تقرير يرصد تأثير «كورونا» على حقوق الإنسان في المغرب

بوعياش دعت إلى عدم التساهل مع شكاوى الاغتصاب

أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
TT

تقرير يرصد تأثير «كورونا» على حقوق الإنسان في المغرب

أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (الشرق الأوسط)

قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في المغرب (مؤسسة دستورية)، إن سنة 2020 «كانت مأساوية بكل المقاييس» بسبب جائحة كورونا، وفقدان الآلاف من الأرواح.
وأوضحت بوعياش، خلال تقديمها التقرير السنوي للمجلس، أمس، بمقر المجلس بالرباط، الذي حمل عنوان «كوفيد - 19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد»، إن التقرير ركّز على متابعة السنة الأولى من الجائحة، التي جلعت حقوق الإنسان في وضع «غير مسبوق»، معتبرة أن «مكافحة الجائحة أعطت زخماً، وشكّلت تمريناً حقوقياً متجدداً».
وسلّط التقرير الضوء على قرار إعلان حالة الطوارئ، ومنع التنقل، وتأثر قطاعي التعليم والصحة، والمحاكمات عن بُعد وأثرها على حقوق الإنسان.
وجاء في التقرير أن الجائحة أفرزت إشكالات متجددة، تتمثل في «عدم وضوح الفرق بين التظلم والظلم»، وبين «الاحتجاج والاتهام»، ما أعاد إلى الواجهة «معادلة التوازن بين حفظ النظام العام وحماية الحريات كضرورة لا مفر منها». كما أشار التقرير إلى الممارسات المرتبطة بالتعبير في الفضاء الرقمي، المتعلقة بالتحريض على العنف والعنصرية، والتمييز والكراهية، واعتبر أن النصوص القانونية التي تحكم هذه الأفعال في الفضاء الرقمي لا يمكن الاحتكام إليها للتعاطي مع هذه الممارسات حين تحدث في العالم الافتراضي. ودعا التقرير إلى إعمال مبدأ «التناسبية والضرورة» لتعزيز ضمانات حماية حرية التعبير.
وبخصوص المتابعات ضد بعض الصحافيين بتهمة الاغتصاب، قالت بوعياش إنه حين تتقدم سيدة بشكوى تعرضها للاغتصاب، وتتحدث عن ذلك أمام الرأي العام، فإن ذلك «يعد تطوراً»، لأن ذلك لم يكن ممكناً في السابق، وقالت إنه «لا يمكن التساهل مع الشكاوى بالاغتصاب»، معتبرة أن الاغتصاب يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، لكنها دعت إلى ضرورة احترام «المحاكمة العادلة»، وأن تتم المحاكمة في «آجال معقولة».
وفي إشارة إلى حالتي الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، المتابعين بتهم اعتداء جنسي، والمضربين عن الطعام، قالت بوعياش إن المجلس على اتصال مع زوجة الريسوني ووالدة الراضي.
وأضافت أن المجلس سيتابع محاكمتهما، لكنها أوضحت أن «هناك ضحايا لهما، ويجب أن يكون هناك توزان بين الشخص المتابع والضحية».
من جهة أخرى، أوضحت بوعياش أن التقرير السنوي، الذي سلمته للعاهل المغربي الملك محمد السادس ولرئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، تضمن تقارير فرعية لثلاث آليات تابعة للمجلس؛ هي الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، والآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
وأوضحت بوعياش أن الآلية الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات وضعت مدونة خاصة بحقوق الطفل، وشرعت في تلقي التظلمات، وتعمل على دعم الجمعيات التي تشتغل في هذا المجال.
أما بخصوص وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة، فأشارت بوعياش إلى صدور توصية تخص إدراج لغة الإشارة في مختلف البرامج التحسيسية، خاصة بعد أن لوحظ أن لغة الإشارة لم تستعمل خلال الحملات المتعلقة بالجائحة.
وبشأن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فإن بوعياش أكدت أنها قامت بزيارات لعدد من السجون، ودوائر الأمن، وأصدرت توصيات من أجل تطوير الممارسات الفضلى التي سجلتها، داعية إلى «حفظ كرامة الأشخاص المعتقلين داخل هذه المراكز».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».