الحوثيون يبددون «مليارات الزكاة» على مقاتليهم وقادتهم

فيما تتحدث الأمم المتحدة عن وجود 16 مليون شخص مهددين بالجوع

TT

الحوثيون يبددون «مليارات الزكاة» على مقاتليهم وقادتهم

تفيد تقارير الأمم المتحدة بوجود نحو 16 مليون يمني مهددين بالمجاعة. وتتجاهل الميليشيات الحوثية هذه التقارير وتقوم بإنفاق مليارات الريالات التي تجمعها تحت مسمى «الزكاة» على قادتها ومقاتليها ومراكز تعليم الفكر الطائفي وشيوخ القبائل الذين يتولون حشد الفقراء للقتال، وذلك بعد إغلاق كل سبل الحياة باستثناء الالتحاق بالجبهات للحصول على رواتب شهرية.
مصادر اقتصادية تقدر إجمالي مبالغ الزكاة التي جمعتها الميليشيات خلال هذا الشهر بأكثر من 150 مليار ريال يمني (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الجماعة) استناداً إلى قرار الهيئة التي استحدثتها الميليشيات لتتولى جمع وصرف الزكاة، حيث كان هذا المبلغ يناهز 75 مليار ريال يمني خلال العام الماضي وفقاً للبيانات المالية التي نشرتها الهيئة.
وفيما يشكك الكثير من العاملين في القطاع التجاري في دقة هذه البيانات كان اللافت في هذا أن أغلبية المبلغ صرفت لصالح المجهود الحربي ولمراكز التربية الطائفية وتزويج عناصر الميليشيات، ولأعضاء ما تسمى رابطة العلماء وهي إطار مذهبي يضم القيادات المذهبية للميليشيات.
وإذ اعتاد اليمنيون منذ الانقلاب على الشرعية انتشار المجاميع المسلحة في شوارع المدن الرئيسية الخاضعة لسيطرة الجماعة الانقلابية منذ بداية شهر رمضان لإرغام أصحاب المحال والشركات والمصانع على دفع مبالغ الزكاة المضاعفة فإن الميليشيات التي جندت هذا العام الآلاف من المراهقين أو الفقراء ضاعفت مقدار الزكاة العامة وزكاة الفطر بنسبة 100 في المائة، وأوكلت إلى جهاز المخابرات مهمة تنفيذ القرار، وطالبت أصحاب المحلات والشركات والمصانع وغيرها بتسليم ممثلي الهيئة نسخاً من أنظمتها المحاسبية للتأكد أولاً من المبالغ التي ينبغي دفعها ومراقبة ما إذا كان هؤلاء التجار يدعمون جمعيات خيرية لا تتبع الميليشيات أو عائلات لا تؤيد الانقلاب.
ويقول منير وهو صاحب متجر صغير في مدينة إب (170كم جنوب صنعاء) لـ«الشرق الأوسط»: «الحوثيون يقومون بفرض جبايات مضاعفة ومندوبوهم يأخذون نصفها ويوردون النصف الآخر، وإذا رفض مالك المحل دفع جزء من المبلغ بدون إيصال رسمي هددوه بمضاعفته عدة مرات». ويضيف: «ببساطة التجار يقومون بإضافة هذه الجبايات على أسعار السلع، وبالتالي فإن المستهلك المسكين يتحمل العبء».
وتظهر نشرة أصدرتها هيئة الزكاة الحوثية أنها جمعت العام الماضي حوالي 70 مليار ريال يمني غير الزكاة العينية من الحبوب والمواشي، إلى جانب حوالي خمسة مليارات هي زكاة الفطر على الأفراد، في حين أن الحقائق التي يتحدث عنها التجار أن المبلغ هو ضعف ما هو معلن.
وحسب نشرة الهيئة التي يرأسها القيادي في الميليشيات شمسان أبو نشطان فقد أنفقت الجماعة مليار ريال لدعم معمميها ومراكز تعليم طلبتها ومساكنهم في الجامعة كما أنفقت ثلاثة مليارات و900 مليون ريال لدعم أسر القتلى الحوثيين وأسر المقاتلين في الجبهات والأسرى وأسر المفقودين.
كما أنفقت الجماعة مليارين و250 مليوناً لتغطية نفقات حملة الدعاية التي ينفذها القيادي محمد علي الحوثي والتي يزعم من خلالها إجراء مصالحات بين القبائل وحل قضايا ثأر مزمنة وهي المبالغ التي تعطى لشيوخ القبائل الذين يتولون حشد وتجنيد المزيد من المقاتلين.
وجاء في النشرة الحوثية أنها أنفقت نصف مليار ريال لكسوة العيد والشتاء لأبناء قتلاها وأسراها، كما أنفقت 160 مليونا تحت مسمى مشروع الحقائب الغذائية لمراكز الحجر الصحي، ومبلغا غير محدد قالت إنها أنفقته لمشروع المخيمات الطبية. ولم يسمع عن هذه المخيمات إطلاقاً حيث تتولى منظمات أممية مهمة تمويل كل المستشفيات ودفع الحوافز للعاملين في القطاع الصحي منذ منع الميليشيات تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية قبل عامين حيث كانت الحكومة الشرعية تدفع الرواتب الشهرية لكل العاملين في قطاع الصحة.
وخلافاً لمصارف الزكاة التي حددها الإسلام ذكرت الهيئة الحوثية أنها صرفت ما يقارب ملياري ريال لدعم جرحاها، ومثلها لدعم المستشفيات العامة ونصف مليار لدعم عائلات الخارجين من الأسر، ونصف مليار قالت إنها أنفقته في الحديدة وبدون أي تفاصيل.
كما صرفت الجماعة ملياراً و630 مليون ريال تحت مسمى مساعدات زواج وأعراس جماعية لمقاتليها، ونصف مليار كمساعدات علاجية و600 مليون لدعم المطابخ الخيرية والأفران وموائد الإحسان و777 مليون ريال أنفقتها تحت مسمى المساعدات الطارئة، بحسب ما زعمته النشرة.
هذه المليارات لا تساوي سوى جزء بسيط مما تستولي عليه ميليشيات الحوثي من الرسوم الجمركية والضريبية وتراخيص شركات الهاتف المحمول، وعائدات ممتلكات الدولة، وتجارة المشتقات النفطية، التي توجه جميعها لتمويل مجهودها الحربي بإشراف زعيمها الذي ترك لمشرفيه في المحافظات حرية نهب ما استطاعوا من أموال وممتلكات.
هذا العبث الحوثي يأتي في وقت يصرح فيه المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، بأن الوضع الإنساني في اليمن يسقط من حافة الهاوية مع وجود أكثر من 20 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، وأن من بين هؤلاء، يجوع أكثر من 16 مليوناً من الرجال والنساء والأطفال هذا العام، وأن عشرات الآلاف من الأشخاص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وخمسة ملايين شخص على بُعد خطوة واحدة من المجاعة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.