الحكومة التونسية لطلب تفويض استثنائي من البرلمان

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT

الحكومة التونسية لطلب تفويض استثنائي من البرلمان

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

دعا أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» الداعمة لحكومة هشام المشيشي، إلى طلب تفويض من البرلمان التونسي بإصدار مراسيم بصفة استثنائية لمدة شهرين، وهو ما خلّف جدلاً سياسياً حاداً، خصوصاً بعد اتهام الائتلاف البرلماني الداعم للحكومة بمحاولة تجاوز الرئاسة ولجنة المالية، بخصوص اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وحاجتها لعدد من القوانين التي تتطلب موافقة هذين الطرفين.
وطالب الخليفي رئيس الحكومة بالسير على منوال رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، والتمتع بتفويض لإصدار مراسيم دون المرور الإجباري عبر البرلمان والحاجة لمصادقته. وقال إن الحزام البرلماني والسياسي لحكومة المشيشي «في شبه إجماع على منح الحكومة تفويضاً استثنائياً لإصدار المراسيم»، مؤكداً أن هذا التفويض «سيسهل عمل الحكومة في مواجهة الوضع الوبائي، والأزمة الاقتصادية»، وأنه لا علاقة لهذا التوجه بالصراع مع رئاسة الجمهورية.
ويتوقع مراقبون أن تلجأ الحكومة إلى التفويض، ليس فقط لأن جدول أعمال البرلمان مزدحم بالكثير من مشاريع القوانين التي تتطلب الحسم فيها بسرعة، بل أيضاً لأن عدم الاستقرار السياسي والخلافات العميقة بين الرؤساء الثلاثة، قد يعرقلان عدداً منها، لافتين إلى أن الحكومة «تعتزم أن تؤكد سيطرتها على الوضع السياسي في تونس، من خلال ضمان قدرتها على إصدار المراسيم لتنزيل بنود خطتها الإصلاحية، التي وزعتها إلى ستة محاور تستوجب كل منها قوانين لتنفيذها». لكن نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، نفى وجود مقترح لأي تفويض استثنائي لرئيس الحكومة، معتبراً أن ما قاله الخليفي «مجرد استنتاجات شخصية»، على حد تعبيره. وأكد أن الحكومة لم تتقدم حتى الآن بطلب رسمي للحصول على تفويض لمجابهة الأوضاع الاقتصادية والصحية الصعبة، موضحاً أن مثل هذا الإجراء «يتطلب إجراءات قانونية ودستورية، ولا مبرر لاستباق الأحداث».
لكن تقارير إعلامية تحدثت بدورها عن إمكانية حدوث هذا التفويض، وقالت إن الهدف منه تجنيب الحكومة مواجهة مبادراتها التشريعية برفض من المعارضة، ومحاولة تعطيلها في اللجان، وهي التهمة الموجهة للكتلة الديمقراطية، التي تترأس لجنة المالية، مبرزة أن التفويض «سيمكن من تجاوز عقبة رئاسة الجمهورية، التي لها القدرة على تعطيل إصدار النصوص التشريعية، وجعلها ورقة ضغط في الصراع بينها وبين الحكومة والأغلبية البرلمانية».
على صعيد آخر، اعتبر نوفل سعيد، شقيق رئيس الجمهورية، أن قانون تعديل المحكمة الدستورية المصادق عليه من قبل البرلمان في قراءة ثانية «غير دستوري»، مشيراً إلى أن التصويت الثاني «لا يغير من وضعيته شيئاً، إذ سيظل غير دستوري»، وهو موقف قد يعكس موقف الرئيس سعيد نفسه من هذا القانون.
وبخصوص استعمال رئيس الجمهورية حق الرد، أكد شقيق الرئيس التونسي أنه منح البرلمان فرصة ثانية لتدارك الوضع اللادستوري للقانون، «لكن البرلمان لم يفعل، ويبقى رئيس الجمهورية أولاً وأخيراً هو الساهر على احترام علوية الدستور، الذي أقسم على احترامه». على حد تعبيره.
وكان نوفل سعيد قد نبه إبان تفاقم الخلافات السياسية والقانونية حول قانون المحكمة الدستورية إلى إمكانية استعمال هذا القانون لعزل شقيقه من رئاسة الجمهورية.
من جهة أخرى، كشف زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة، عن فحوى المبادرات التي سيطرحها رئيس الجمهورية قريباً، مؤكداً إعداد مؤسسة الرئاسة «ثلاث مبادرات تشريعية، وهي جاهزة وسيتم تقديمها في أسرع وقت».
وأكد المغزاوي أن هذه المبادرات «تتعلق بالمجلس الأعلى للتربية، ومؤسسة (فداء)، ومبادرة الصلح الجزائي مع رموز النظام السابق»، وقال إن الرئيس عبّر عن نيته مناقشة هذه المبادرات خلال مجلس وزاري. وإنه «مستعد للحوار. لكن هذا الحوار تعترضه صعوبات موضوعية لا ذاتية، كما أن المعركة ليست دستورية، بل سياسية بين تصورات مختلفة لإدارة الشأن العام»، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.