بعد سنوات طويلة... ما الأسباب التي قد تدفع زوجين مثل بيل وميليندا غيتس للانفصال؟

مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس وزوجته ميليندا (رويترز)
مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس وزوجته ميليندا (رويترز)
TT

بعد سنوات طويلة... ما الأسباب التي قد تدفع زوجين مثل بيل وميليندا غيتس للانفصال؟

مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس وزوجته ميليندا (رويترز)
مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس وزوجته ميليندا (رويترز)

بالنسبة للكثير من الناس، ظهر بيل وميليندا غيتس دائماً على أنهما قدوة للمتزوجين: علاقتهما ليست ساحرة للغاية، ولكنها موثوقة ومن غير المرجح أن تنهار. لذلك، عندما أعلنا في 3 مايو (أيار)، بعد 27 عاماً من الزواج، أنهما «لا يتمكنان من النمو معاً بعد الآن»، وقررا الانفصال، أصيب الجميع بالذهول، وفقاً لمجلة «تايم».
وضجت شبكة الإنترنت بالتكهنات حول ما يعنيه ذلك فيما يرتبط بمؤسستهما «بيل وميليندا غيتس» التي تعنى بالعمل الخيري والصحة العالمية، ومستقبل التكنولوجيا وسوق الأسهم. إلى جانب ذلك، كان هناك نقاش أكثر هدوءاً وحزناً. ماذا حدث؟ إذا لم يتمكن بيل وميليندا، مع كل هذه الأموال، ومشروع مشترك له تأثير حقيقي، ثلاثة أطفال و27 عاماً من المعرفة، من الحفاظ على زواجهما، فما هو الأمل المتبقي لنا؟
ورغم أن إعلان الزوجين كان صادماً، فإنه ليس بالأمر النادر. في السنوات الأخيرة، انخفض معدل الطلاق بين جميع الأزواج، مع استثناء ملحوظ: أولئك الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً. في حين أن معظم الأشخاص الذين يريدون الطلاق يفعلون ذلك خلال السنوات القليلة الأولى من زيجاتهم، فإن هذا الجيل الذي يبلغ من العمر 50 سنة وأكثر (ميليندا 57 عاماً، وبيل 65) أكثر عرضة للطلاق، وهو اتجاه ملحوظ بما يكفي لاكتساب اسمه الخاص: الطلاق الرمادي.
ويقول يسرائيل هيلفاند، الذي يدير مع زوجته كاثي برامج لمدة ثلاثة أيام في فيرمونت للأفراد من أصحاب الثروات العالية الذين توشك زيجاتهم على الفشل: «لقد كان الأمر أكثر شيوعاً حقاً». كما ولاحظا أن العديد من عملائهما هم في مرحلة التقاعد.
وقال هيلفاند: «أعني، الأشخاص يعيشون لفترة أطول وأكثر صحة في سنهم الأكبر، كما ويرون أيضاً المزيد من الفرص. وهكذا أصبح الناس أكثر انتقائية قليلاً بشأن مستوى سعادتهم، ولا يريدون المساومة».
وبينما لا يعرف أحد ما الذي حدث بالفعل باستثناء بيل وميليندا، هناك موضوعات يراها المعالجون متكررة بين الأزواج في هذه المرحلة من حياتهم. الأول هو أن الناس يمكنهم تحمل تكلفة الانفصال. في هذه المرحلة المتقدمة، خاصة إذا كان الشريكان يعملان، قد يكون كل فرد ثرياً بما يكفي لتحمل تكلفة الانفصال.
يمتلك الزوجان غيتس حوالي 130 مليار دولار من المرجح أن يتم تقسيمها بينهما. يقول سكوت ستانلي، أستاذ الأبحاث والمدير المشارك لمركز الزواج والأسرة في جامعة دنفر: «أولئك الذين ليس لديهم ضغوط مالية لديهم قيود أقل على البقاء معاً إذا واجهوا فترة زمنية يكونون فيها أقل سعادة...عندما يكون لدى الناس الكثير من البدائل، بما في ذلك الجانب المادي، فسيجدون أنه من الأسهل التخلي عن الزواج عندما تصبح المسافة كبيرة جداً».
ومع ذلك، في العام الماضي، بدا أن الزوجين غير بعيدين عن بعضهما. في ذكرى حفل زفافها السادس والعشرين، شاركت ميليندا منشوراً على حسابها على «إنستغرام» أشارت فيه إلى أن يوم رأس السنة الجديدة كان دائماً مميزاً بالنسبة لها لأنه كان «فرصة للاحتفال بالزواج» من بيل. وأضافت: «ما زلت أتعجب من مدى امتلاء قلبي... ذكرى سنوية سعيدة للرجل الذي يجعلني أرقص طوال الحياة».
وهناك عامل آخر يواجهه العديد من المعالجين وهو ما يسمى بـ«متلازمة العش الفارغ». تتراوح أعمار أبناء عائلة غيتس من 18 إلى 25 عاماً، وقد انتهت مرحلة الأبوة والأمومة المكثفة. لاحظت ابنتهما الكبرى جينيفر، وفق ما قالته عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 3 مايو، أن الفترة الأخيرة كانت «صعبة لعائلتنا بأكملها» وأنها كانت تحاول تقديم الدعم لأفراد الأسرة الآخرين.
ويجد العديد من الأزواج أنه عندما يتوقفون عن تربية الأطفال معاً، فإن لديهم القليل من المشاريع أو الاهتمامات الأخرى المشتركة. يجد الآخرون أن الوقت قد حان لإلقاء نظرة أخرى على ما يريدونه حقاً من الحياة. يقول جون غوتمان، الذي يدير برنامجاً مع زوجته جولي، والذي لا يزال كتابه الذي صدر عام 2015 بعنوان «المبادئ السبعة لإنجاح الزواج» أحد أفضل الكتب مبيعاً: «لقد حان الوقت لإعادة تقييم ما تحمله العلاقة لكل منهم كأفراد».
وأضاف «إذا تآكل جزء من العلاقة، الرومانسية، والعاطفة، والمغامرة الجماعية، فإن الكثير من الأزواج يأخذون ذلك كوقت لإنهاء العلاقة ودياً. وأعتقد أنه من نواح كثيرة، ربما عاش بيل وميليندا حياة متوازية للغاية. إنهما مشغولان كثيراً، وكلاهما يفكران بشكل مستقل».
وأعلن بيل، وهو مدمن عمل، في مارس (آذار) 2020 عن نيته التراجع عن ترأس مجلسي إدارة «مايكروسوفت» و«بيركشاير هاثاواي»، وعن أمله في قضاء المزيد من الوقت بالعمل في مؤسسة «بيل وميليندا غيتس». ولكن حتى داخل المؤسسة، طور الاثنان اهتمامات مختلفة. يركز بيل على تغير المناخ والصحة. تنشط ميليندا بشكل متزايد في القضايا التي تؤثر على النساء والفتيات. عندما بلغت الخمسين من عمرها، أخبرت «تايم» أنها لم تعد تحضر اجتماعات حول العلوم والطب في المؤسسة. وقالت: «أنا على ثقة من أن بيل يمكنه إدارة ذلك... سآخذ المزيد من الاجتماعات حول قضايا النساء والفتيات والأجزاء الثقافية لتغيير السلوك». وتمتلك ميليندا أيضاً مؤسستها الخيرية الخاصة «بايفوتال فانتشيرس»، منذ عام 2015.
في الواقع، كما يقول غوتمان، ربما يكون عملهما للمؤسسة قد ساهم في انفصالهما. ربما لم يكن لديهما الوقت الكافي لمنح بعضهما البعض ما يحتاجه الزواج العملي. وتقول جولي غوتمان: «لقد كانت لديهما الشجاعة وكذلك الموارد لمعالجة أكبر المشاكل التي نعاني منها في البشرية»، مضيفة أنه يجب أن يكون من الصعب إعطاء الأولوية لزواجك على قضايا مثل الفقر والمرض في العالم.
ويقول العديد من المعالجين إن أحد الأسباب الرئيسية وراء انفصال الأزواج من هذا النوع هو أن أحدهم كان على علاقة غرامية. لا يوجد أي تلميح لذلك في أخبار بيل وميليندا غيتس، لكن القوى التي تؤدي إلى علاقة غرامية يمكن أن تؤدي أيضاً إلى فسخ الزواج.
ويشير خبراء زواج آخرون إلى بيان عائلة غيتس باعتباره كل التفسير المطلوب. تقول المعالجة ومؤلفة الكتب دافنيه دي مارنيف إنها صُدمت من مدى أهمية الصياغة التي استخدماها في «قرارات الطلاق في منتصف العمر». وتابعت: «عندما يقولان إنهما لا يؤمنان بإمكانية النمو معاً كزوجين بعد الآن»، فربما يعبران عن قلة الأمل في استعادة الانسجام والسرور في العمل والعاطفية. وترفض مارنيف احتمال أن يكون هذا الطلاق متسرعاً على غرار أزمة منتصف العمر، وتشير إلى أنه قد يكون في الواقع جيداً، وقد يجعلهما أكثر سعادة.



«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)

يلتزم بعض أصحاب الغاليريهات بتنظيم معارض رسم ونحت وتجهيزات فنيّة رغم أوضاع صعبة يعيشها لبنان... فالحرب أصابت معظم هذا القطاع بشلل تام، ولكن هذا التوقف القسري يقابله أحياناً الخروج عن المألوف. ومن باب إعطاء اللبناني فسحة أمل في خضمّ هذه الأجواء القاتمة، قرر مركز «ريبيرث بيروت» الثقافي إقامة معرضه للفنون التشكيلية. فقلب الجميزة عاد ينبض من جديد بفضل «كولكتيف ريبيرث» (ولادة جديدة جماعية)، وشهد افتتاحه حضوراً ملحوظاً. «سمر»، المشرفة على المعرض تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كان لا بد من العودة إلى النشاطات الفنية. وتتابع: «جميعنا مُتعبون ونشعر بالإحباط. ولكننا رغبنا في كسر الجمود بمعرضٍ يزوّدنا بمساحة ضوء، ويسهم في تبديل حالتنا النفسية. وقد لبّى دعوتنا نحو 12 فناناً تشكيلياً».

جوي فياض تعرض أعمالها من الريزين (الشرق الأوسط)

لوحات زيتية، وأخرى أكليريك وزيتية، وتجهيزات فنية، حضرت في هذا المعرض. ومن المشاركين لاريسا شاوول، وجوي فياض، وكارلا جبور، وإبراهيم سماحة، ومها حمادة، ودانيا خطيب، وغيرهم... كلٌ منهم عبّر عن رغبته في التجديد والانكباب على الحياة.

ندى بارودي تعرض أكثر من لوحة تحت عنوان «الطبيعة». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تربطني بالطبيعة علاقة وطيدة، لا سيما بالأشجار وأوراقها. فهي تذكرني بالأرض وجذورنا. أما الأوراق فتؤكد لنا أننا في حالة تجدّد دائم. وبين كل فصل وآخر نراها تموت لتعود وتولد مرة جديدة. وهو الأمل الذي نحتاجه اليوم في ظروف صعبة نعيشها». وترسم ندى لوحاتها بريشة دافئة تترجم فيها فصول السنة، بألوان الزهر؛ الأصفر والأخضر والبرتقالي. رسمت ندى بارودي لوحاتها في أثناء الحرب. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكثر الضغوطات حولي أفرّغها بالرسم. وخلال الحرب شعرت بحاجة إلى الإمساك بريشتي، فمعها أخرج عن صمتي، وتحت أصوات الانفجارات والقصف كنت أهرب إلى عالمي، فأنفصل تماماً عمّا يجري حولي، لألتقط أنفاسي على طريقتي».

دانيا مجذوب... لوحاتها تتراوح بين الرسم والفوتوغرافيا (الشرق الأوسط)

في جولتك بالمعرض تكتشف في أعماله أساليب فنية مختلفة، منها لوحات فوتوغرافية ولكنها منفذة بتقنية جديدة؛ فيدخل عليها الطلاء. دانيا مجذوب اختارت هذا الأسلوب ليشكّل هوية خاصة بها. وتضيف: «أجول في مختلف المناطق اللبنانية وألتقط مشاهد تسرق انتباهي».

لوحاتها المعروضة تجسّد مناطق بيروتية. تشرح: «جذبتني هذه الأبنية في وسط بيروت، وبالتحديد في شارع فوش. وكذلك انتقيت أخرى مصنوعة من الحجر القديم في زقاق البلاط والسوديكو. أطبع الصور على قماش الكانفاس لأعدّل مشهديتها بالطلاء».

كي تُبرز دانيا أسلوبها تستخدم الطلاء بالألوان البرّاقة... «هذه الألوان، ومنها الذهبي، تطبع اللوحة بضوء ينعكس من أرض الواقع». عمل دانا بتفاصيله الدقيقة توثّق عبره بيروت؛ مدينة الأجيال... «الصورة تبقى الطريقة الفضلى لنتذكّر مشهداً أحببناه. ويمكننا عدّ الفن الفوتوغرافي تخليداً لموقع أو مكان وحتى لمجموعة أشخاص».

وكما نوافذ بيوت المدينة العتيقة، كذلك تتوقف دانا عند أبوابها وشرفاتها، فهي مغرمة بالأبنية القديمة، وفق قولها. وتستطرد: «أهوى الرسم منذ صغري؛ ولذلك حاولت إدخاله على الصورة الفوتوغرافية».

الفنان إبراهيم سماحة أمام لوحته «بيروت»... (الشرق الأوسط)

من اللوحات المعروضة في «كولكتيف ريبيرث» مجموعة الفنان إبراهيم سماحة، فهو ينفذها بالطريقة ثلاثية الأبعاد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتمد في تقنيتي التقنيةَ نفسها المتبعة في تنفيذ الأيقونات. أرسم المدينة على ورق الفضة لينعكس الضوء عليها. من ناحيتي أهتم بإبراز الظل، وتأتي هذه التّقنية لتضفي عليه النور. وكما يتغير انعكاس الضوء في حياتنا، كذلك باستطاعته أن يبدّل في مشهدية لوحة معينة». إحدى لوحات سماحة صورّها من مبنى «البيضة» وسط العاصمة، ونفذّها لتبدو متدرّجة بين قسمين، فيُخيّل إلى الناظر إليها أنه يشاهد مدينتين أو «بيروتين» كما يذكر سماحة لـ«الشرق الأوسط». ويوضح: «أبدأ بتلقف الفكرة، ومن ثم أنقلها على الخشب. وفي لوحاتي، رسمت بيروت في أثناء الجائحة. وكذلك درج مار نقولا وشارع مار مخايل والجميزة قبل انفجار المرفأ وبعده».

معرض «ولادة جديدة جماعية» في منطقة الجميزة (الشرق الأوسط)

تكمل جولتك في المعرض، فتستوقفك تجهيزات فنية ومنحوتات لجوي فياض. جميعها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموسيقى. كما يطبعها الخيال والحلم، فيشعر الناظر إليها بأنها تحلّق في الفضاء. وتقول جوي لـ«الشرق الأوسط»: «كل لوحاتي تحكي لغة الحب، فهو في رأيي أهم ما يجب الاعتناء به وتكثيفه في حياتنا. ولأني أعمل في مجال الغناء؛ فإنني أربطه بالموسيقى».

في لوحتها «الرجل المشع»، تصوّر جوي شخصاً يمسك بقلبه الحديدي كي ينثر جرعات الحب فيه على من يمرّ أمامه، وقد صنعته من مواد الريزين والحديد وطلاء الأكريليك. وتضيف: «بالنسبة إليّ، فإن الحب هو الأساس في أي علاقة نقيمها... مع شريك الحياة والأب والابن والصديق والأم. وفي لوحة (الرجل المشع) نراه يُخرج قلبه من جسده كي يوزّع الحب وينثره. وهو أسلوب تتداخل فيه فنون عدة ليؤلف مشهدية تشبه ثلاثية الأبعاد».

ومن أعمال فياض المعروضة «تركني أحلم»، وهو منحوتة مصنوعة من الريزين أيضاً، ونرى رجل فضاء يسبح بين السماء والأرض التي يخرج منها الضوء.

وفي منحوتة «أنحني لتاجك» تترجم رؤية فلسفية عن الحب... «هناك علاقة وطيدة بين العقل والقلب، وهذا الأخير أَعُدّه تاج الإنسان. ولذلك علينا الانحناء أمامه من أجل إبراز قيمته المعنوية في حياة الإنسان».