سكان غزة ممزقون بين فاجعة قتلاهم والخوف من الحرب

الصواريخ الإسرائيلية تسقط قيادي من كتائب القسام ومدنيين وأطفال تصادف وجودهم في موقع القصف

انفجار ناجم عن غارات جوية إسرائيلية في غزة (د.ب.أ)
انفجار ناجم عن غارات جوية إسرائيلية في غزة (د.ب.أ)
TT

سكان غزة ممزقون بين فاجعة قتلاهم والخوف من الحرب

انفجار ناجم عن غارات جوية إسرائيلية في غزة (د.ب.أ)
انفجار ناجم عن غارات جوية إسرائيلية في غزة (د.ب.أ)

لا تزال بقع دماء الطفلين الشقيقين مروان وإبراهيم المصري على الأرض أمام منزلهما في بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة، حيث قتلا في غارة إسرائيلية، مع 3 أفراد آخرين من العائلة، بينهم طفل رضيع.
يقول الفتى إبراهيم المصري (14 عاماً) الذي يحمل اسم ابن عمه الذي لقي حتفه نفسه: «كنت مع ابني عمي إبراهيم ومروان نعبئ القش معاً في أكياس من القماش لبيعها في السوق لأصحاب مزارع الأغنام»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويضيف: «عبأنا 3 أكياس؛ حملت كيساً منها ونقلته إلى عربة (...) كنا نضحك ونلعب... فجأة، قصفونا وغطت النار المنطقة». ويتابع وهو يجهش بالبكاء: «رأيت ابني عمي يحترقان، وتتقطع أشلاؤهما، استشهدا... لماذا تركوني؟ ليتني مت معهم شهيداً».
وتروي العائلة أن 5 من أفرادها قتلوا عندما استهدفت إسرائيل بصاروخين القيادي الميداني من كتائب عز الدين القسام محمد فياض، بينما كان يمر في المنطقة على دراجته النارية، فقتل هو بالصاروخ الأول، بينما قتل الصاروخ الثاني مروان يوسف عطالله المصري (10 سنوات)، وشقيقه إبراهيم (14 عاماً)، وابنة عمه رهف محمد عطالله المصري (10 أعوام)، وابن عمه الرضيع يزن سلطان عطالله المصري (3 أشهر). وتوفي ظهر الثلاثاء عم الأطفال أحمد المصري (22 عاماً) متأثراً بجروح أصيب بها، وكان يستعد لحفل زفافه السبت المقبل.
ولا يزال سلطان محمد عطالله المصري (24 عاماً)، وهو والد لثلاثة أطفال، يرقد في المستشفى وهو في حالة حرجة، وقد أصيب مع باقي أفراد العائلة.
ونفذت إسرائيل منذ الاثنين غارات جوية مكثفة على قطاع غزة، رداً على صواريخ أطلقت من القطاع في اتجاهها. وتسبب القصف الإسرائيلي بمقتل 28 شخصاً في القطاع، بينما قتلت إسرائيليتان في مدينة عسقلان نتيجة القصف من غزة.
وفي الحي الذي يبعد نحو كيلومتر واحد عن معبر بيت حانون (إيريز) الحدودي مع إسرائيل، شيع مئات الفلسطينيين الغاضبين عدداً من الضحايا على عجل صباح الثلاثاء. وردد المشيعون هتافات تدعو للثأر والانتقام. وقبل وصول الجنازات إلى المقبرة المحلية، انطلقت عشرات الصواريخ التي أطلقها مسلحون فلسطينيون من منطقة قريبة في شمال القطاع في اتجاه إسرائيل، وردت إسرائيل بضربات جديدة.
وشاهد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية للأنباء نساءً وأطفالاً ورجالاً يهرعون بين الدخان وتساقط حجارة البيوت والمحلات جراء القصف للاختباء في بيوتهم أو في أقرب منزل على طريقهم لعدم وجود ملاجئ في القطاع. وتظلل قطاع غزة اليوم أجواء من الحرب.
وليس بعيداً من الدمار الذي خلفه الصاروخ، أقيم بيت العزاء في بيت جد الأولاد. وتجمعت عشرات النساء، إلى جانب خطيبة أحمد المصري التي لم تتوقف عن البكاء، فيما حملت والدة الطفلين القتيلين مروان وإبراهيم صورهما باكية.
وفي موكب التشييع، كان الطفل فارس حسام نصير، ابن العشرة أعوام، يركض ويصرخ: «يابا... يابا»، بينما رجال يحملون جثمان والده. وقتل حسام نصير في الحي، وكان يعمل أيضاً في تعبئة القش. والعمل بالقش هو عمل موسمي في الحي، يشارك فيه الجميع أطفالاً ورجالاً. وقد بدا الحي خالياً الثلاثاء كئيباً، وأغلقت المحال التجارية والدكاكين.
وفي المقبرة، روى أبو حسين حمد (30 عاماً)، بعد أن ودع ابنه الأكبر حسين البالغ 11 عاماً قبل دفنه، أن هذا الأخير كان يعمل مع أصدقائه من عائلة المصري في تعبئة القش، وقتل معهم. ويقول الوالد بحزن: «ما ذنب هذا الطفل البريء؟»، ويتابع: «وعدته أن أشتري له حذاءً جديداً في عيد الفطر... هذا عيد أسود؛ حسبنا الله ونعم الوكيل».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.