خلافات حادة تطبع طريقة تعامل «النهضة» مع الرئيس التونسي

أظهرت تصريحات قيادات حركة النهضة التونسية تضارباً في مواقفها حول طريقة تعاملها مع الرئيس قيس سعيد، بعد الخلاف الحاد الذي أدى إلى أزمة دستورية، وتعطل معظم مؤسسات الدولة.
ففي الوقت الذي دعا فيه القيادي سيد الفرجاني إلى إمكانية عزل رئيس الجمهورية باعتماد الشروط نفسها التي سوّغ بها عدم دستورية إرساء المحكمة الدستورية، أي بإلغاء كل الخطوات القانونية التي تتطلب الرجوع إلى هذه المحكمة، بما فيها عزل الرئيس، واعتماد ثلثي نواب البرلمان (145 صوتاً) لعزله، قال القيادي عبد اللطيف المكي، في المقابل، إنه «ليس من الوارد في برامج الحركة سحب الثقة من رئيس الجمهورية. فضلاً عن البحث في شروطها»، وهو ما خلف انطباعاً قوياً بوجود خلافات حادة حول طريقة التعامل مع مؤسسة الرئاسة.
في السياق ذاته، كشف المكي عما سماه «الموقف الرسمي للحركة»، وهو «الحوار مع رئيس الجمهورية، والبناء معه لتجاوز الأزمة الحالية، رغم الاختلافات العديدة مع مواقف الرئاسة»، في كثير من الملفات، وآخرها موضوع المحكمة الدستورية.
وكان علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة، قد أكد في تصريح إعلامي أن إجراء الحوار الوطني حول النقاط الخلافية دون الرئاسة «ليس مستحيلاً، إذا أصرت على عدم المشاركة، وبإمكان هذا الحوار أن يجمع الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية، ويفضي إلى نتائج مجدية»، متوقعاً وجود كل الأطراف حول طاولة الحوار بهدف تجاوز الأزمة السياسية والدستورية والاجتماعية.
لكن سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل (نقابة العمال)، اعتبر أن تصريح العريض بشأن إمكانية إجراء الحوار الوطني دون رئاسة الجمهورية، «فتنة»، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تخفي تضارباً في المواقف حول طريقة التعامل مع الرئيس سعيد. فمن ناحية تسعى حركة النهضة إلى دعم المسار الانتقالي، والمحافظة على الشرعية التي أفرزتها انتخابات 2019، بشقيها البرلماني والرئاسي، لكنها تصطدم بعراقيل عديدة في تعاملها مع مؤسسة الرئاسة، خصوصاً ما يتعلق منها بالطرف الحكومي الذي تدعمه وتدافع عنه، وهو ما يظهر في تناقض التصريحات، لأن قيادات «النهضة» تبحث عن التداول على السلطة بطريقة سلمية، ولا تعمل على عزل الرئيس، وما ستتبعه من آثار سياسية مدمرة قد تطال وجودها السياسي، بحسب نفس المراقبين.
وكان الرئيس سعيد قد رفض التوقيع على القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، معتبراً أن إحداثها في الوقت الحالي «أمر غير دستوري»، على اعتبار أن الدستور المصادق عليه سنة 2014 أعطى لمؤسسات الدولة مهلة سنة فقط لإحداث المحكمة، أي قبل نهاية 2015، لكن بمرور هذا التاريخ تعد الخطوة غير دستورية، حسب الرئيس سعيد.
وتعيش المؤسسات الدستورية أزمة خانقة ترجمها الصراع على الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة، والتنازع في تأويل الدستور، خصوصاً ما تعلق بالتحوير الوزاري، الذي أجري بداية السنة ورفض الرئيس الموافقة عليه، واستدعاء الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية. علاوة على تحديد الطرف الذي يتحكم في القوات العسكرية والأمنية، هل هو رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات العسكرية، أم رئيس الحكومة الذي يعين وزير الداخلية ويتحكم بالتالي في القوات الأمنية؟
على صعيد آخر، يقوم هشام المشيشي، رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة، بزيارة عمل إلى البرتغال اليوم وغداً، يلتقي خلالها نظيره البرتغالي أنطونيو كوستا، الذي يتولى حالياً رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، وعدد من وزراء الداخلية وكبار المسؤولين الأوروبيين. وذكر بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة أن اللقاء سيتناول سبل تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. إضافة إلى النظر في دعم التعاون بين الاتحاد الأوروبي وتونس في مجال مكافحة جائحة كورونا. كما سيشارك المشيشي بصفته مكلفاً بإدارة شؤون وزارة الداخلية في فعاليات الاجتماع الأوروبي - الأفريقي حول الهجرة.