تيجان ملكية وياقوت كشميري في مزادات «سوذبيز» و«كريستيز»

قطعتان من الزمرد الكمثرى قام بتركيبها صانع المجوهرات الأميركي هاري وينستون أثناء عرضها بدار «سوذبيز» (أ.ف.ب)
قطعتان من الزمرد الكمثرى قام بتركيبها صانع المجوهرات الأميركي هاري وينستون أثناء عرضها بدار «سوذبيز» (أ.ف.ب)
TT

تيجان ملكية وياقوت كشميري في مزادات «سوذبيز» و«كريستيز»

قطعتان من الزمرد الكمثرى قام بتركيبها صانع المجوهرات الأميركي هاري وينستون أثناء عرضها بدار «سوذبيز» (أ.ف.ب)
قطعتان من الزمرد الكمثرى قام بتركيبها صانع المجوهرات الأميركي هاري وينستون أثناء عرضها بدار «سوذبيز» (أ.ف.ب)

تشهد جنيف اليوم وغداً بيع مجموعة متميزة من المجوهرات التاريخية عبر مزادين لداري سوذبيز وكريستيز من أبرزها حجر ياقوت كشميري الأصل وحلي تزينت بها ابنة الإمبراطور الفرنسي نابوليون بونابارت بالتبني. وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فحجر الياقوت من كشمير يعتبر أكبر حجر من نوعه يعرض للبيع في مزاد ويبلغ وزنه 55.19 قيراط وهو من مقتنيات مورين كونستانس غينيس، وهي ماركيزة من عائلة أرستقراطية أنغلو آيرلندية توفيت عام 1998.
وأحجار الياقوت الكشميري التي يزيد وزنها على 30 قيراطاً نادرة جداً. وسيباع هذا الحجر النفيس مع حجر ياقوت كشميري آخر يزن 25.97 قيراط، ويرجّح أن تباع القطعتان بما بين مليوني دولار إلى ثلاثة ملايين.
وبعد اكتشافه في مطلع ثمانينات القرن التاسع عشر، لم يدم استخراج الياقوت الكشميري إلا من عام 1882 إلى 1887؛ ما جعل هذه الأحجار الكريمة من أكثر الأحجار المرغوبة في السوق، وفقاً لدار «سوذبيز».
وقال بونوا ريبيلين، رئيس مبيعات المجوهرات المهيبة في «سوذبيز» في جنيف «الياقوت الكشميري من أندر الأحجار الكريمة الملونة التي يعرفها الإنسان». وأضاف «اكتسبت هذه الأحجار الكريمة على مر السنين مكانة شبه أسطورية».
ومن بين القطع التاريخية الأخرى المعروضة للبيع، تاج تم الاحتفاظ به لأكثر من 150 عاماً في سلالة سافوي الملكية الإيطالية.
ويعود تاريخ هذا الإكليل الذي يحوي 11 لؤلؤة طبيعية وماسة، إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ويقدر سعره بما بين مليون و1.5 مليون دولار.
ويعتبر التاج أيضاً تحفة إبداعية؛ إذ يمكن فصله إلى جزأين ما يسمح بوضعه كقلادة، كما أوضح ريبيلين لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت «سوذبيز»، إنها تشهد طلباً عالمياً غير مسبوق على المجوهرات الملكية، خصوصاً من زبائن أصغر سناً في آسيا.
وفي فئة الأحجار الكريمة الكبيرة، تقدم «كريستيز» ماسة بيضاء مستطيلة تزن 100.94 قيراط يطلق عليها «سبيتاكل» بقيمة تتراوح بين 12 و18 مليون دولار.
وهذه الماسة التي لا تشوبها شائبة من الداخل، هي أكبر حجر تم قطعه في روسيا على الإطلاق، وقد اقتطع من حجر خام اكتشف في منطقة ياقوتيا في شمال شرقي البلاد النائي عام 2016.
وتشمل القطع البارزة الأخرى قلادة من الزمرد الكمثرى بزنة 104.40 قراريط قام بتركيبها صانع المجوهرات الأميركي هاري وينستون، وتعرضها «سوذبيز» في مقابل مليون إلى 1.5 مليون دولار.
وقال ريبيلين، إنه «وزن استثنائي فعلاً للزمرد وهو حجر أكثر هشاشة» من غيره.
وفي مناسبة الذكرى المئوية الثانية لوفاة نابليون، تعرض دار «كريستيز» تسع جواهر إمبراطورية مزينة بالياقوت الأزرق والماس من مجموعة ابنته بالتبني ستيفاني دو بوارنيه.
والقطع التسع التي تشمل تاجا تصل قيمته إلى 275 ألف دولار وقلادة تصل قيمتها إلى 350 ألف دولار «بقيت في العائلة نفسها منذ أن قدّمت لستيفاني دو بوارنيه في مناسبة زفافها في قصر التويلري» في باريس، كما قالت ماري - سيسيل سيسامولو المتخصصة في المجوهرات في دار «كريستيز».
واستخدم نحو 38 حجر ياقوت من سريلانكا لابتكار المجموعة في أوائل القرن التاسع عشر.
وبالإضافة إلى قيمتها التاريخية، تكمن قيمة المجوهرات أيضاً في لونها الأزرق الطبيعي؛ إذ يخضع الياقوت عادة للمعالجة الحرارية لإبراز اللون.
كما أشارت سيسامولو إلى أن هناك سوق آسيوية متنامية لمثل هذه الأحجار الكريمة.
وقالت «في الوقت الحالي، نرى الكثير من الآسيويين الذين يحبون وضع هذه المجوهرات المهمة في الأحداث الكبرى في حياتهم».
وتشمل المجموعة التي تعرضها «كريستيز» أيضاً، تاجاً من الياقوت وضعته الملكة البرتغالية ماري الثانية التي تربعت على العرش مرتين قبل وفاتها عام 1853.
وتقدر قيمة التاج المرصع بالياقوت البورمي في وسطه بما بين 190 ألفاً و385 ألف دولار.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».