الجزائر تحيي «اليوم الوطني للذاكرة»

في ذكرى مذابح ارتكبتها القوات الفرنسية ضد المطالبين بالاستقلال عام 1945

TT

الجزائر تحيي «اليوم الوطني للذاكرة»

ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الجزائر ستحيي، اليوم (السبت)، للمرة الأولى، «اليوم الوطني للذاكرة» المصادف للذكرى الـ76 لمجازر الثامن مايو (أيار) 1945، عندما قمعت القوات الفرنسية الاستعمارية مظاهرة مطالبة باستقلال الجزائر، ما أسفر عن آلاف القتلى في شرق البلاد، بينما تنتظر الجزائر اعتذار فرنسا عن «جرائمها الاستعمارية».
وتجري المراسم الرسمية تحت شعار «الذاكرة تأبى النسيان» في مدينة سطيف (300 كلم شرق الجزائر العاصمة) التي شهدت قمع القوات الاستعمارية لمظاهرة تطالب باستقلال الجزائر بمناسبة احتفال الحلفاء بالنصر على النازية في الحرب العالمية الثانية.
وتم إقرار تخليد الذكرى الأليمة من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، ثم صدر في يونيو (حزيران) مرسومها في الجريدة الرسمية «عرفاناً للتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري في مجازر 8 مايو 1945 وخلال اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954». وأشارت الوكالة الفرنسية، في تقريرها، إلى أن الرئيس تبون اعتبر حينها أن ما تعرض له الشعب الجزائري طيلة 132 سنة من الاستعمار (1830 - 1962) ومنها مجازر سطيف وقالمة وخراطة «جرائم ضد الإنسانية» لا تسقط بالتقادم.
كما أعلن بمناسبة إحياء الذكرى في 2020 عن «إطلاق قناة تلفزيونية وطنية خاصة بالتاريخ، تكون سنداً للمنظومة التربوية في تدريس هذه المادة التي نريدها أن تستمر حية مع كل الأجيال». وفي نوفمبر بدأ فعلاً بث قناة الذاكرة المتخصصة في تاريخ الجزائر.
ويتضمن برنامج اليوم الوطني للذاكرة ندوة بعنوان «الجرائم الاستعمارية في العالم... جريمة 8 مايو 1945 نموذجاً»، بالإضافة إلى معرض تاريخي من تنظيم «متحف المجاهد» بسطيف.
وبحسب وزارة المجاهدين، سيتم تنظيم مسيرة تجوب شوارع مدينة سطيف تحاكي المسيرة التاريخية ليوم 8 مايو 1945 وصولاً إلى المعلم التذكاري المخلد لمكان سقوط الكشاف بوزيد سعال أول ضحية في الأحداث. وفي هذا اليوم تحولت الاحتفالات بانتصار الحلفاء على النازية إلى مظاهرة مطالبة باستقلال الجزائر، تعرضت لقمع دموي على أيدي القوات الاستعمارية، ما أسفر عن آلاف القتلى. وبينما يتحدث الجزائريون عن 45 ألف قتيل، ذكر المؤرخون الفرنسيون أن عدد القتلى يتراوح بين بضعة آلاف و20 ألفاً، منهم 103 من الأوروبيين.
وبعيداً عن الخلاف حول الأرقام، فإن تدريس تاريخ الجزائر من بداية الاستعمار إلى الاستقلال مروراً بكل المقاومات حتى حرب التحرير (1954 - 1962)، يبقى من اختصاص الدولة.
ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن إحياء «اليوم الوطني للذاكرة» يأتي في وقت بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأشهر الأخيرة سلسلة «إجراءات رمزية»، في محاولة لـ«مصالحة الذاكرة» بين ضفتي البحر المتوسط، خصوصاً مع اقتراب الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
وكلف ماكرون المؤرخ الفرنسي المتخصص في حرب الجزائر بنجامان ستورا إعداد تقرير سلمه له في يناير (كانون الثاني)، وتضمن عدة اقتراحات في هذا المجال. لكن التقرير لم يلق الترحيب في الجزائر. وبحسب مصدر فرنسي مقرب من الملف، فإن «سياسة الاعتراف التي التزم بها الرئيس ماكرون ستستمر، وسيتم تنفيذ توصيات عدة جاء بها تقرير ستورا».
وتبقى مسألة الذاكرة من أهم الملفات في العلاقات بين المستعمر السابق والجزائر.
وتعرضت هذه العلاقات لضربة جديدة بعد أن ألغت الجزائر الزيارة التي كانت مقررة في أبريل (نيسان) لرئيس الوزراء الفرنسي جون كاستكس، في اللحظة الأخيرة. وفي الأيام التي تلت إلغاء الزيارة، وصف وزير العمل الجزائري الهاشمي جعبوب فرنسا بأنها «العدو التقليدي والأبدي للجزائر». واعتبر إيمانويل ماكرون، أول رئيس فرنسي مولود بعد نهاية الحرب الجزائرية، تعليقاً على هذا التصريح، أن إرادة المصالحة بين الفرنسيين والجزائريين «مشتركة بشكل واسع»، رغم وجود «بعض المقاومة» في الجزائر.
وفي فبراير (شباط) 2017، عندما كان مرشحاً لرئاسة فرنسا، زار ماكرون الجزائر ووصف، في تصريح للصحافة، احتلال الجزائر بأنه «جريمة ضد الإنسانية» و«بربرية حقيقية»، ما تسبب له في انتقادات واسعة من اليمين الفرنسي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.