قلق على مسار الانتخابات الليبية رغم التطمينات الأممية

بعد أن أحال كوبيش مسودة القاعدة الدستورية إلى «ملتقى الحوار»

صورة أرشيفية لانتخابات المؤتمر الوطني العام في بنغازي عام 2012 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لانتخابات المؤتمر الوطني العام في بنغازي عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

قلق على مسار الانتخابات الليبية رغم التطمينات الأممية

صورة أرشيفية لانتخابات المؤتمر الوطني العام في بنغازي عام 2012 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لانتخابات المؤتمر الوطني العام في بنغازي عام 2012 (أ.ف.ب)

في مسعى لتبديد المخاوف الليبية بشأن تأجيل الانتخابات المقبلة، أحال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، أول من أمس، مقترحا بشأن «القاعدة الدستورية» للانتخابات إلى الجلسة العامة لملتقى الحوار السياسي الليبي، وسط ترقب رسمي وشعبي لتاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية والعامة بالبلاد، وتطلع الليبيين لـ«ابتعاد بلادهم عن شبح الصراعات والفوضى الممتدة طيلة عقد كامل».
ووفقاً لبيان نشره موقع البعثة الأممية في ليبيا، سيدعو كوبيش إلى «جلسة عامة افتراضية لملتقى الحوار السياسي الليبي، بعد فترة وجيزة من عطلة عيد الفطر المبارك، كي يتسنى للملتقى مناقشة مسودة مقترح المقدم من اللجنة القانونية به». مشيرا إلى أنه «في إطار التزام الأمم المتحدة الكامل بإجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول)، فقد دعا المبعوث (أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي) إلى الاسترشاد في مناقشاتهم بروح التسوية، ووضع مصالح كافة الليبيين، والأجيال القادمة فوق كل اعتبارات».
وعبر عضو مجلس النواب الليبي، محمد عامر العباني، عن مخاوفه من تأجيل الانتخابات في حديثه إلى «الشرق الأوسط» قائلاً إن «بعض النواب المستفيدين من الفوضى الراهنة يهدفون بالفعل إلى إرجاء الاقتراع ليتمكنوا من الاحتفاظ بمقاعدهم البرلمانية، وهم يعلمون جيدا أن حصيلة أدائهم طيلة السنوات الماضية لن تدفع الناخبين في دوائرهم إلى ترشيحهم مجدداً، وبالأساس هناك تململ عام من تمديد المجلس لعمره».
واتهم العباني «الأقلية» داخل البرلمان بـ«إثارة العراقيل، وأخطرها العمل على إيجاد تباعد زمني لعقد الاجتماعات، مما قد يخل بالموعد المحدد سلفا لعقد الانتخابات».
وكان مجلس النواب الليبي قد مدد في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015 فترة عمله، وذلك قبل أيام من موعد انتهائها. وفي هذا السياق، ذكر فرج هاشم، المتحدث باسم مجلس النواب آنذاك، أن البرلمان «وافق على تمديد تفويضه إلى أن يتمكن من تسليم السلطة لجهة منتخبة جديدة».
أما رئيس «اللجنة الليبية لحقوق الإنسان» في ليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، فقد أشار إلى ما اعتبره «محاولات البعض في مجلسي الدولة والبرلمان لإفشال مسار إجراء الانتخابات، عبر العمل على تغيير مجلس المفوضية الوطنية للانتخابات»، قائلا في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن «قرار التغيير في هذا التوقيت الحساس والدقيق هو تخريب ممنهج ومقصود لإفشال العملية الانتخابية بأكملها».
لكن عضو مجلس الأعلى للدولة، عبد القادر إحويلي، يختلف مع الطرح السابق، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد عرقلة من المجلسين للانتخابات، بل إنهما يسعيان على قدم وساق لإنجاز الاستحقاق، وتغيير رئيس ومجلس المفوضية العليا للانتخابات لن يؤثر على عمل المفوضية، كونها تعمل عبر إدارات».
وكان كوبيش قد واصل خلال الفترة الماضية اتصالاته مع الأطراف الليبية الفاعلة لدفع إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، حيث التقى برئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح لمناقشة خريطة الطريق، التي ستقود إلى الأول من يوليو (تموز) كتاريخ للبدء الفعلي في تنفيذ الانتخابات المرتقبة. كما عقد المبعوث الخاص لقاءً مع وزيرة العدل بحكومة الوحدة، حليمة عبد الرحمن، لبحث دور وزراتها في إنجاح الاستحقاق الانتخابي.
أما النائبة ربيعة أبو راس فقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من الموضوعية تفسير تخوف بعض النواب، أو أعضاء مجلس الأعلى للدولة من حصيلة نتائج الانتخابات القادمة بكونها مجرد حرص البعض على الاحتفاظ بمقاعدهم البرلمانية أو مواقعهم داخل مؤسساتهم». موضحة أن «مخاوف البعض قد تكون مبررة في ظل استمرار ما تمر به البلاد من أزمات، وعدم تطبيق مرتكزات المرحلة الانتقالية على أرض الواقع، كخروج المرتزقة، وعودة النازحين والمهجرين، وإرساء العدالة الانتقالية، ومعالجة الأوضاع الأمنية، واستمرار الإفلات من العقاب، وكل هذه المشاكل مستمرة ونحن نقترب من موعد الانتخابات».
وأضافت أبو راس مستدركة أنه «يجب على الجميع أن يرضخ لإرادة الشعب الذي سيقرر في الأخير مصيره، أما مطلب تغيير رئيس المفوضية لكونه من المناصب السيادية فهو متضمن بخريطة الطريق الأممية، التي نتجت عن ملتقى الحوار السياسي، وليس قرار أشخاص ونواب وأعضاء بعينهم». معتبرة أن الوقت «قد يكون بالفعل غير مناسب فيما يتعلق بتغيير مجلس المفوضية ورئيسها، الذي يعمل بشكل جيد، ويحاول قدر الإمكان تذليل العقبات من أجل إنجاح الانتخابات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.