كيف حيكت مؤامرة «السوبر ليغا»... وكيف أُجهضت؟

«المؤامرة» - كما وصفها البعض - للتحكم في مئات الملايين التي تدرها بطولات كرة القدم الأوروبية، حيكت خطوطها في دوائر قرار 12 من أهم الأندية في العالم، بقيادة ريال مدريد ورئيسه، بهدف تأسيس بطولة مقصورة على فرق 15 نادياً فقط، أي الأندية المؤسسة الـ12، وينضم إليها لاحقاً بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان. أما الأندية المؤسسة فهي: ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد (من إسبانيا) ويوفنتوس وإنترناسيونالي وإي سي ميلان (من إيطاليا) ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وليفربول وآرسنال وتشيلسي وتوتنهام هوتسبير (من إنجلترا). وينص المشروع على مشاركة هذه الأندية بصورة دائمة في البطولة، إضافة إلى خمسة أندية أخرى بنتيجة تصفيات في منافسة ثانية إذا وافق الاتحاد الأوروبي على ذلك، أو بموجب دعوة من «السوبر ليغا».
وتقول المصادر إن النية الأساسية لدى أصحاب المشروع كانت إطلاقه مطلع الصيف بعد إجراء الاتصالات اللازمة. إلا أنه بعدما تسرب أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يعد للموافقة على صيغة جديدة لبطولة الأندية الأوروبية، سارع بيريز وصديقه آندريا آنييلي رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي ورئيس رابطة الأندية الأوروبية، إلى الإعلان عن المشروع الذي كانا يعدان له منذ أشهر. وتنص الصيغة الجديدة التي أقرها أخيراً الاتحاد الأوروبي على زيادة عدد الأندية المشاركة من 32 إلى 36. وعدد المباريات من 125 إلى 227، وزيادة عدد المباريات بين الأندية الكبرى في مرحلة التصفيات الأولى. وتجدر الإشارة إلى أن بيريز حاول عام 2019 طرح مشروع مماثل مع رئيس الاتحاد الأوروبي ألكسندر سيفيرين... الذي أصبح اليوم من ألد أعدائه.
وفي تسويقهما للمشروع بين الأندية الكبرى، عرض بيريز وآنييلي تفاصيل الدعم المالي من مصرف «جي بي مورغان» الأميركي الذي وعد بتقديم قرض بقيمة 3525 مليون يورو تسددها الأندية المؤسسة على امتداد 23 سنة، إضافة إلى 4 مليارات يورو مقابل حقوق البث التلفزيوني. وكان من المقرر أن تتولى إدارة الشق المالي من المشروع شركة كي كابيتال الاستشارية الإسبانية، التي يسهم فيها أقرب مستشاري فلورنتينو بيريز رجل الأعمال الفرنسي - المغربي الأصل أنس الغراري، الذي رافق رئيس ريال مدريد في كل مراحل المشروع والمفاوضات التي أجراها مع الأندية والاتحادات والشركات المالية. وتقول المصادر إن الغراري كان المرشح لتولي منصب الأمين العام لمشروع «السوبر ليغا».
وفي وقائع هذا «الزلزال» الذي هز دعائم كرة القدم الأوروبية، أن «الخيانة» التي قضت على المشروع تقريباً في المهد، انطلقت من بعض الأندية المشاركة، وهي التي سربت موعد الإعلان عنه إلى الاتحاد الأوروبي، الذي سارع إلى استباق الخطوة بالموافقة على الصيغة الجديدة لبطولة الأندية الأوروبية، وكرر تهديده - إلى جانب الاتحاد الدولي - بطرد الأندية المشاركة في المشروع ولاعبيها من المباريات الدولية.
مع هذا، لم تمنع مبادرة الاتحاد الأوروبي بيريز وآنييلي من الإعلان عن المشروع. ويقال إن رئيس الاتحاد الأوروبي سيفيرين اتصل بصديقه آنييلي - وهو «عراب» إحدى بناته - مستفسراً عن حقيقة الوضع. وبعدما أنكر آنييلي وجود نية في إطلاق المشروع، رفض التعهد بإصدار بيان ينفي تلك الأنباء... وأقفل الخط في وجه سيفيرين، الذي لم يتردد في اليوم التالي في اتهامه علناً بالكذب.
أما فلورنتينو بيريز، في إطلالته الأولى لإطلاق المشروع، فقد حاول أن يظهر كـ«منقذ» لكرة القدم الأوروبية. إذ قال: «سننهض بكرة القدم على كل المستويات، ونرفع هذه الرياضة إلى الموقع الذي تستحقه. إنها الرياضة الوحيدة التي يتابعها أكثر من ثلثي سكان العالم، ومسؤولية الأندية الكبرى هي التجاوب مع رغبات المشجعين وطموحاتهم».
ولكن في اليوم التالي، ظهرت مؤشرات على استعداد ناديي مانشستر سيتي وتشيلسي الإنجليزيين للانسحاب من المشروع، بينما كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون - الذي كان أعلن اعتراضه - يتصل بالأندية الإنجليزية محذراً من أنها ستتعرض لكل العراقيل المالية والتنظيمية الممكنة إذا ما استمرت في المشروع. وعقبت إعلان جونسون تصريحات مماثلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز، في حين أعلن كارل هانز رومينيغه رئيس بايرن ميونيخ أن ناديه لن يشارك في المشروع الذي انهالت عليه الانتقادات من كل حدب وصوب... معلنة وفاته، وانفراط عقد الذين كان مفترضاً أن يقوم على أكتافهم.