حمدوك يؤكد أهمية الوصول لاتفاق ملزم بشأن «سد النهضة»

السودان يرفض اتهامات إثيوبية بالتدخل في نزاع تيغراي

الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان (سونا)
الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان (سونا)
TT

حمدوك يؤكد أهمية الوصول لاتفاق ملزم بشأن «سد النهضة»

الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان (سونا)
الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان (سونا)

شدد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك على أهمية الوصول لاتفاق ملزم فيما يتعلق بتشغيل سد النهضة، يسمح بالتخطيط بشكل أفضل للتنمية والإنتاج الزراعي.
وقال خلال مقابلة مع قناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، إنه من دون الوصول لاتفاق سيكون السودان «تحت رحمة إثيوبيا» في أن تعطيهم الماء اليوم، وتأخذه منهم متى شاءت، لذلك تطالب الخرطوم باتفاق ملزم في إطار القانون الدولي.
وقال حمدوك إن القضايا المتعلقة بسد النهضة هي قضايا جادة جداً وحساسة، مبيناً أنها مرتبطة بأمن وسلامة الملايين في السودان ومصر، مؤكداً أهمية المسائل التي لم يتوصل فيها الأطراف إلى حلول حتى الآن، والتي يمكن حلها في غضون أسابيع، وفقاً للقانون الدولي.
وأبان رئيس الوزراء أن السودان اقترح تحويل دور المراقبين إلى وسطاء للمساعدة في الوصول لاتفاق ملزم حول السد. وأشار إلى أن السودان لديه حدود مع 7 دول، وأن المنطقة الحدودية الوحيدة من بين هذه الدول التي ليس بها نزاع، وتم حلها منذ العام 1902 باتفاقية ترسيم الحدود في الخريطة وعلى الأرض، هي إثيوبيا، مؤكداً أن الحكومات الإثيوبية المتعاقبة اعترفت بهذه الحدود. من جهته، قال وزير الري والموارد المائية الدكتور ياسر عباس إن السودان متمسك بالتفاوض، باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل الإشكالات، بشرط تغيير منهجية التفاوض بوجود أطراف أخرى تساعد الدول الثلاث في الوصول إلى اتفاق، حسب ما أوردته وكالة الأنباء السودانية (سونا).
وأشار عباس إلى أن بلاده تعتزم تقديم إحاطة لمجلس الأمن لإعلامه بتطورات التفاوض خلال الفترة السابقة، وبما تم، أو تعذر الوصول لاتفاق حوله، كذلك إحاطتهم بالملء الأحادي لإثيوبيا. وأوضح أن بلاده لا تحتاج لزمن إضافي للتفاوض، ولكن نحتاج لإرادة سياسية للوصول لاتفاق يراعى مصالح الدول الثلاث.
وقال عباس إن المجتمع الدولي يعرف، وكذلك الإثيوبيون أنفسهم يعرفون، أثر السد والأضرار على السودان دون اتفاق. وفي غياب للمعلومات، فإن الملء الأحادي يعيق تشغيل سد الروصيرص بصورة آمنة. وعدم التشغيل الآمن لسد الروصيرص يعني أن كل ما يقع خلفه من مشروعات زراعية أو محطات شرب لا يمكن تشغيلها بالصورة المطلوبة.
وأوضح عباس أن ما يطلبه السودان لا ينتقص من حقوق إثيوبيا السيادية في توليد الكهرباء والاستفادة من سد النهضة، «ما نطلبه هو ألا يتسبب سد النهضة في أثر ذي شأن ضار بالسودان، وهذا ما يكفله لنا القانون الدولي».
وأبان الوزير السوداني أن هناك فوائد كثيرة للسودان من سد النهضة، تنتفي جميعها في حال عدم التوصل لاتفاق قانوني ملزم لملء السد وتشغيله. وقال إن السودان يطالب بتبادل معلومات بموجب اتفاق قانوني ملزم، وليس كمنحة أو هبة من إثيوبيا. وأشار إلى أن النيل الأزرق، الذي يقام عليه سد النهضة، «نهر دولي تتشاركه الدول الثلاث، ولها حق الاستخدام المنصف والمعقول لمياهه دون إحداث ضرر للآخرين». من جهة ثانية، دحضت الحكومة السودانية اتهامات إثيوبية لها بتدريب مجموعات معارضة للحكومة في إثيوبيا والدفع بها في حرب إقليم «تيغراي»، معتبرة تلك الاتهامات محاولة إثيوبية للهروب من أزماتها لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.
وطيلة فترة حرب في «تيغراي» لم تصدر أي اتهامات مباشرة أو غير مباشرة من الجانب الإثيوبي، تشير إلى تدخل السودان في النزاع، الذي استقبل على أراضيه آلاف اللاجئين الإثيوبيين الفارين من القتال في الإقليم.
وأبدت وزارة الخارجية السودانية أسفها لتصريحات حاكم إقليم «الأمهرة» الإثيوبي، التي اتهم فيها السودان بتدريب مجموعات مناوئة للحكومة الإثيوبية على الأراضي السودانية المجاورة للإقليم، والدفع بها للقتال في إقليم تيغراي.
واعتبرت الخارجية السودانية إطلاق إثيوبيا مثل هذه الاتهامات المنافية للصحة، أمراً مؤسفاً وغير مسؤول ولا يخدم قضايا حسن الجوار وأمن واستقرار الإقليم.
وأشار البيان السوداني إلى أن الحكومة الإثيوبية تسعى للهروب من أزماتها الداخلية وربطها بأطراف خارجية من أجل تحقيق مصالح سياسية داخلية. وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أقرّ في مارس (آذار) الماضي، وبعد أشهر من النفي المتكرر، بمشاركة قوات إريترية في النزاع التغراوي.
وتفيد معلومات مؤكدة أن آبي أحمد تحالف مع مجموعة الأمهرة في حرب إقليم «تيغراي»، مقابل السماح لهم بالتمدد والتوسع في منطقة الفشقة السودانية.
وتشهد حدود السودان الشرقية مع إثيوبيا توتراً ملحوظاً، بعد رفض الأخيرة الالتزام بتنفيذ اتفاقية الحدود بين البلدين 1992.
ويرفض السودان أي حديث عن وجود نزاع مع إثيوبيا بشأن الحدود، ويرى أن المسألة محسومة باتفاقيات مبرمة بين البلدين، وتبقّى فقط الاتفاق على وضع العلامات الحدودية. وأعادت القوات المسلحة السودانية انتشارها داخل أراضيها، والسيطرة على أكثر من 80 في المائة من المناطق التي كانت تحتلها إثيوبيا.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.