الحكومة التونسية لطلب تفويض استثنائي من البرلمان

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT
20

الحكومة التونسية لطلب تفويض استثنائي من البرلمان

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

دعا أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» الداعمة لحكومة هشام المشيشي، إلى طلب تفويض من البرلمان التونسي بإصدار مراسيم بصفة استثنائية لمدة شهرين، وهو ما خلّف جدلاً سياسياً حاداً، خصوصاً بعد اتهام الائتلاف البرلماني الداعم للحكومة بمحاولة تجاوز الرئاسة ولجنة المالية، بخصوص اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وحاجتها لعدد من القوانين التي تتطلب موافقة هذين الطرفين.
وطالب الخليفي رئيس الحكومة بالسير على منوال رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، والتمتع بتفويض لإصدار مراسيم دون المرور الإجباري عبر البرلمان والحاجة لمصادقته. وقال إن الحزام البرلماني والسياسي لحكومة المشيشي «في شبه إجماع على منح الحكومة تفويضاً استثنائياً لإصدار المراسيم»، مؤكداً أن هذا التفويض «سيسهل عمل الحكومة في مواجهة الوضع الوبائي، والأزمة الاقتصادية»، وأنه لا علاقة لهذا التوجه بالصراع مع رئاسة الجمهورية.
ويتوقع مراقبون أن تلجأ الحكومة إلى التفويض، ليس فقط لأن جدول أعمال البرلمان مزدحم بالكثير من مشاريع القوانين التي تتطلب الحسم فيها بسرعة، بل أيضاً لأن عدم الاستقرار السياسي والخلافات العميقة بين الرؤساء الثلاثة، قد يعرقلان عدداً منها، لافتين إلى أن الحكومة «تعتزم أن تؤكد سيطرتها على الوضع السياسي في تونس، من خلال ضمان قدرتها على إصدار المراسيم لتنزيل بنود خطتها الإصلاحية، التي وزعتها إلى ستة محاور تستوجب كل منها قوانين لتنفيذها». لكن نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، نفى وجود مقترح لأي تفويض استثنائي لرئيس الحكومة، معتبراً أن ما قاله الخليفي «مجرد استنتاجات شخصية»، على حد تعبيره. وأكد أن الحكومة لم تتقدم حتى الآن بطلب رسمي للحصول على تفويض لمجابهة الأوضاع الاقتصادية والصحية الصعبة، موضحاً أن مثل هذا الإجراء «يتطلب إجراءات قانونية ودستورية، ولا مبرر لاستباق الأحداث».
لكن تقارير إعلامية تحدثت بدورها عن إمكانية حدوث هذا التفويض، وقالت إن الهدف منه تجنيب الحكومة مواجهة مبادراتها التشريعية برفض من المعارضة، ومحاولة تعطيلها في اللجان، وهي التهمة الموجهة للكتلة الديمقراطية، التي تترأس لجنة المالية، مبرزة أن التفويض «سيمكن من تجاوز عقبة رئاسة الجمهورية، التي لها القدرة على تعطيل إصدار النصوص التشريعية، وجعلها ورقة ضغط في الصراع بينها وبين الحكومة والأغلبية البرلمانية».
على صعيد آخر، اعتبر نوفل سعيد، شقيق رئيس الجمهورية، أن قانون تعديل المحكمة الدستورية المصادق عليه من قبل البرلمان في قراءة ثانية «غير دستوري»، مشيراً إلى أن التصويت الثاني «لا يغير من وضعيته شيئاً، إذ سيظل غير دستوري»، وهو موقف قد يعكس موقف الرئيس سعيد نفسه من هذا القانون.
وبخصوص استعمال رئيس الجمهورية حق الرد، أكد شقيق الرئيس التونسي أنه منح البرلمان فرصة ثانية لتدارك الوضع اللادستوري للقانون، «لكن البرلمان لم يفعل، ويبقى رئيس الجمهورية أولاً وأخيراً هو الساهر على احترام علوية الدستور، الذي أقسم على احترامه». على حد تعبيره.
وكان نوفل سعيد قد نبه إبان تفاقم الخلافات السياسية والقانونية حول قانون المحكمة الدستورية إلى إمكانية استعمال هذا القانون لعزل شقيقه من رئاسة الجمهورية.
من جهة أخرى، كشف زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، عن فحوى المبادرات التي سيطرحها رئيس الجمهورية قريباً، مؤكداً إعداد مؤسسة الرئاسة «ثلاث مبادرات تشريعية، وهي جاهزة وسيتم تقديمها في أسرع وقت».
وأكد المغزاوي أن هذه المبادرات «تتعلق بالمجلس الأعلى للتربية، ومؤسسة (فداء)، ومبادرة الصلح الجزائي مع رموز النظام السابق»، وقال إن الرئيس عبّر عن نيته مناقشة هذه المبادرات خلال مجلس وزاري. وإنه «مستعد للحوار. لكن هذا الحوار تعترضه صعوبات موضوعية لا ذاتية، كما أن المعركة ليست دستورية، بل سياسية بين تصورات مختلفة لإدارة الشأن العام»، على حد قوله.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.