انتقاد كردي للانتخابات... واتهامات روسية ـ سورية لـ«قسد» بانتهاكات

تريث «الحزب التقدمي» و«حزب الوحدة» في إعلان موقفهما

صورة أرشيفية لاجتماع «جبهة السلام والحرية» في مدينة القامشلي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لاجتماع «جبهة السلام والحرية» في مدينة القامشلي (الشرق الأوسط)
TT

انتقاد كردي للانتخابات... واتهامات روسية ـ سورية لـ«قسد» بانتهاكات

صورة أرشيفية لاجتماع «جبهة السلام والحرية» في مدينة القامشلي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لاجتماع «جبهة السلام والحرية» في مدينة القامشلي (الشرق الأوسط)

اتهمت مصادر إعلامية روسية وسورية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بشن حملة اعتقالات ضد مدنيين وأبناء عشائر شمال شرقي سوريا، في وقت أعلن تحالف كردي يضم عدداً من الأحزاب السياسية المعارضة البارزة عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 الشهر الحالي.
وأفادت مصادر بأن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شنت بدعم أميركي حملة اعتقالات واسعة في قرى ريف دير الزور الشرقي شرق سوريا. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قوات مشتركة «نفذت عملية أمنية في قرية الرز في الريف الشرقي لدير الزور واعتقلت خلية من أربعة أشخاص تابعة لتنظيم (داعش)، وساقت عناصرها إلى سجن التحالف الدولي في حقل العمر كما صادرت أسلحة وذخائر كانت بحوزتها. وأثناء العملية ليل الجمعة - السبت حلقت مروحيات أميركية طراز أباتشي على علو منخفض وسط حالة من الاستنفار للقوات الأميركية المتمركزة في حقل العمر النفطي».
من جانبها، اتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) القوات الأميركية بـ«دعم عمليات الاختطاف ومداهمة المنازل التي تمارسها قوات (قسد) في مناطق انتشارها في الجزيرة السورية». ونقلت عن مصادر أهلية قولها إن مجموعات مسلحة من (قسد) مدعومة بالطيران المروحي الأميركي «داهمت منازل المواطنين في قرية الزر بريف دير الزور الشرقي واختطفت عدداً من المدنيين واقتادتهم إلى جهة مجهولة». ولفتت إلى «أن (قسد) استبقت عمليات المداهمة بنشر عدد من مجموعاتها المسلحة عند مشارف القرية». واتهمت «قسد» بتصعيد عمليات المداهمة التي تنفذها في المناطق التي تنتشر فيها بالجزيرة السورية واختطفت العشرات من الأهالي والمئات من الشبان في أرياف دير الزور والرقة والحسكة واقتادتهم إلى معسكرات تابعة لها تمهيداً للقتال في صفوفها.
وبدورها، تحدثت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن اعتقال عدد من أبناء القبائل العربية واقتيادهم إلى قاعدة قوات التحالف الدولي في حقل العمر، «دون معرفة التهم الموجهة إليهم». وأشارت إلى متابعة الطيران المروحي والحربي الأميركي، عمليات المداهمة والتمشيط لسرير نهر الفرات، ومنع عبور الأهالي بين ضفتي النهر لتبقى المعابر النهرية الواصلة بين مناطق سيطرة «قسد» ومناطق سيطرة النظام مغلقة «دون معرفة الأسباب، مع بقاء معبر الصالحية البري الذي يشرف عليه مركز المصالحة الروسية في دير الزور هو المعبر الوحيد الذي يسمح منه لعبور الحالات الإنسانية فقط».
إلى ذلك، أعلن تحالف كردي يضم عدداً من الأحزاب السياسية المعارضة البارزة عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في الـ26 من الشهر الحالي التي يخوضها الرئيس السوري بشار الأسد مع مرشحين اثنين آخرين. وعقد وفد من مكتب العلاقات الخارجية في «جبهة السلام والحرية» اجتماعاً افتراضياً مع مسؤول الملف السوري في الخارجية اليابانية، وبحث الجانبان الانتخابات الرئاسية، والعملية السياسية في سوريا، والاستعصاء الذي رافق جلسات اللجنة الدستورية.
وتضم الجبهة أحزاب «المجلس الوطني الكردي» و«المنظمة الآثورية الديمقراطية» و«تيار الغد السوري»، وهي كيانات تعمل ضمن أطر المعارضة السورية. ولدى حديثه إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، قال منسق العلاقات الخارجية بـ«المجلس الكردي»، سيامند حاجو، الذي ترأس وفد الجبهة إن اجتماعهم مع الخارجية اليابانية تطرق إلى دور المجتمع الدولي في ممارسة الضغط على النظام الحاكم «للمضي قدماً في العملية السياسية المستندة إلى القرار الدولي (2254)، وتطبيق وتنفيذ جميع بنوده، لا سيما البند الأول المتضمن شمولية التمثيل، والتوازن في تشكيل أعضاء اللجنة الدستورية».
وأضاف السياسي الكردي سيامند حاجو أنهم تحدثوا إلى اليابانيين عن عمليات التغيير الديمغرافي بعموم سوريا، وفي المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي البلاد.
وكشفت اليابان عن تخصيص مبلغ 200 مليون دولار أميركي هذه السنة لتقديم الدعم للسوريين. وكانت قد قدمت منذ عام 2011 مبلغاً يزيد على 3 مليارات دولار أميركي من خلال برامج المساعدات التابعة لمنظمة ووكالات الأمم المتحدة في مجالات مختلفة، على رأسها عمليات دعم الاستقرار الزراعي، وأنشطة التربية والتعليم، وإصلاح منشآت الكهرباء.
إلى ذلك، قال «المجلس الوطني الكردي»، في بيان نُشر على حسابه الرسمي أول من أمس: «في تحدٍ سافرٍ لإرادة السوريين، وللإرادة الدولية وكل قراراتها لحل الأزمة السورية، وبهذه الظروف المعيشية الصعبة المأساوية التي يمر بها الشعب السوري، يقوم النظام الديكتاتوري في دمشق بالتحضير للانتخابات الرئاسية»، وطعن بنزاهة العملية الانتخابية، ووصفها بغير الشرعية في غياب البيئة الآمنة المحايدة. وأشار البيان إلى «غياب أكثر من ثلثي أبناء وبنات شعبنا السوري عن البلاد، بين مهجر ونازح. كما يعاني شعبنا السوري، بمكوناته القومية والدينية كافة، من ويلات القتل والتدمير والتهجير والفقر».
ويعد «المجلس الوطني الكردي» أحد الأطر الرئيسية للحركة السياسية الكردية في سوريا، إلى جانب أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» التي يقودها «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري، والأخيرة لم تعلن عن موقفها الرسمي من الانتخابات الرئاسية، حيث تسيطر على مركز محافظة الرقة ومناطق شاسعة من أرياف دير الزور وحلب والحسكة، مدعومة من تحالف دولي بقيادة أميركية.
غير أن أحزاباً كردية بارزة، مثل «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الكردي»، لم تبد أي موقف رسمي من الانتخابات الرئاسية، في وقت شدد «المجلس الكردي» في بيانه على أن النظام الحاكم انتهج سياسة عنصرية مقيتة تجاه الشعب الكردي «من تغيير ديموغرافي، وتعريب، وحرمان شعبنا من أبسط حقوقه القومية، وبسبب كل هذه السياسات الاستثنائية انخرط الشعب الكردي في الثورة السلمية في مناطقهم»، لافتاً إلى تغليب النظام الخيار العسكري «في قمع ثورة الحرية والكرامة للشعب السوري التي انطلقت لتحقيق المساواة والديمقراطية للسوريين».
وأكد بيان المجلس أن السوريين ينتظرون «تطبيق قرارات مؤتمر (جنيف 1)، وكل القرارات الدولية لحل الأزمة السورية، لا سيما القرار (2254)، لوضع حد نهائي للعنف، وتحقيق السلام». وختم البيان بالتشديد على أنهم جزء من المعارضة السورية، وناشد المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب السوريين، وعد هذه الانتخابات «غير شرعية مخلة بعملية التسوية الدولية للقضية السورية. ونحثها للضغط على النظام للانصياع للإرادة الدولية الساعية لإنجاز حل سياسي منصف ينهي مأساة السوريين، وتحقيق الحرية والكرامة لشعبها».
ومن المقرر أن تجري الانتخابات في مناطق تسيطر عليها قوات النظام في القامشلي والحسكة، على عكس مناطق تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من أميركا.



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.