعيد جماعات الحراك التي أعلنت غالبيتها مقاطعة الانتخابات المقبلة احتجاجاً على عدم تمكن السلطات العراقية من إيقاف عمليات الاغتيال التي تطال ناشطين وإخفاقها في خلق بيئة آمنة لإجراء الانتخابات، بحسب قولهم، يخوض قادة تلك الجماعات سلسلة لقاءات واجتماعات للخروج بموقف موحد يحدد معالم عملها في الفترة المقبلة. وذكر ناشطون، أن الاجتماع التشاوري الذي عقد، مساء الاثنين، بين ممثلين عن الحراك، قد خرج بمعطيات وتوصيات عدة، من بينها «تشكيل لجنة قانونية بقيادة المحامي باسم الخشان ومجموعة من المحامين العراقيين، وهي مفتوحة لكل المحامين العراقيين الراغبين بالانضمام من أجل العمل على تحريك القضاء ورفع دعاوى قضائية ضد قتلة المتظاهرين وحيتان الفساد».
كما تقرر تشكيل «لجنة تشاورية لحل جميع الخلافات» بين جماعات الحراك والعمل على توحيد موقف الحركات ورص صفوفهم، وكذلك تشكيل «لجنة إعلامية مفتوحة لكل الراغبين من الإعلاميين المهنيين وبعض القنوات التلفزيونية المساندة للثورة وتعمل على مساندة اللجنة القانونية بكل التفاصيل التي تسعى لتحقيقها، المتمثلة في فضح الفساد وكشف المجرمين للرأي العام».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».