مطالب أممية بـ«المحاسبة» و«منع الإفلات من العقاب» في إيران

أهالي ضحايا إعدامات صيف 1988 يجتمعون في مقبرة خاوران التي تضم قبوراً جماعية مجهولة لسجناء سياسيين (هرانا)
أهالي ضحايا إعدامات صيف 1988 يجتمعون في مقبرة خاوران التي تضم قبوراً جماعية مجهولة لسجناء سياسيين (هرانا)
TT

مطالب أممية بـ«المحاسبة» و«منع الإفلات من العقاب» في إيران

أهالي ضحايا إعدامات صيف 1988 يجتمعون في مقبرة خاوران التي تضم قبوراً جماعية مجهولة لسجناء سياسيين (هرانا)
أهالي ضحايا إعدامات صيف 1988 يجتمعون في مقبرة خاوران التي تضم قبوراً جماعية مجهولة لسجناء سياسيين (هرانا)

غداة مطالبة عشرات من المسؤولين السابقين في الأمم المتحدة وخبراء حقوق الإنسان بفتح تحقيق في عمليات القتل الجماعية التي نفذها النظام الإيراني ضد معارضيه عام 1988، أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» أن إنشاء لجنة تحقيق دولية «قرار تتخذه الدول الأعضاء»، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة «المحاسبة» على «الانتهاكات الجسيمة» التي تحصل في إيران. ووجه أكثر من 150 من الخبراء في مجالي القانون الدولي وحقوق الإنسان، وبينهم مسؤولون كبار سابقون في الأمم المتحدة، مثل المفوضة السامية السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ماري روبنسون والنائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة مارك مالوك براون ونائبة رئيس الوزراء الكندي السابق كيم كامبل والمشرع الديمقراطي الأميركي السابق باتريك كينيدي، رسالة إلى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحضّه على «إجراء تحقيق دولي» ينظر في قتل سجناء سياسيين، من بينهم أتباع «مجاهدي خلق» الإيرانية، والذي حدث صيف 1988 بأمر من الخميني، «مرشد» إيران آنذاك.
وقالت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارتا هورتادو لـ«الشرق الأوسط»: «يمكننا أن نؤكد أننا تلقينا هذه الرسالة عبر البريد الإلكتروني»، مضيفة أيضاً أن المكتب أكد تسلم الرسالة لأحد الموقعين الرئيسيين «الذين نتواصل معهم». وأوضحت أن «جزءاً من الرسالة متاح للجمهور».
وقال الموقعون على الرسالة إن «هناك إفلاتاً منهجياً من العقاب يتمتع به أولئك الذين أمروا بتنفيذ عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء»، مضيفين: «يواصل كثير من المسؤولين المعنيين شغل مناصب في السلطة، بما في ذلك الهيئات القضائية والنيابة العامة والهيئات الحكومية الرئيسية». وأوردت الرسالة أسماء مجموعة من الأشخاص الذين يعتقد أنهم متورطون في عمليات القتل، والتي بلغ عددها الآلاف، ومن بينهم وزير العدل الإيراني الحالي السيد علي رضا آوايي. وقالوا أيضاً إنهم «يناشدون مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في إيران من خلال إنشاء لجنة تحقيق في عمليات الإعدام الجماعية خارج نطاق القضاء وحالات الاختفاء القسري لعام 1988». وحضوا المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليت على دعم إنشاء هذه اللجنة.
غير أن هورتادو لفتت إلى أن «إنشاء لجنة تحقيق دولية هو قرار تتخذه الدول الأعضاء» في مجلس حقوق الإنسان، مستدركة أنه «مع ذلك، أبلغنا نحن والمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران عن استمرار الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران»، علماً بأن «الدعوة إلى المحاسبة هي قضية دعت إليها مفوضية حقوق الإنسان والمفوض السامي مراراً وتكراراً».
ودافع المسؤولون الإيرانيون أخيراً عن عمليات الإعدام، معتبرين أن المعارضين «إرهابيون». وطالت الإعدامات في البداية أعضاء «مجاهدين خلق»، ولكنها شملت لاحقاً أعضاء جماعات أخرى.
وكانت الحكومة الكندية وصفت عام 2013 أن عمليات القتل التي ارتكبتها إيران عام 1988 بأنها «جريمة ضد الإنسانية».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».